أوصت «المجلس الأعلى» بثلاثة مسارات لتحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا
لجنة السياسات في «التخطيط»: أوقفوا الدعم الصحي للوافدين
| كتب رضا السناري |
1 يناير 1970
06:52 م
• تحويل الدعم الاجتماعي الى نقدي... وإبقاء الكهرباء والماء والتموين مع هيكلة أسلوب تقديمها
• طرح التراخيص المحددة أو المقيدة والأراضي المخصصة عن طريق المزادات والسماح بتداولها في السوق الثانوي
• تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات وإدارة المنافذ والمنشآت العامة يتعين أن يكون خارج إطار الدولة
• تطوير الكويت كمركز تجارة وخدمات لوجستية وتخزيني يتطلب تأسيس 3 شركات لإدارة المنافذ
أوصت لجنة السياسات العامة للمجلس الأعلى للتخطيط بإلغاء دعم التأمين الصحي للوافدين، معتبرة إياه «دعم معاكس للمنطق تماماً، لأنه يعظم الفجوة بين اليد العاملة الوافدة والمحلية ويزحم خدمات الصحة العامة المزدحمة أصلاً».
وطالبت اللجنة في تقرير أصدرته أخيراً «بتحويل التأمين الصحي للوافدين إلى شركات التأمين التجارية والمستشفيات الخاصة» بهدف «إظهار التكلفة الحقيقية لليد العاملة الوافدة وخفض الفجوة بينها وبين العمالة المحلية»، داعية إلى الاحتذاء بتجربة قطاع التعليم، حين توقفت وزارة التربية عن تقديم خدمة التعليم في المدارس الحكومية للوافدين وفتحت التراخيص لانشاء المدارس الخاصة، «فأصبح جزء مهم من مدارس الدولة فائضاً عن الحاجة وتم تأجيرها إلى شركات التعليم الخاص أو تحويلها إلى مرافق عامة».
ودعت اللجنة إلى تبني ثلاثة مسارات رئيسية وخمس مشاريع وطنية تؤسس لتحول الكويت مركزا ماليا وتجاريا بالمنطقة، تتضمن ادخال تعديل على سياسة الدعم عن طريق تحويل الدعم الاجتماعي المطلوب استمراره الى دعم نقدي بدل دعم الأسعار وتعويم أسعار هذه الخدمات، فيما اعتبرت دعم الكهرباء والماء والتموين مطلوبا بقاؤه وواجب اعادة هيكلة اسلوب تقديمه.
كما دعت اللجنة إلى طرح التراخيص المحددة أو المقيدة والأراضي المخصصة عن طريق المزادات والسماح بتداولها بالسوق الثانوي لنفس الأغراض. وفيما افادت اللجنة ان الخطة الحالية والتي تعهدها الأمانة العامة سنوياً في خطة تحتوي على مجموعة مشاريع الميزانية العامة للوزارات والهيئات الحكومية يمكنها أن تستمر على ما هي عليه، دعت مجلس الوزراء واجهزة الدولة استيعاب مقترحاتها والتركيز عليها واعطائها الاولوية والعناية والمساندة اللازمة، موضحة ان مساراتها الثلاثة تأتي كأسس جديدة لفلسفة الدولة في الاسلوب الذي سوف تتبعه للنهوض بانتاجية وتنافسية الإنسان والمجتمع الكويتي، وللعودة به الى التنافسية المطلوبة والريادة الاقليمية وبالكويت الى ان تكون «المركز المالي والتجاري والاقليمي الرائد».
[#396420]
وبينت اللجنة ان المسارات الثلاثة تتضمن الآتي:
أولاً: تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات وادارة المنافذ والمنشآت العامة يتم خارج إطار الدولة وملكيتها، وفي جو تنافسي حاد (أعلى من المنافسة بالدول الاقليمية وان أمكن العالمية)، مع خروج الدولة كمنافس من هذه الأنشطة، وتعاملها مع جميع اللاعبين على قدر واحد من المساوات، على الا يؤثر ذلك على العاملين بالدولة من ناحية توفر الوظيفة ودعم الأجور. وان يشجع موظف الدولة للعمل بالقطاع الخاص مع استمرار ضمان وجود نفس الوظيفة الحكومية واستمرار حصوله على العلاوة (بأعلى مستوى للعلاوة) في حال قرر العودة (كما لو اننا نسمح للدولة بانتداب موظف الدولة للقطاع الخاص على أن يتحمل القطاع الخاص تكلفته).
ثانياً: بقدر المستطاع استخدام قوى السوق (العرض والطلب) لتحديد المستفيدين من الخدمات أو التراخيص أو الأصول المعروضة من الدولة والمحددة الكمية وذلك عن طريق بيعها بالمزاد العام. والسماح بتداولها بالسوق الثانوي.
