الشباب: «الواسطة»... الكلمة الأكثر تداولاً في جميع مؤسسات الدولة

1 يناير 1970 09:23 ص
• أحمد الفضلي: الواسطة تمثل مشكلة حقيقية في كل مكان

• أحمد الشمري: بعض القياديين سيّسوا الواسطة وجعلوها هي المدخل الأول والأخير لقضاء المعاملات وإنجازها

• فهد الخالدي: ما أبشع ظلم الواسطة حينما يتعلق الأمر بمصير وحياة الناس

• محمد الهاجري: ازداد حجم الحاجة إلى الواسطة في المجتمع ووصل الأمر الى التعامل بالرشاوى

• سلطان القحطاني: من يستخدم الواسطة هو الشخص الذي لا يملك الخبرة والكفاءة

• صلاح بن ناجي: الخلل يكمن في الجهات التي تستقبل وترضى بالواسطة

• حسين الفضلي: الواسطة تعوق الشباب في حياتهم وتقتل طموحاتهم

• عبدالله الحليل: الواسطة هي السبب في مشكلة التوظيف لدى الشباب

• عبدالعزيز المغري: الواسطة أصبحت وسيلة لنجاح موظف أو فوز مرشح في الانتخابات
ربما لو وضع عدّاد معين لحساب أكثر وأهم كلمة يستخدمها المواطن أو حتى المقيم وهو ينتقل بمعاملاته بين مؤسسة وأخرى، لسجل هذا العدّاد أن أكثر كلمة تتردد ويحتاج إليها المرء هي... «الواسطة»، فهذا المصطلح متعدد الاستخدامات بات اليوم الأكثر تداولا بين أفراد المجتمع في معظم تفاعلاتهم وحركاتهم في حياتهم اليومية في مختلف المجالات، وكأنه سر من أسرار الحياة، الذي من دونه تتوقف الحركة وتتعطل تفاعلات البشر ومعاملاتهم.

لا جدل بأن كثرة تردد كلمة «الواسطة» بين أفراد المجتمع لم يأت من فراغ، وليس أمرا عابرا، بل إنه في الواقع يعبر عن خلل واضح في مفهوم ودور المؤسسات التي يفترض أن يكون وجودها مستهدفا لخدمة الناس وإحقاق الحقوق دون الحاجة إلى لف ودوران أو أن تكون ابن فلان!.

«الواسطة» في مفهومنا اليوم لا تتوقف على معنى واحد بعينه، بل تتخذ مفاهيم ومقاصد مختلفة، وذلك نظرا لاختلاف الغاية التي تُنشد منها هذه الوسيلة، فالواسطة قد تكون تحت أحد المفاهيم هي وسيلتك لأخذ حق ليس بحقك، متجاوزا القانون وغير مبال في الوقت ذاته بحقوق الناس، وتأتي الواسطة أيضا تحت مفهوم آخر وتعني بأنها الوسيلة الاضطرارية لأخذ حقك المسلوب، الذي قد تقف أمامه المحسوبية والمزاجية، أو هي أيضا بمفهوم آخر وسيلة تتيح لك تخطي طوابير الانتظار الطويلة متجاوزا رقاب الناس الذين التزموا واحترموا القانون، والتجاوز على حقهم الزمني.

ومهما تعددت المفاهيم واختلفت المقاصد والغايات، تبقى الواسطة وسيلة معبرة عن ضعف في تطبيق القانون وهي في الوقت عينه تكشف عن ثقافة سلبية تحتضنها مختلف المؤسسات في البلاد وأيضا يمارسها الكثير من أفراد المجتمع، ثقافة تميل إلى عدم احترام وتطبيق القانون، وهي ثقافة من شأنها أن تضرب التنمية والتقدم بشلل مزمن لا ينفك عنه أبدا.

«الراي» سلطت الضوء على آفة المجتمع «الواسطة»، من خلال استقصاء وجهات نظر مجموعة من الشباب رواد ديوانية علي جاسم الفضلي في منطقة الفردوس، فكانت الآراء التالية:

قال أحمد الفضلي ان «الواسطة تمثل مشكلة حقيقية في كل مكان في الدولة، وقد دمرت المجتمع بكل أركانه وعلى كافة المستويات، وقتلت طموح الكفاءات»، مبينا في الوقت ذاته أن الواسطة تعطل من تقدم وتطور المجتمعات لأنها تؤخر إنجاز الأعمال، لاسيما لمن لا يملكها ويريد أن يصل إلى حقه عن طريق القانون.

