أكاديميون لـ«الراي»: نعاني من ضعف مستواهم في الإملاء والخط والصياغة اللغوية
جامعيون لا يجيدون ... الكتابة !
| كتب علي الفضلي |
1 يناير 1970
01:36 م
• أمثال الحويلة: مخرجات التعليم في هذه الفترة لديهم ضعف واضح في القراءة والكتابة
• بعض الطلبة يخافون من إبداء وجهة نظرهم لاعتقادهم بأن فكرتهم قد تكون خاطئة
• نعيمة طاهر: في بعض الأحيان لانستطيع قراءة ما يكتبه الطلبة في أوراق الإجابة على الامتحانات
• في الجامعة لا نربي أطفالاً... من المفترض أن يكون الطالب قادراً على البحث واستجلاب المعلومات من مصادرها
• فواز العنزي: المشكلة تكمن في المراحل التعليمية الأولى التي يفترض أن يتم تأسيس الطالب فيها
• طارق آل بن علي: الطالب دائماً ما يصدم بالمستوى المطلوب منه في الجامعة
• محمد علي: أعترف بشراء بحث لإحدى المواد... تأسيسي كان غير مناسب واضطرني إلى ذلك
• عبدالعزيز الأنصاري: نطالب بدورات متخصصة في تعليم الكتابة لطلبة الجامعة
الكتابة، مهارة، لا يمكن اكتسابها في يوم وليلة، بل هي ملكة ناتجة عن ممارسة تنمو مع الطالب كلما ولج مرحلة جديدة من مراحله التعليمية، لتعبر في كل مرحلة عن مدى اتساع فكره وقدرته التعبيرية ونظرته للمشاكل وإيجاد الحلول لها، فهي الواجهة الفكرية للطالب الجامعي، لأنها تتيح له إمكانية التعبير وبكل حرية عن أفكاره، ومن خلالها يدافع الطالب عن وجهة نظره في الرد على تلك الأسئلة التي تستفز عقله في الاختبارات، ومن خلالها أيضا يتمكن المرء من التواصل مع الآخرين في سوق العمل والحياة بشكل عام.
وإذا كانت الكتابة مهارة تنمو مع مر الزمن، وأساس تعليمي يتطلب وجوده واتقانه لدى جميع الأفراد، فكيف هو مستوى هذه المهارة لدى طلبة أعلى صرح تعليمي وهم طلبة الجامعة؟، خصوصا وأن اتقانها في هذه المرحلة أمر ضروري، لاسيما وأن العملية التعليمية في الجامعة تتطلب غالبا كتابة بحوث وتقارير علمية مبنية على قواعد وأسس رصينة، يستوجب على الطالب صياغتها وترتيبها واتقانها بالشكل المطلوب والمعبر عن فكر أكاديمي راق.
إن الإجابة عن هذا التساؤل مرّة ومؤلمة، فالواقع الذي نراه يعبر وبكل وضوح عن ضعف مستوى هذه المهارة لدى الكثير من الطلبة، بشهادة أكاديميين قريبين جدا من الواقع الجامعي، وباعتراف العديد من الطلبة، وحتى مما نراه في وسائل التواصل الاجتماعي، التي نجدها مليئة بالأخطاء الإملائية من قبل العديد من طلبة الجامعة، حتى انه لم تزل عقدة التاء المربوطة، والتاء المفتوحة، أزمة لا نعرف متى ستنتهي.
«الراي» ألقت الضوء على هذا الموضوع، وكانت الردود التالية.
في البداية، أوضحت أستاذة علم النفس الجنائي في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتورة نعيمة طاهر، ان «أعضاء هيئة التدريس يعانون من بعض الطلبة الذين يجدون صعوبة في كتابة التقارير أو حتى في التعبير عن آرائهم وأفكارهم بصورة واضحة»، مبينة أن «السبب الرئيسي في هذا الأمر هو مخرجات المدارس، لاسيما في ظل عدم اهتمام وزارة التربية بتطوير مهارة التعبير في الكتابة لدى الطالب، بالإضافة إلى عدم تركيزها على كيفية كتابة التقرير وأصوله ومراحله، ومثل هذه المواضيع تحتاج الوزارة أن تضعها كمنهج أو مقرر يدرّس».
