«الراي» واكبته في جولته على مراكز للنازحين في البقاع

الغانم تفقد مخيمات «الشقاء العربي» وتضامَن مع «الأشقاء» السوريين واللبنانيين

1 يناير 1970 04:40 م
خلع الزي الرسمي في مهمة «ما فوق عادية»... قصد مخيمات الشقاء، جال مع الوفد المرافق من خيمة مسكونة بفائض من المآسي، الى خيمة كأنها مستودع للمصير البائس. استمع الى فواجع الأمهات، تأمّل ملياً في وجود الأيتام، لم يشأ إلا ان يقف على اوضاع وأوجاع رجال مكسوري الخاطر، وحرص على ان يحادث أطفالاً يلهون بمعاناتهم.

إنه رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، الذي دشن زيارته القصيرة للبنان بجولة على مخيمات النازحين السوريين في البقاع قبل ان يستكمل برنامج محادثاته الرسمية مع كبار المسؤولين اللبنانيين. وفي اللحظة التي كان يستعد والوفد المرافق لمغادرة مقر إقامته في بيروت سجل «الخبر العاجل» بلوغ عدد النازحين السوريين المدرجين على اللوائح في لبنان مليون ومئة ألف لاجئ.

في جولته الميدانية وفي محادثاته تميزت زيارة الغانم للبنان بـ «رمزيتين» واحدة سياسية باعتباره أرفع مسؤول عربي يأتي الى «الوطن الصغير» في لحظة المخاوف الكبرى، وأخرى إنسانية تتصل بـ «النكبة العربية»، كما يحلو لوزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس وصف ملف النازحين الذي يكاد ان يتحول حرب استنزاف لسورية كما للبنان. الغانم أطلّ على الواقع اللبناني من الباب الذي يؤرق بيروت وبات «يؤلمها» وهو ملف النازحين الذي اعتبره عنواناً «لمعاناة لبنانية - سورية».

ورغم طغيان قضية النازحين السوريين الذين تجاوز عددهم على لوائح مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين مليون ومئة الف يضاف اليهم عشرات الآلاف من غير المسجّلين ما جعل لبنان البلد الاكثر اكتظاظاً في «الكرة الارضية» مع استضافته كتلة بشرية توازي أكثر من ثلث عدد سكانه، فان زيارة الغانم لبيروت التي وصل اليها مساء الاحد ويغادرها اليوم شكّلت محور اهتمام واسع في لبنان لاعتبارات عدة أبرزها أن الغانم هو اول مسؤول عربي يزور بيروت بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ 25 مايو الماضي وهو ما ادخل لبنان في مرحلة من الفراغ المؤسساتي تعكس حال «انعدام وزن» اقليمي في مقاربة واقعه الغارق في صراع سياسي - امني. وان الزيارة جاءت في غمرة «الانفلاش» الداعشي في العراق وتمدُّد الصراع على النفوذ في المنطقة الى ساحات عدة وسط بذور فتنة تبرز تشظياتها على وقع التقارير عن خرائط جديدة للمنطقة على أنقاض حدود سايكس بيكو بما ينذر بتحويل الشرق الاوسط «بركاناً» تتطاير حممه مع الفتنة التي يُخشى ان تتمدّد كـ «بقعة الزيت».

وانطلاقاً من هذا البُعد، تشكّل محادثات الغانم مع المسؤولين اللبنانيين وفي مقدّمهم رئيس البرلمان نبيه بري مناسبة لتأكيد أهمية تضافر الجهود لتحصين الواقع اللبناني والحفاظ على الاستقرار الامني وايضاً لاستكشاف آفاق الوضع العربي والاقليمي في ضوء الحدَث العراقي وتداعياته المحتملة. كما عكست زيارة رئيس مجلس الأمة الحرص الكويتي والخليجي على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان ودعم حكومة الرئيس تمام سلام.

