التيار التقدّمي الكويتي ... حزب «الشعب» الجديد

1 يناير 1970 04:02 م
بدت اللحظة مقلقة، والأزمة في اتساع، في اليوم الثالث لبدء الاحتجاجات على قرار النيابة العامة حبس النائب السابق مسلم البراك 10 أيام، في اثر بلاغ مقدم ضده من رئيس المجلس الأعلى للقضاء فيصل المرشد.

ولأولئك الشباب الجالسين في ديوانية بوسط منطقة الجهراء كان ضرورياً الانضمام الى حلقة اعتصام اقيمت بالقرب من مجلسهم.

خرج عضوا التيار التقدمي الكويتي بشار الغزالي وحسين الحربي من الديوانية الى الاعتصام الذي أقامه شباب من المنطقة امام نادي الجهراء، وقبل ان ينهيا وقفتهما الاحتجاجية التي وصفت بمحدودة العدد، وصل رجال القوات الخاصة، واقتادوا الاثنين الى المقر الأمني، بينما بقية المعتصمين ينددون بما اعتبروه «تعسفاً في ممارسة الصلاحيات».

وفي اليوم الاول لإيقاف مسلم البراك، ألقي القبض ايضا على العضو المنضم حديثاً الى «التقدمي» سعد الطامي، في منطقة الرقة، وبعد ساعات تبعه زميله الأقدم في التيار فهد الزعبي بالقبضة الامنية، في تظاهرة بالمنطقة ذاتها.

التيار التقدمي ذو التوجه اليساري، يبدو الاكثر حراكاً سياسياً اليوم، ويتصدر أفراده قوائم الموقوفين أمنياً في مناسبات الدفاع عن «التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية» كافة، وهو ما يتفق مع شعاره المرفوع بصدر مقره... هذا في نظر آراء حاضرة بكثافة اليوم في الوسط الشبابي.

ويشغل اعضاء «التيار التقدمي الكويتي» اليوم الحديث السياسي، لظهورهم القوي في الاحداث الاخيرة، ويعتبرهم كثيرون «العنصرالناجح سياسياً» لحشد الطاقات الشعبية مطالبةً بإصلاحات ديموقراطية منشودة.

وفيما تشكك قطاعات كبيرة من الكويتيين بصدقية وثبات أطياف من المعارضة ـــ بدا خطاب بعضها رجعياً او اقصائياً ــــ يستمر التقدمي في حصد التأييد والدعم لـ «ثباته على مواقفه» و«عمله الوطني الدؤوب» و«تضحياته المتواصلة» و«فكره الحر»، هذا ما تراه آراء شبابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

و«التيار التقدمي الكويتي» اعلن عنه تنظيمياً في 7 فبراير من عام 2011، وهو التجمع الأحدث للحركة التقدمية اليسارية في البلاد. وترجع بدايته الى قاعدة القوى الوطنية الكويتية، وخلفيتها (القوميون العرب) التي لعبت الدور الاكثر وضوحاً في الساحة السياسية منذ خمسينات القرن الماضي وحتى السبعينات. وبعدها استكمل التيار نشاطه منفرداً بتشكيل «حزب اتحاد الشعب» في عام 1975 الذي مارس عمله بصورة سرية تجنباً لملاحقات السلطة آنذاك، وكان من اهم رموزه نقابيون مثل ناصر الفرج وعمار العجمي. عاد التيار ذو الخلفية الاشتراكية فيما بعد للالتحاق بأطياف العمل الوطني الأخرى، ضمن ائتلاف «المنبر الديموقراطي» عقب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991، ليعود وينفصل عنه اثر اختلافات تتعلق بالجانب الاقتصادي ودور الدولة اجتماعياً وتنموياً.

وجد مؤسسو التجمع اليساري في البلاد الظرف مواتياً لانطلاقه تنظيمياً من جديد، في زمن تراجع فيه «النظام الرأسمالي تأثراً بالأزمة الاقتصادية العالمية منذ العام 2008»، وللتطورات التي جرت في النظريات ذات البعد الاجتماعي والحقوقي، وهذا ما يؤكده مؤسس التيار الكاتب والسياسي احمد الديين في حديث له. ويضيف ان التيار «منحاز الى الفئات الشعبية من محدودي الدخل والطبقة العاملة»، و«معني بهموم الفقراء والبسطاء من الناس».

وكانت الملاحقات الأمنية للناشطين السياسيين والمغردين، العنوان الاول في قائمة التصريحات والبيانات الصادرة عن التيار رفضاً قاطعاً «لأي مس بحرية التعبير» وللدفاع عن حقوق الفئات ذات الدخول الدنيا ومن «لا يملكون الا قوة عملهم العضلية والذهنية». وخرجت تصريحات وبيانات اخرى لهم في مناسبات عدة طوال ثلاث سنوات هي عمر التيار بصورته الراهنة. كما ينشغل أعضاء التقدمي على مدار العام بإقامة محاضرات وندوات للتوعية السياسية في مناطق مختلفة من البلاد، وهم بذلك اكثر تواصلاً مع المناطق الخارجية بحسب آراء المتابعين.

ما يجدر ذكره ان التجمع اليساري الحالي ذا الميول الاشتراكية، كان في عامه الاول مثاراً لنقد لاذع عبر شبكة التواصل الاجتماعية في وسم (7 أشخاص بشقة) الذي بدا تهكماً على قلة عدد المنتمين الى التيار آنذاك، وعلى مقرهم. تبعه فيما بعد وسم آخر عنوانه (الشقة تنتفض) الذي أخذ مداه من التداول في يوم عيد العمال، مطلع شهر مايو من العام الماضي. ولكن تزايد اعداد المنتسبين الى التيار، ووقوفه باستمرار بصف المتهمين في قضايا الحريات، مكنه من الانتقال الى حال جديدة اليوم.

وارتباطاً بالمد التقدمي الواضح في الأحداث الاخيرة، لم يغفل مسلم البراك صاحب «القضية» الحالية تأثير التقدميين ليخرج في أول ظهور عقب الإفراج عنه ويدعم توجهات التيار ومطالباته التي أعلنها في الفترة الأخيرة.

راهناً، انتهت أزمة احتجاز أعضاء التيار التقدمي، وأخلي سبيل المعتقلين منهم، كما خرج صاحب القضية مسلم البراك بكفالة مالية. ويبقى الواثقون في نشاط الحراك الإصلاحي في البلاد يعولون على دور «العنصر السياسي الناجح» في المعادلة السياسية اليوم ويرونه... تقدمياً.