ولفتت إلى أن «هذا المستوى التعليمي في المدرسة يؤثر على الطالب في ما بعد، في حياته ودراسته العليا في الجامعة، وعندما يطلب منه الأستاذ عمل بحث يجد الطالب صعوبة، ويلجأ وللأسف للمكاتب المنتشرة في البلاد، ومثل هذه المكاتب غير مضمونة فقد تقدم البحث ذاته لأكثر من طالب جامعي، علما بأن هذه المكاتب لا تستخدم المنهج العلمي في الكتابة أو حتى المعلومات المستخرجة التي غالبا ما تكون خاطئة وبعيدة عن صلب الموضوع، وغالبا ما تكون من الإنترنت والمنتديات، وليست من كتب ومباحث علمية موثوقة، وتكتب المراجع فيها بشكل خاطئ».
وتابعت، «أنا شخصيا إذا وجدت مثل هذه الأبحاث أضع عليها صفرا، لأنه من السهل اكتشافها إذا ما قورنت بمستوى الطالب، وبالتالي اطلب منه أن يكتب البحث بنفسه مهما كان فيه من أخطاء، حتى يبين مجهوده».
وزادت الدكتورة نعيمة طاهر، «كما نعاني من عدم قدرتنا على فهم الكتابة التي يخطها بعض الطلبة في الامتحانات، فالخط غير واضح ولا يمكن قراءته، وذات مرة اضطررت بسبب عدم وضوح الخط في إجابات الطلبة إلى تغيير أسلوب الامتحان، ووضع أسئلة اختياري متعدد».
واختتمت بأنه «يجب أن تكون الحلول والتأهيل من البداية، ويجب أن نشجع الطلبة على استخدام المكتبة وقراءة الكتب فنحن في الجامعة لا نربي أطفالا، لأنه من المفترض أن يكون الطالب متعلما لمثل هذه الأساسيات، وأن يصل إلى مرحلة قادر على أن يبحث ويعتمد على نفسه في استجلاب المعلومات من مصادرها الموثوقة.
من جانبها، قالت أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتورة أمثال الحويلة، «نجد في مخرجات التعليم في هذه الفترة ضعفا واضح في القراءة والكتابة، ونحن كأكاديميين في المجال التربوي نطالب بإعادة تقييم المناهج الدراسية وكيفية الرقي في مستوى الطالب، خصوصا في لغة الطالب العربية، لغة القرآن والتي من المفترض أن يلتفت إليها بشكل أكبر».
وتابعت، «للأسف تعتمد مناهجنا الدراسية على أسلوب التلقين، إذ لا تعطي مساحة للطالب في حرية المناقشة، أو حتى في النظر إلى مواضيع مهمة في خارج التخصص، ومن المفترض أن يكون الطالب الجامعي على مستوى أفضل من الذي نراه في الواقع، ففي الامتحان نجد أن خط الطالب غير واضح، وكتاباته غير مقروءة وبعض الكلمات غير مفهومة، وتراكيب جمل غير صحيحة، وفيها الكثير من الأخطاء الإملائية، وضعف في الصياغة اللغوية والتعبير».
وزادت، «أعتقد بأن هناك خللا في المناهج التعليمية، وخصوصا في اللغة العربية التي تنسحب عليها جميع المواد الدراسية، فمن المفترض أن نرتقي في اختيار المعلمين ومستوياتهم في اللغة العربية، ولا بد من أن نكثف في كيفية طرق تدريس اللغة العربية، وخصوصا في الابتدائي، ومن المفترض في هذه المرحلة أن تكوّن لدى الطالب القدرة على القراءة السليمة والكتابة، إضافة إلى تنظيم الانشطة باللغة العربية، لاسيما في قراءة روايات وقصص خارج المنهج».
وبينت «نحن نحاول أن نتدارك ما أغفلته وزارة التربية في مناهجها التعليمية، وأنا شخصيا دائما أدعو الطلبة لحضور معارض الكتب وقراءة مختلف الكتب، وأطلب منهم أن يقدموا لي ملخصا عما فهموه من هذا الكتاب الجديد بالنسبة لهم، علاوة على وضع بصمتهم في إبداء رأيهم وتعليقهم على الكتاب ومناقشته، وهذا من شأنه أن ينمي الطالب في الجانب النفسي والاجتماعي واللغوي والتعبير عن النفس والتعبير الانفعالي والقدرة على التواصل مع الآخرين وإبداء وجهة نظر تخلق بينهم حوارا هادفا، موضوعيا وذا نظرة إيجابية».