وان محادثات الغانم في لبنان أتت عشية المؤتمر الوزاري الدولي الذي يعقد اليوم في روما لبحث المساعدات الضرورية للجيش اللبناني وذلك انفاذاً لقرارات قمّة الكويت نهاية مارس الماضي، وهو المؤتمر الذي شدد مجلس جامعة الدول العربية الذي انعقد على مستوى المندوبين في القاهرة يوم الأحد على وجوب إنجاحه.

وبعيداً عن هذا الجانب السياسي «الشائك» من الزيارة، فإن رئيس مجلس الامة الكويتي تفقد ظهر امس مخيمات النازحيين السوريين في البقاع الاوسط، يرافقه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب ميشال موسى.

وبعد ان اطلع الغانم على اوضاع النازحين في «مخيم الجلاد» - بر الياس، اكد ان «من واجبي الانساني والشرعي والقومي ان اقوم بهذه الزيارة، لاشاهد بأم العين وعلى ارض الواقع، المعاناة اللبنانية - السورية التي خلفتها حالة النزوح هذه»، وقال: «لا نقبل ان تنتهي الزيارة عند حدودها، بل جئنا لنقدم المساعدة لتخفيف الام ومعاناة النازحين السوريين في المخيمات، والشعب اللبناني البطل الذي فتح قلبه وارضه ومنازله لايواء السوريين النازحين»، مؤكدا ان «علينا واجباً كبيراً تجاه الشعبين السوري واللبناني».

ثم انتقل الغانم والوفد المرافق الى «مخيم رجب» في بلدة المرج، وجال فيه وتحدث الى النازحين. واختتم زيارته في مركز الشؤون الاجتماعية في البلدة.

وبين بر الياس والمرج في البقاع بدا الغانم شديد التأثر وهو يعاين «عينة» من الأكثر من مليون نازح سوري مشتتين في العراء بين شرق لبنان وشماله و«عموم» مناطقه، وتلكأ المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاه مأساتهم تاركاً لبنان يئن تحت وطأة هذا الحمل الثقيل، هو الذي يحمل على كاهله ديناً عاماً تجاوز 65 مليار دولار وكبده ملف النزوح، بحسب الوزير درباس ما يناهز 13 مليار دولار.

لم يكن غريباً على مرزوق الغانم هذا الاحساس بالتضامن مع الشعبين اللبناني والسوري، فالذين كانوا يراقبون حركته بين خيم اللاجئين، تذكروا ان اصغر برلماني يتولى رئاسة مجلس الأمة في تاريخ الكويت يملك تراثاً سياسياً وإنسانياً تضرب جذوره بعيداً مع عمه عبد اللطيف محمد الغانم، احد الآباء المؤسسين للتجربة الديموقراطية في الكويت.

فـ «دولة الرئيس» الغانم، كما ناداه الوزير درباس، بدا مهتماً ببعض الحالات المستعصية مثل احد الاطفال الذي يعاني سرطاناً في الوجه وحرص على لقائه وذويه، ليزف اليهم تبني الكويت علاج الطفل، إضافة الى المعونات التي اعلن ان الكويت ستزيد من حجمها لكسر حزام البؤس الذي يحوط مئات الآلاف من الشعب السوري المشرد.

المعتوق: الكويت ستقدّم 1000 وحدة سكنية للاجئين





كشف رئيس الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية ومبعوث الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية المستشار بالديوان الاميري الدكتور عبدالله المعتوق عن عزم الكويت تقديم ألف وحدة سكنية مع كامل خدماتها للاجئين السوريين في لبنان.

ودعا المعتوق الحكومة اللبنانية الى المساعدة في انجاز المشروع عبر تحديد المكان المناسب لاقامته اسوة بتركيا والاردن موضحا ان «المشروع سينفذ خلال فترة وجيزة وسيكون متكاملا بمدارسه ومراكزه الصحية ومساجده وجميع الخدمات اللازمة».

وقال ان الهيئة استجابة لتوجيهات من القيادة السياسية مستمرة في تقديم المساعدات الانسانية الى النازحين السوريين من منطلق الاخوة تجاه الاشقاء الذين يعيشون اوضاعا وظروفا انسانية صعبة.