2 - فيما يخص تطوير الكويت كمركز تجارة وخدمات لوجستية وتخزين:
تأسيس أو الدعوة لتأسيس أو استقدام ثلاث شركات لإدارة المنافذ. تدير كل واحدة منهما أحد المنافذ البحرية الثلاثة (بوبيان/ الشعيبة/ الشويخ) وأحد المعابر البرية للعراق وأحد المعابرية البرية للسعودية على الاقل، وبالاضافة الى مركز شحن بالمطار الدولي لكل منهم. (لنا تجربة صغيرة ناجحة في مطار الشيخ سعد).
3 - في قطاع الاتصالات: لهدف تعميق التجربة الناجحة في صناعة الاتصالات يجب أن نعمل على فتح قطاع الاتصال الدولي وخدمات الانترنت لشركات القطاع الخاص بدون تدخل حكومي، بحيث يمكن للشركات الربط مباشرة مع أي كيبل عالمي وبيع خدماتها محلياً.
يشار إلى ان اللجنة ترفع للمجلس الاعلى للتخطيط رؤيتها ومقترحاتها لتطوير مشروع «خطة التنمية» للدولة والاسلوب الامثل لتنفيذ الدولة لاهدافها التنموية، مدعومة بتحليل للدروس المستقاة من تجارب الكويت الحديثة. الا ان من الواضح حرص اللجنة على عدم التطرق لسياسات الانفاق العام او رواتب موظفي الدولة او التخلص من العمالة الحكومية الزائدة عن الحاجة، حيث ركزت على السياسات والمشاريع التي يمكن ان تحصل على دعم رجل الشارع.
ولفتت اللجنة إلى انه فيما السؤال المطروح بالكويت هو ما الدور الذي يمكن ان يقوم به القطاع الخاص لمساندة دور الدولة في تحقيق التنمية؟ يلحظ ان السؤال نفسه اذا ما طرح في اي دولة اخرى سيكون «ما الدور الذي يمكن للدولة ان تلعبه لدعم الاقتصاد والمساعدة في دفع عجلة التنمية؟ مضيفة ان الدولة او الحكومة واجهزتها هي ادارة اقتصادية للبلاد وليست اقتصاد الدولة تنتج ناتجا قوميا نتيجة استهلاكها للسلع والخدمات فقط، فالدولة عميل للاقتصاد وتكلفة على الاقتصاد ولكنها ابدا ليست الاقتصاد.
واوضحت اللجنة ان من امثلة المنافسة التي استعملت ضدالكويت بنجاح، السوق المالية الاقليمية، ففيما كانت بورصة الكويت هي وجهة الادراج لأي شركة عربية ترغب بالادراج خارج سوقها الا انه خلال 5 سنوات أصبح سوق دبي المالي العالمي ثاني أكبر بورصة إقليمية والسوق المالي الاقليمي الرائد، بحيث انسحبت كل الشركات غير الكويتية المدرجة على بورصة الكويت وأعادت ادراج اسهمها في دبي وعمل جزء مهم من الشركات الكويتية على ادراج اسهمه في سوق دبي. واليوم السوق المالي الكويتي ثالث أو رابع أكبر سوق مالي خليجي بعد أن كان الثاني والسوق المالي الاقليمي الأول.
ونوهت اللجنة إلى ان الانحدار المستمر بالقدرة التنافسية للاقتصاد الكويتي مقارنة مع جميع جيرانها يدق ناقوس خطر حقيقي، مضيفة ان خلال العقدين الماضيين انحدرت قدرة الكويت التنافسية بشكل كبير وهذا الانحدار مستمر بوتيرة متزايدة، بحيث اصبح الاقتصاد الاماراتي ضعف حجم الاقتصاد الكويتي، ويمكن ان يتجاوز الاقتصاد الاماراتي ثلاثة اضعاف الاقتصاد الكويتي خلال عقد من الزمان، فيما سيكون مستوى عدم الكفاءة لدى متوسط العامل والمدير الكويتي هو بالضبط كما نظر العالم لكفاءة الادارة واليد العاملة بالاتحاد السوفياتي بعد سقوط النظام الشيوعي، وستكون الصدمة الناتجة عن العجر المقبل للميزانية كحجم الازمة التي اصابت الاتحاد السوفياتي عند تفككه واشد بكثير من الازمة الاجتماعية والسياسية التي اصابت اليونان واسبانيا.
وقالت اللجنة ان الاشكال الرئيس للاقتصاد الكويتي في عدم وجود الكم الكافي من «المنافسة» و»الحافز» علي تحقيق الاهداف، واننا في الكويت نجد صعوبة في تحديد مسارنا لان مفهومنا الاساسي ليس مغلوطا فقط بل انه عكس المنطق الاقتصادي الطبيعي تماما.