وأضافت، «أيضا هناك مشكلة لدى بعض الطلبة، تتمثل في نفورهم من العروض التقديمية، فدائما لا يرحبون بفكرة إلقاء أفكارهم ومعلوماتهم أمام المجاميع وهذا بسبب وجود تخوف وقلق لديهم، وبشكل عام حتى لو أراد الطالب أن يبدي رأيه ويكتب في موضوع ما نجده يخاف من وجهة نظره، لأنه يعتقد إما أن تكون وجهة نظره صحيحة أو خاطئة، إذ لا مجال للتناسب في الموضوع، وهذا نظام تفكير اعتاد الطالب عليه منذ مراحله الأولى التعليمية، فنحن نظامنا التعليمي واحد، أما أن تكون إجابتنا صح أو خطأ ولا نترك المجال لوجهة النظر الأخرى»، مبينة أن «ترك طرح الأسئلة المقالية في الامتحانات لا يعطي للطالب مساحة للتعبير عن نفسه، وهذا له أثر كبير في نفور الطلبة من الكتابة والاسترسال فيها».
واوضحت انه «في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية التي نعيشها في وقتنا الحالي، واختصار التكنولوجيا للعديد من مهام الحياة التي كنا في السابق نجري عمليات عقلية كثيرة للوصول لها، لكن أصبح التوجه اليوم نحو الاختصار في الكثير من المجالات لاسيما الكتابة منها، وحتى في دراساتنا العلمية، بالإمكان أن نختصر دراساتنا العلمية في عدد أقل بكثير مما كنا نقوم بعمله في السابق، لكن يبقى علينا أن نعلم أن الاختصار هو أيضا فن يجب الالتزام بقواعده وإتقانه».
وأفادت، بأن «اللغة أساسا تعتمد على عمليات عقلية يجب أن ننميها لدى الطالب، وليس شرطا أن تكون متخصصا في مجال بعينه حتى تستشعر أهمية اللغة»، متوجهة بالنصيحة للطلبة وقالت «لا تنتظروا الآخرين لتنمية قدراتكم، بإمكانكم تطوير مهاراتكم اليوم بطرق سهلة بسيطة ممكن الوصول إليها بشكل سهل وسريع».
ومن اراء في الموضوع، قال الطالب فواز العنزي، «المشكلة تكمن في المراحل التعليمية الأولى، لاسيما تلك التي يفترض أن يتم تأسيس الطالب فيها على تعلم الأساسيات في الكتابة والقراءة، لكن للأسف كلنا يعلم طبيعة النظام التعليمي لدينا الذي أصبح سببا في قتل الإبداع والابتكار لدى الطلبة، ومهارة الكتابة أيضا تكاد تكون معدومة لدى العديد من الطلبة بسبب الفشل في النظام التعليمي».
واضاف العنزي، «الطالب المقبل على الدراسة في الجامعة يجب أن يكون متهيئا بما يكفي لدخول هذه المرحلة المهمة، والتي تتطلب دائما بأن يكون على مستوى متقدم في الكتابة والقراءة، فكلنا يعلم أن الكتابة في المرحلة الجامعية تتطلب الدقة والتقيد بأصول وقواعد علمية، حتى يتمكن الطالب من إيضاح فكرته بالشكل المطلوب».
وحمل العنزي، وزارتي التربية والتعليم العالي وزر هذه المشكلة، وذلك «بسبب تراكم المشاكل التي تعترض العملية التعليمية على مدى السنين دون أن يجدا لها حلا».
من جانبه، قال الطالب طارق آل بن علي، «لا يمكننا أن نلقي باللائمة على الجامعة ونحملها مسؤولية تدني مستوى الطلبة في الكتابة، فالمسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق الطالب نفسه، لأنه هو المسؤول عن تطوير وتنمية مهاراته، لاسيما تلك التي يحتاجها أثناء الدراسة الجامعية»، لافتا إلى أن «مستوى العديد من الطلبة في الكتابة جدا غير مناسب للمرحلة التي يفترض أن يكونوا قد تجاوزوا فيها إتقان مثل هذه الأساسيات في الدراسة، وبالتالي لابد وأن يلتفت الطلبة بشكل مهم لهذه المسألة وأن يأخذوها بمحمل الجد، فليست الدراسة الجامعية مجرد حصول الطالب على الدرجات فقط، بل يجب أن يتحصل الطالب على أبعد من ذلك من مهارات وعلم ونافع».
