قدّمتها فرقة أكاديمية «لوياك» للفنون الاستعراضية

لعنة «مكبث» الأزلية... فكّت طلاسمها في «المدرسة القبلية»

1 يناير 1970 03:00 ص
أبدعت فرقة أكاديمية «لوياك» للفنون الاستعراضية خلال تقديمها العمل المسرحي العالمي «مكبث» لكاتبه الإنكليزي وليام شكسبير، وإخراج رسول الصّغير.

العرض الذي تم تقديمه في فناء «المدرسة القبلية»، حضره الأمين العام المساعد لقطاع المسرح في المجلس الوطني للثقاقة والفنون والاداب محمد العسوسي، والرئيس والعضو المنتدب المنتدب لمركز «لوياك» فارعة السقّاف، إضافة إلى الفنانة سعاد عبد الله ونخبة من متذوقي الفن المسرحي العالمي.

لملم المخرج الصغير أدواته الإخراجية وجهّز ممثليه، الذين تفاعلوا بدورهم مع مجريات الأحداث، محاولاً معهم فك طلاسم «مكبث» الأزلية، فاجتهدوا معه، خصوصاً أنهم غير محترفين أو مسرحيين أكاديميين، لكن حبّهم وعشقهم للمسرح كان واضحاً.

لا يمكن إنكار تلك الجهود التي بذلها المخرج الصغير، فهو يتمتّع برؤية جميلة وخبرة، كما لا يمكن إنكار المجهود من قبل الشباب الذين قدموا كل ما عندهم ليكونوا على قدر المسؤولية ويقدموا عرضاً تم تقديمه على مسارح العالم كافة. فالحركة على المسرح كانت متوازنة ومدروسة، وكل ممثل عرف ما له وما عليه، فشغلوا جنبات الخشبة وخرجوا بعمل مشرّف يبشّر بكل خير.

أما إذا تناولنا الإضاءة في المسرحية، فيمكن القول إنّ الصغير استعان بخبرته موظّفاً إياها وموزعاً لها بطريقة استفاد منها قدر الإمكان، فخدمت رؤيته المسرحية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأزياء التي عبّرت بشكل كبير عن الحقية الزمنية التي حصلت بها الأحداث.

«مكبث»، العمل المسرحي الذي قدّمه العديدون حول العالم مراراً وتكراراً، تدور قصّته حول اللورد ماكبث الذي عاش خلال حكم ملك اسكتلندا العظيم دنكان، فكان من رجاله المقربين لما يتمتع به من شرف وشجاعة في القتال.

وعندما كان القائد ماكبث وزميله القائد بانكو عائدين منتصرين من موقعة كبيرة، تستوقفهما ثلاثة أشباح أقرب إلى شكل النساء، فيما عدا أنّ لهن ذقوناً، كما أن جلودهن الشاحبة وملابسهن الغريبة جعلتهن لا يبدين مثل المخلوقات الأرضية، فبادرهن ماكبث بالحديث، لكن كل واحدة منهن تضع أصابعها على فمها طالبة السكو، ثمّ تناديه الأولى باسمه «ماكبث» وبلقبه الرّسمي لورد جلاميس، فيندهش كثيراً عندما يجد نفسه معروفاً من قبلهن وتزداد دهشته عندما تناديه الثانية بلقب اللورد كاودور، وهو اللقب الذي لم يكن يستحقه. أما الثالثة، فتناديه قائلة «مرحباً بالملك القادم»، فتدهشه هذه النبوءة لأنه كان يعرف أنه طالما أن أبناء الملك أحياء فلا يستطيع أن يأمل في الوصول إلى العرش. ثم يلتفتن إلى القائد بانكو ويتعرفن عليه ويقلن له بكلمات غامضة «ستكون أقلّ شأناً من ماكبث، ولن تكون سعيداً فقط، بل موفور السعادة»، ثمّ يتنبأنّ له بأنه لن يتولى العرش أبداً، إلا أن أبناءه من بعده سيكونون ملوكاً لاسكتلندا، ثم يستدرن في الهواء ويختفين، وهنا يتأكّد القائدان أنّهن ساحرات.

وبينما هما واقفين يفكّران في هذه الأمور الغريبة، يصل رسول خاص من قبل الملك، ليسمع على ماكبث لقب واسم دوقية كاودور.

فكان لهذا الحدث الغريب أثره على نفس ماكبث لأنه تطابق مع ما قالته الساحرات، الأمر الذي ملأه بالحيرة، فوقف مذهولاً غير قادر حتى على الرد على الرسول، ومنذ تلك اللحظة بدأت الآمال الضخمة تداعب ذهنه في إمكانية تحقيق النبوءة الثالثة، وبالتالي فقد يصبح ذات يوم ملكاً لاسكتلندا.

فيلتفت إلى بانكو ويقول «ألا تتمنى أن يكون أولادك ملوكاً، خصوصاً أنّ ما وعدتني به الساحرات قد تحقق؟»، فيجيبه بانكو «إنّ هذا الأمل قد يدفعك للتطلع إلى العرش، لكن رسل الظلام قد يصدّقون معنا فى أشياء صغيرة حتى تقودنا إلى ارتكاب أفعال شريرة». لكن كلمات الساحرات كانت قد استقرت في أعماق تفكير ماكبث حتى أنه أعرض عن تحذيرات بانكو الطيب، ومنذ ذلك الوقت وجّه كل تفكيره في كيفية الفوز بعرش اسكتلندا. فتبدأ الأحداث بالتصاعد حتى المشهد العاشر من العمل المسرحي حيث يدعوه ماكدوف إلى التخلي عن هذا السحر وتلك النبوءات الشريرة التي أقنعته بها الأشباح والأرواح الكاذبة، فيدعوه للقتال والمبارزة ومع ذلك لم يتقدم ماكبث إلى قتال عدوه، بل اكتفى بالسّب ولعن السحر والساحرات والنبوءات وكل هذه الأشياء الخادعة، ويعلن بأنّه لن يقاتل ماكدوف، ليأتيه الرد من ماكدوف بالقول «إذاً فسوف ندعك تعيش ذليلاً وسوف نجعل الناس يتفرجون عليك مثلما يتفرجون على الوحوش». فلم يحتمل ماكبث هذا الذل والهوان الذي ينتظره إذا وقع في أسر أعدائه، لذلك شهر سيفه وبدأ مبارزة عنيفة مع ماكدوف انتهت بمقتل ماكبث وقطع رأسه، وهكذا استعاد مالكوم عرش أبيه الملك دنكان.