وافادت اللجنة ان الحل في تطوير قدراتنا التنافسية عن طريق رفع حجم المنافسة المحلية، وأن تحول الدولة ما أمكن من الأنشطة الاقتصادية والخدمات العامة والخدمات المساندة وإدارة البنية التحتية «خارج إطار ملكية الدولة» وفي «جو شديد المنافسة والعمل «على حماية هذه المنافسة»، مشيرة إلى ان تطوير المنافسة يتطلب منع الاحتكار.
واضافت اللجنة ان الدولة لا يمكن أن تكون الخصم والحكم، المنظر والمدير والمنافس، فيما من الضروري الفصل بين التخصيص والدعم الحكومي لوظائف الكويتيين، منوهة إلى ضرورة تطور قدرة مجتمعنا واقتصادنا على التمتع بالمرونة والرشاقة التي تمكنا من «التخلص من الأنشطة القديمة» واغتنام الفرص الجديدة بسرعة وسهولة تفوق منافسينا الاقليميين.
واستعرضت اللجنة مثالا على المرونة في قطاع الاتصالات، فيما اشارت في المقابل إلى شركة الطيران الوطنية التي لم تستطع الاستمرار فأغلقت ابوابها من دون ضجة تذكر، فيما تخسر الخطوط الجوية الكويتية سنويا عشرات الملايين وتدعمها الدولة بمئات الملايين من القروض ورؤوس الاموال، ولم يتمكن السياسيون من بيعها او اغلاقها، مضيفة ان التجربة المقبلة هي شركة التأمين الصحي والتي سوف تسير بالطريق نفسه الذي سارت عليه الخطوط الجوية الكويتية.
ودعت اللجنة إلى التحول لاستخدام قوى السوق (العرض والطلب) بدل التحليل والخبراء، وذلك للتراخيص او الاصول المقيدة (كالأراضي)، أي هناك حدود للكمية التي يمكن السماح بها وتوافرها، كتراخيص العمل لغير الكويتيين، ورخص القيادة لغير الكويتيين، والاراضي الصناعية، وتراخيص البنوك او الاتصالات او ما يشابها، إضافة إلى الاراضي المخصصة للاستخدامات الخاصة (مثل المدارس/ المستشفيات/ البنوك التي آخره).
«زين» و «الوطنية»
ولفتت اللجنة إلى ان الكويت لم تتمكن من استغلال نجاح شركتيها للاتصالات «زين والوطنية» لتحويل الكويت الى مركز اتصالات اقليمي لان ذلك كان يتطلب ان تكون الاتصالات الدولية وخدمات الربط للانترنت مفتوحة ومنافسة وليست تحت ادارة وزارة المواصلات، فاستمرت البحرين المركز الاقليمي للاتصالات (Telecom Hub).
واضافت اللجنة «قامت الكويت ببيع حصة الدولة المسيطرة في شركة زين وعملنا على تأسيس الشركة الوطنية للاتصالات وبهذه المنافسة تطورت الصناعة محليا وانخفضت تكلفة الخدمة للجمهور ونمت الشركتان لتصبحا اثنتين من اكبر ثلاث شركات عربية».
أهدرنا أسبقيتنا خليجيا في سوق المال
قالت اللجنة ان الكويت اهدرت اسبقيتها في انشاء اول بورصة خليجية قبل الاخرين بـ 20 سنة، مشيرة إلى ان بورصة الكويت كانت مركز ادراج اي شركة عربية مدرجة خارج بورصتها، ولكن خلال 5 سنوات من انشاء دولة الامارات العربية المتحدة لثلاث بورصات (ابو ظبي دبي، وسوق دبي المالي العالمي) اختطفت سوق دبي المبادرة والريادة واليوم لا يوجد اي شركة عربية مدرجة في بورصة الكويت وربع الشركات الكويتية مدرجة في بورصة دبي وكل الشركات العربية المدرجة خارج بورصاتها مدرجة بسوق دبي المالي!
«التأمين الصحي» ستفشل مالياً لتجبر الدولة على إنقاذها
نبهت اللجنة إلى أن «شركة التأمين الصحي وهو مشروع شركة مساهمة عامة احتكارية تحت التأسيس تملك كل المواصفات التي تدل على أنها سوف تنتهي نهاية الخطوط الجوية الكويتية، وأنها ستواجه في يوم من الأيام (ليس بعيد) مشاكل مالية تجبر الدولة على إنقاذها وامتلاكها، والصرف عليها وعلى تعويمها كما تصرف اليوم على الخطوط الجوية الكويتية». واستدلت بذلك على أن العبرة بفتح المنافسة، وأن الاحتكار، حتى لو كان من القطاع الخاص، فسيؤدي غالى النتيجة ذاتها.