وبين آل بن علي، أن «الطالب دائما ما يصدم بالمستوى المطلوب منه في الجامعة، وهذا بسبب الفجوة الكبيرة الموجودة ما بين التعليم في المدرسة والجامعة، وللأسف ليس كل الطلبة يستطيعون استيعاب وامتصاص هذه الصدمة، فالواقع يبين لنا العديد من التجارب الطلابية التي فشلت دراسيا بسبب عدم التأقلم مع الدراسة الجامعية».
من جانبه، قال الطالب محمد علي ان «مستوى الطلبة في الكتابة متفاوت، فهناك من تجدهم يتقنون وبشكل مميز الكتابة بكلتا اللغتين العربية والإنكليزية، وهناك من تجده لا يستطيع أن يخط سطرا واحدا سليما من الأخطاء اللغوية والإملائية، وهناك من تجده مقصر جدا في إحدى اللغتين ومتفوق في الأخرى، لكن هذا التفاوت من المفترض ألا يكون موجودا بين الطلبة الجامعيين، فالطالب الجامعي على الأقل يجب أن يكون مستواه جيدا في الكتابة، لتمكنه من كتابة الأبحاث والتقارير بحسب أصولها وقواعدها العلمية».
وبين، «لقد اعتاد الطلبة على الكسل والشيء الجاهز، وأنا في الحقيقة أعترف بأني ذهبت ذات يوم واشتريت بحثا لاحدى المواد التي طلب مني فيها كتابة بحث باللغة العربية، وللأسف تأسيسي الدراسي كان غير مناسب وهو الذي اضطرني إلى ذلك».
بدوره، أشار الطالب عبدالعزيز الأنصاري، إلى ضرورة وجود دورات متخصصة في تعليم الكتابة تستهدف الطلبة الجامعيين، «من شأنها أن تصقل مهارة الطالب الكتابية اللازمة له في هذه المرحلة الدراسية»، مشددا على ضرورة أن يهتم الطالب بتطوير وتنمية مستواه في مثل هذه المهارات، وطرح مواد اختيارية في الكليات تساهم في تطوير مستوى الطالب في الكتابة.
من جهته، أكد الطالب حمود الثليث، على أن «واقع العملية التعليمية في بعض الكليات، لاسيما كلية العلوم الإدارية، قتل فينا الكتابة والقراءة باللغة العربية، خصوصا وأن الدراسة في الكلية تعتمد وبشكل كبير على اللغة الإنكليزية، علاوة على اعتماد فلسفة التعليم في كثير من المواد على الاختصار بشكل كبير في الكتابة، وهذا يشكل عائقا أمامنا في الاسترسال في كتابة الأبحاث والتقارير الأخرى».
وعبر الثليث، عن أسفه لما هو منتشر من قبل العديد من طلبة الجامعة في اللجوء الدائم للمكاتب المتخصصة في عمل الأبحاث والتقارير الجامعية، مبينا أن «هذا العمل بعيد كل البعد عن العدل والتقييم الصحيح لمستوى الطالب، وأنا شخصيا أجهد نفسي دائما في كتابة أبحاثي وتقاريري، إلا أني أصدم بطلبة آخرين لجأوا إلى مكاتب متخصصة لعمل أبحاثهم وتحصلوا على درجة أعلى مني».
من جانبها، استغربت سارة المراغي، من مستوى الكتابة لدى الكثير من طلبة الجامعة، «فدائما ما نرى أخطاء إملائية شائعة تبرهن على أن مثل هؤلاء لم يتم تأهليهم بالشكل المطلوب قبل دخولهم الجامعة، ومن العيب أن تصدر مثل هذه الأخطاء من طلبة الجامعة»، مبينة أن «المواد الاختيارية المتخصصة في اللغة والكتابة لا تجدي نفعا، لأنها غالبا ما تركز على أمور سطحية دون أن تهتم بتطوير مستوى الطالب بالشكل المطلوب».