وبين الفضلي، «من الصعب أن نجد مؤسسة في البلاد لا يتم فيها استخدام الواسطة، حيث توجد هناك محسوبية ومزاجية، خصوصا في مجال التوظيف وفي سد الشواغر المطلوبة من قبل الوزارات، لاسيما في جهاز النيابة العامة وغيره من المؤسسات الأخرى.

من جهته، قال أحمد الشمري ان «الواسطة تعتبر من الأسباب الرئيسية في مشاكلنا في البلاد، وهي سبب في تعطيل التنمية وشل حركة التقدم والتطور، على المستويات كافة وفي مختلف المؤسسات، ففي التعليم نرى اليوم أيضا هناك محدودية في عدد المقاعد لطلبة الجامعة على الرغم من أن هناك من يفترض أن تكون له الأولوية في الحصول على المقاعد الدراسية، لكن للأسف نجد أن الواسطة تفرق وتميز دون النظر إلى التحصيل العلمي والكفاءة».

وتابع، «بعض القياديين في الدولة سيّسوا الواسطة وجعلوها هي المدخل الأول والأخير لقضاء المعاملات وإنجازها، حتى وصل الأمر بمن لا يملك الواسطة إلى لجوءه مضطرا إلى الرشوة من أجل أن يأخذ حقه»، مبينا أن «الواسطة أصبحت تجارة لدى بعض الموظفين والسكرتارية الذين يعمدون على أن استخدام أسماء مدرائهم في الرشاوى، وهناك بعض الموظفين لا ينجزون المعاملات إلا برصيد 10 دنانير لتعبئة هاتفه النقال، وهذا يعتبر تسيبا وضعفا إداريا، وللأسف أصبح من يسير بالشكل السليم وبالقانون معطلا لأمور الناس».

ولفت الشمري إلى أن حل المشكلة يكمن لدى القياديين، متمنيا من كل القياديين أن ينهجوا نهج اللواء عبدالفتاح العلي، في تطبيق القانون، وإعطاء كل ذي حق حقه، وليس من خلال إحقاق الحق على من لا يملك «ظهرا يسنده»، وغض الطرف عمن يملك سندا يقف وراءه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد استيعاب للطاقات ولا يوجد هناك تقييم عادل لدى بعض رؤوساء الأقسام في التقييم الوظيفي السنوي، لأنه يقوم على مبدأ الواسطة.

من جانبه، قال فهد الخالدي، ان «الواسطة اليوم ظلمت العديد من الكفاءات وأنستنا المبدأ في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، الأمر الذي يعطل الحياة ومصالح الناس، حتى غدت الواسطة عملية متبادلة بين الأشخاص على مبدأ ضبطني وأضبطك، وتحت هذا المبدأ تسير حياتنا اليومية في مختلف المجالات».

واضاف «ما أبشع ظلم الواسطة حينما يتعلق الأمر بمصير وحياة الناس، وخير دليل على ذلك ما يعانيه الناس في قضية العلاج في الخارج، ومن المفارقات العجيبة أن هناك أناسا قد أصيبوا بأمراض خطيرة لم يتمكنوا من الحصول على العلاج في الخارج، بينما هناك من هو ليس بحاجة حقيقية للعلاج في الخارج لكن نجده يحصل عليه لأنه يحمل فيتامين واو».

من جانبه، اشار محمد الهاجري إلى أن الواسطة ليست وليدة اللحظة بل هي ظاهرة متفشية منذ زمن، وهي بلا شك زادت من السلبيات في مجتمعنا، مبينا أن الواسطة منبعها الأساسي الفساد الإداري، وقد تأتي أحيانا بسبب الروتين التقليدي والرتابة في أداء العمل في وزارات الدولة، مشددا على أهمية استخدام التكنولوجيا في إنجاز معاملات الناس بدلا من هذا البطء والثقل في العمل.

وتابع الهاجري، «مع الأسف ازداد حجم الحاجة إلى الواسطة في المجتمع، مما حدا ببعض ضعاف النفوس إلى التعامل مع الناس عن طريق أخذ الرشاوى من الآخرين لتمرير وإنجاز معاملاتهم»، مشددا على أهمية مكافحة هذا الفساد المستشري من خلال المراقبة على جميع الجهات وعدم التهاون في تطبيق القانون وإحقاق الحق.

