بنيت لنفسك حياة في قلوب محبيك بعد مماتك
العم حمد البديح ... لم ننس لنذكرك
| بقلم: تركي المغامس |
1 يناير 1970
06:33 م
تتزاحم الكلمات، و تتدافع العبرات، و تبكي الذكريات، فالاحسان له اهل ،و الخير له عطاء، و الدين له مناصر، و اليتيم له اب، و المسكين له كافل، و الفقير له غطاء، و المسجد له بناء، و القرآن له ناشر، و آلام المسلمين المنكوبين له دمع، و على الارامل له سعي، العم حمد البديح الى جنان الخلد التي تجري من تحتها الانهار، عند رب كريم نستذكرك، غاب جسدك و لم تغب حسناتك، بنيت لنفسك حياة في قلوب محبيك بعد مماتك، مرت سنة على رحيلك و لم يمر يوم على ذكراك، في القلوب حفرت و بنيت و شيدت بأبه صورة قصور الحب و الوفاء فكنت ممن احبهم الله - نحسبك كذلك - فانزل حبهم في قلوب عباده .
ففي مثل هذه الايام رحل العم حمد البديح عن الدنيا الى جوار ربه، و هو الذي عرفناه كريما سخيا محسنا يحبه الصغير قبل الكبير، سمعنا عن حسن خلقه قبل ان نعرفه، فلما عرفناه وجدناه خيّرا محسنا شهما صادقا مع الله صادقا مع الناس، سكن الفنطاس و هو في كل الكويت ساكن، فيوم الرحيل نعته المنابر، بكته المساجد، حزن عليه الفنطاس، سالت على فراقه دموع الاهل و الاحباب و الاصدقاء مؤمنين بقضاء الله و قدره موقنين بان الكل الى الرحمن آيبون، و لكل محسن عند الكريم حياة في جنات النعيم .
فمذ ان شبَّ على الدنيا اتجه بوجهه و قلبه الى الله فكان من مرتادي الصفوف الاولى في المساجد لا يغيب عنها الا لمرض او سفر، و شهد بذلك اقرانه و ايمانه، اخذ على عاتقه التواصل مع اهل الكويت بشتى اطيافها و كان حكيم اهل الفنطاس يسعى في حل مشاكلهم كان وسيط خير فيهم، ربطه معهم الجوار و كان لهم الاخ مع الكبير و الاب مع الصغير، لم يقصد ديوانه احد لحاجة و لم يجده معه، فهكذا كان العم حمد البديح، بنى مع جيرانه عائلة واحدة اسمها الفنطاس و بنى مع الجميع عائلة اسمها الكويت .
اما مجال الخير و الاحسان فكان سباقا فيه، حيث كفل الايتام و سعى على الارامل و ساهم في تشييد المساجد و رعى نشر كتاب الله و السنة النبوية، و ساهم في رفع المعاناة عن المكوبين و الفقراء في البلاد المسلمة، و سورية كانت الجرح العميق لديه و كانت الامل الكبير له فهو المحب للاسلام و المسلمين كان ينتظر قيام الاسلام و سخّر ما جادت به نفسه لنصرة اخوانه في سورية و لم يغب عن معاناة اللاجئين و اسر الشهداء و كان داعما لهم ساعيا لنصرتهم .
و في خضم كل ما تقدم لم ينس العم حمد البديح أن يجعل لنفسه أثراً بعد رحيله، فكان من خير الناس الذين ربوا أبناءهم على حب الخير و الدين و غرس فيهم الاخلاق الحميدة و حب الخير فكانوا على عينه من خيرة الشباب الذين يجمعون الكلمة و يخطون على خطى والدهم في حسن الخلق و الشهامة و حب الخير، فلم تنقطع بعده اعمال الخير بل حملها اشباله على عواتقهم مسطرين بذلك الاقتداء بوالدهم، فلم تتوان وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية في اطلاق اسمه الكريم على احدى حلقات تحفيظ القرآن لديها ايمانا منها بما لهذا الرجل من اسهام في عمل الخير و حسن السمعة.
مع السنين تتساقط اوراق الشجر و نكشف عن المحسنين في بلد الاحسان و الخير الكويت، فمسيرة الخير متأصلة في ابناء هذا البلد يعملون في خفاء راجين ما عند الله، و كان العم حمد البديح احد هذه الكوكبة الخيرة في بلدي، الى رحمة الله يا بو محمد ذكرناك في هذه الايام و لم ننسك في يوم من الايام فمن غرس غرسا في هذه الدنيا يرعاه الله برعايته و ينميه و يجعله على ألسُنة الناس و في قلوبهم ذكراه، اسأل الله العظيم ان يزيدك احسانا و يرفع درجتك في عليين .