توقعات بتصعيد خلال الفترة الفاصلة عن زيارته
وفد وزاري أميركي أوروبي يصل الأسبوع المقبل سعياً إلى هدنة
| كتب إيليا ج. مغناير |
1 يناير 1970
07:33 م
«إنه العدوان الاسرائيلي الثالث على غزة وليس الأول ولن يكون الأخير، لقد دُمرت بيوت وزُهقت أرواح، هناك خوف وقلق ودمار ولكن هناك فخرا بإنجازات المقاومة وقدراتها، هي التي أمهلت اسرائيل 60 دقيقة قبل ان تقصفها بصواريخ الى عمق تل أبيب... لقد أُثلجت صدورنا وسط نار جهنم التي تصبّها اسرائيل علينا».
... قالها المواطن الغزاوي أبو محمد لـ «الراي» وهو قابع امام مستشفى غزة، مضيفا: «نعم فقد أعلنت كتائب القسام انها ستقصف تل أبيب قبل ساعة من موعد حصول القصف، وأعطت اسرائيل التي تملك كامل السيطرة الجوية فوق غزة الفرصة لتتحوّط بها، لتنطلق الصواريخ باتجاه تل أبيب دون ان تستطيع فعل اي شيء لوقفها، فلا الطائرات من دون طيار ولا طائرات أف 16 أوقفت وابل الصواريخ».
واضاف: «نعم صحيح أن صواريخ القسام والجهاد الاسلامي والأقصى لم توقع اي قتيل اسرائيلي حتى يومنا هذا وان اسرائيل أوقعت اكثر من 170 قتيلاً وأكثر من 1100 جريح فلسطيني، الا ان وقع الصواريخ دفع بأكثر من 5 ملايين اسرائيلي الى الملاجئ ضمن دائرة 200 كيلومتر حول غزة. فقد عرضت حماس وفصائل المقاومة قدرتها على استخدام صواريخ سورية الصنع واتبعت نفس السياسة العسكرية بعد اخذ العبر من تجرية حزب الله في حرب 2006 مع اسرائيل ليتم استخدام اسلوب ليس فقط تواصل القصف اليومي ولكن ايضاً زيادة القصف وعدد الصواريخ اليومية التي تغادر سماء غزة باتجاه المدن والمستوطنات الاسرائيلية. وقد كثفت اسرائيل من قصفها لغزة واستخدمت فيها الأذرع الأربعة العسكرية فكان هناك هجوم بحري استخدمت فيه قوات الشتايت 113 في انزال مؤمن على شاطئ غزة كاستطلاع بالقوة لاختبار نقاط الضعف والجهوزية، الا ان هذه القوة انسحبت. وكذلك تستخدم اسرائيل المنشورات التي تسقطها فوق غزة لتطالب السكان بالمغادرة قبل قصفهم».
وقال طارق سمير لـ «الراي» ان «ضابطاً من المخابرات الاسرائيلية اتصل به ليقول له ان لديه دقيقة واحدة لمغادرة منزله قبل ان تقصفه الطائرات الاسرائيلية، وبالفعل فقد جمعت حاجياتي وعائلتي وبقي معي الضابط على الخط وعندما قلتُ له انني اصبحت خارج المنزل سقط صاروخ بعدها بثوان قليلة لتصيب الشظايا المتطايرة بعض افراد العائلة».
واستطاعت المقاومة الفلسطينية خلال اسبوع من بدء المعركة قصف مناطق عديدة داخل اسرائيل مثل كيسوفيم، وبيئري، ورعيم، وحوليت، ومفتاحيم، وحيفا، وتل ابيب والمطارات المحيطة بغزة كمطار بن غوريون وغيرها من مناطق مختلفة، ما يدل على ان التعاون العسكري وتهريب السلاح من السودان وسورية ولبنان ومصر على قدم وساق، حتى ان غزة استخدمت كلمة «الوعد الصادق» كدلالة على وفاء المقاومة الفلسطينية باستمرار قصف اسرائيل، كما وعدت، تيمناً بنفس الكلمة التي كان اطلقها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في حرب 2006 مع اسرائيل.
الا ان الكلام ليس فقط للسلاح بل ايضاً للديبلوماسية، فقد علمت «الراي» ان هناك مفاوضات تجري اليوم بوساطة قطرية - غربية للبحث في وقف إطلاق النار وإنزال الجميع عن الشجرة التي صعدوا اليها دون معرفة طريقة النزول وحدهم، ولهذا فان من المتوقع ان يتدخل الاسبوع المقبل وفد وزاري غربي من الولايات المتحدة وأوروبا لوقف الحرب الدائرة في غزة مما يدل على ان القصف وتبادل القصف سيستمر خلال الاسبوع المقبل بكثافة الى حين ايجاد حل شبيه بالاتفاق الذي أعقب عملية «عامود السحاب» عام 2012 والذي يعيد الامور الى ما كانت عليه مع دمار يفوق بمئات الملايين من الدولارات بعد تدمير البنية التحتية الغزاوية من قبل طيران تل ابيب.
وتؤكد المصادر الحكومية في غزة ان «اي اتفاق غير ناضج اليوم لأن الكلام للسلاح، ولكن اسرائيل لن تُقْدم على اجتياح غزة لأن المقاومة أثبتت قدرتها في ظل وجود أسلحة لم تُستخدم بعد وتخشاها اسرائيل ولا سيما انه لم تسقط اي ضحية اسرائيلية لغاية اليوم، ما يدفع برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الامتناع عن دخول غزة وتفادي الصدام المباشر الذي يمكن ان يسبب خطف جنود او قتلهم في ارض المعركة، ولذلك فان من المتوقع الا تكون هناك اي معركة برية داخل غزة».
وفتحت مصر معبر رفح مع غزة للصحافيين وعاملي الاغاثة والجرحى ذوي الحالات الحرجة وللاجانب المغادرين، وقد ترك المدينة عدد كبير من حاملي الجنسية الاميركية وغيرها هرباً من القصف العشوائي.
وطال هذا القصف مباني حكومية متعددة ومدارس ومساجد ومراكز للمعوقين ومختبرات طبية ومنازل ناشطين وأكثرها للمدنيين ما يدل على ان الخسائر غير البشرية فادحة ومستمرة لأن القصف لن يتوقف ابداً خلال الايام المقبلة الى حين نضوج ملامح الحل كلياً.
وفي هذه الاثناء فان سكان غزة ما زالوا فيها، الا ان شوارعها اصبحت خالية من المارة خوفاً من الطائرات من دون طيار التي تزرع الرعب في قلوب الناس. ومما لا شك فيه ان غزة قبل القصف لن تعود كما غزة بعد القصف خصوصاً ان دول الشرق الاوسط اصبحت اقل اهتماماً بما يحصل لـ «حماس» وغزة بسبب الخيارات السياسية التي اتخذتها “حماس” في الأعوام الماضية.