من جهته، قال سلطان القحطاني، «غالبا من يستخدم الواسطة هو ذلك الشخص الذي لا يملك من الخبرة والكفاءة اللازمة لتحقيق ما يصبو إليه، وهذا أمر غير مقبول لأنه لا يحقق العدالة بين الناس».

وزاد «تزداد الواسطات وتيرة كلما اقتربنا من القطاع الحكومي بمختلف وزاراته، لاسيما في السلك العسكري، علما بأن القطاع الخاص هو أيضا ليس ببعيد عن تفشي ظاهرة الواسطة، وليت شعري احيانا اسمك الأخير هو من يحدد فيما لو كنت تستحق الوظيفة الفلانية».

وشدد، «لابد من القضاء على الواسطة، وإعطاء كل ذي حق حقه، ويجب أيضا أن يقتنع أصحاب القرار بأن الواسطة هي دمار للبلاد وسبب في تعطيل تنميتها وتقدمها».

من جانبه، اوضح صلاح بن ناجي، أن «الواسطة ظاهرة غير صحية، وللأسف فإن المجتمع الكويتي هو من خلقها، بحكم أنه مجتمع صغير والكل فيه يعرف الآخر، وبالتالي أدى إلى شيوعها»، مبينا أن المجتمع بالشكل الظاهر يرفض الواسطة لكن في باطنه قابل لها، لأنه منتفع بها.

واضاف بن ناجي، أن «الخلل يكمن في الجهات التي تستقبل وترضى بالواسطة، فلو كانت الجهة سليمة ونزيهة لكان كل مواطن يأخذ حقه من دون الحاجة إلى فيتامين واو، لكن للأسف هذا الشيء تأصل في المجتمع وأصبح من عاداتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها، رغم أن المجتمع متضرر منها بشكل كبير نظرا لأن الواسطة ظلمت الكثير من الناس».

بدوره، قال حسين الفضلي ان «الواسطة تعوق الشباب في حياتهم وتقتل طموحاتهم»، لافتا إلى أن من فتح مجال الواسطة هي الحكومة عن طريق نواب مجلس الأمة لكسب ولاء الأعضاء، حتى أصبحت عادة لدى مجتمعنا وشرطا أساسيا للتقديم على أي معاملة، وصار التركيز منصبا على البحث عن الواسطة بدلا من إكمال المعاملة أو الإجراءات الرسمية، ومن لا يملك الواسطة اليوم يظلم حقه ويتأخر في معاملاته حتى في أبسط الأمور، مبينا أن المتسبب في هذه المشكلة هو القادر على حلها والقضاء عليها عن طريق تطبيق القانون والرقابة الفعلية على موظفي الدولة ومحاسبة من يعمل بها.

وعلى الجانب الآخر، لا يرى عبدالله الحليل أن الواسطة هي السبب في مشكلة التوظيف لدى الشباب، معبرا عن رفضه لاحتجاج الشباب على عدم وجود وظائف وأنها دائما بحاجة إلى الواسطة، مبينا أن الكثير من الشباب يرفضون الكثير من الوظائف بحجة أن مكان العمل غير مناسب.

وتابع، «إذا كانوا يعتقدون بأن الواسطة هي التي تمنعهم من العمل في المكان المناسب، فلماذا لا يتجهون إلى القطاع الخاص، فهو أفضل مكان لإثبات وجودهم في العمل براتب أفضل وبإمكانية أخذ منصب أفضل».

من جانبه، قال عبدالعزيز المغري، «الواسطة أصبحت مادة دسمة يستخدمها الجميع سواء في الحاجة أو في غير الحاجة وهي ناتجة عن عدم مبالاة وعدم مراعاة لحقوق الناس»، مبينا أن «الوضع الذي تعيشه وزارات الدولة أجبر الناس على اللجوء إلى الواسطة، لاسيما مع كثرة الموظفين فيها وشيوع الإتكالية وقلة الإنتاجية، وللأسف باتت الواسطة اليوم يتخذها البعض مصلحة له، فإذا قمت بإنجاز معاملة لشخص ما فهو بالتأكيد مدين لك في المستقبل في إنجاز معاملتي في الجهة الفلانية».

واضاف ان «حل المشكلة صعب، خصوصا وأن الواسطة أصبحت وسيلة لنجاح الموظف ووسيلة انتخابية للنواب، في ظل مجتمع يعيش على مبدأ الاتكالية».