نظّمها قسم البيانو بمشاركة الأساتذة وطلبة من مختلف المراحل

«الباروك» و«الرومانتيكي»... إبداع الماضي بأنامل طلبة «الفنون الموسيقية»

1 يناير 1970 08:47 م
• محمد الديهان: الحفل كان مميزاً وتمّ دعم الطلبة تحت إشراف الأساتذة

• ظريف زكريا: قمنا في حفل هذا العام بمراعاة الخط الأكاديمي

• جمال جمعة: كان الطلبة خلال «البروفات» لا يعرفون التحكم بأنفسهم

• أحمد السنين: بدأنا منذ الآن بالتجهيز لحفل السنة المقبل ليكون بشكل أكبر
شهدت قاعة مسرح «المعهد العالي للفنون الموسيقية» حفلاً خاصاً لقسم البيانو «ريستيال» حمل عنوان «مؤلّفات من عصر الباروك إلى العصر الرومانتيكي» تمّ من خلاله اختيار أفضل المقطوعات الموسيقية لمشاهير الموسيقيين في العالم أمثال باخ، هايدن، موزارت، دايبلي، بيتهوفن، شوبين، بادريوسكي وراشمانينوف... وكان أبطاله مجموعة من الطلبة المميزين غالبيتهم من قسم «بيانو تخصص» الذي يحرص على إعداد الطالب ليكون عازفاً وكيفية أدائه على المسرح وليس مدرّساً فقط، وذلك تحت إشراف من أساتذة المعهد وبحضور عميد المعهد الدكتور محمد الديهان ونخبة من الموسيقيين.

«الراي» زارت «قسم البيانو» حيث كان يتواجد نجوم تلك الأمسية من طلبة وأساتذة للتعرف على كيفية التحضير للحفل الموسيقي المبهر، وكانت البداية مع الدكتور ظريف زكريا الذي قال: «قمنا في حفل ريستيال لهذا العام بمراعاة الخط الأكاديمي والالتزام به من خلال تقديم مقطوعات أكاديمية، وذلك كان واضحاً من عنوان الحفل (مؤلّفات من عصر الباروك إلى العصر الرومانتيكي)، فكان اختيارنا مقطوعات دراسية وأكاديمية ولم نرغب في أن يخرج الطلبة عن ذلك الخط عبر تقديم موسيقى (لايت) والعصرية، على الرغم من وجود مقطوعات أكاديمية في القرن العشرين».

وأشار إلى أن «الجديد في حفل هذا العام تقديم مقطوعات تعرف بتقنية (أربعة أيدي على بيانو واحد) بحيث يعزف الطالب مقطوعته ويكون الأستاذ إلى جانبه كمساند، وهذا الأمر هو جيّد للطالب المبتدئ، لأنها تمنحه الثقة بنفسه في ظلّ وجود أستاذه إلى جانبه، وهذه الطريقة لم نبتكرها، بل هي موجودة أكاديمياً. كما قمنا في حفل هذا العام بعمل (كونشرتو) لآلتين من البيانو للمؤلف هايدن، إذ من المفروض أن يكون الـ (كونشرتو) بين بيانو واحد والأوركسترا، لكن لعدم توافر أي نوع من الأوركسترا هنا، فاستخدمنا هذه التقنية، إذ عزف الطالب أحمد عبد السلام – أولى عالي- الصوت الأول، أما الصوت الثاني فعزفته الطالبة مارينا ماجد – ثالثة عالي- والتي تقوم بدور الأوركسترا، وهي المقطوعة التي أنهينا بها الحفل باعتبار أنه عمل ضخم».

وعن الآلية التي تم من خلالها اختيار الطلبة الذين شاركوا في الحفل الموسيقي، قال: «جاء اختياري لهم بحكم أنني قمت بتأسيسهم وعرفت مستواهم. وبما أنني أمتلك تلك الخبرة في مجال الحفلات الموسيقية، فكنت الوحيد الذي قدّم 8 فقرات من أصل 17 فقرة مع طلبتي، وهم: ناصر العتيبي في الصف الحادي عشر وقدّم مقطوعة لباخ، محمد خسروه في الصف الثاني عشر وقدّم مقطوعة لبيهوفن، يوسف أسامة في الصف الثاني عشر وقدّم مقطوعتين للموسيقار شوبين، مارينا ماجد في الصف الثالث عالي وشاركت في تقديم (أربعة أيدي على بيانو واحد) بمقطوعتين واحدة لموزارت وأخرى لهايتن، بالإضافة إلى تقديم مقطوتين (صولو) لشوبين. أما الطالب أحمد فؤاد في الصف رابع عالي فقدّم (كونشرتو) للموسيقار هايدن».

وعما إذا كان يتدخل في اختيار المقطوعات الموسيقية التي قدّمها الطلبة، أجاب «مهمّتي أن أساعد في اختيار المقطوعة الأنسب للطالب، لناحية تقديم عدد من المقطوعات، ومن ثم ترك حرّية الاختيار له بحيث يختار الأقرب إلى قلبه حتى يبدع بها، فأنا لا أحبّ أن أفرض على الطالب أي مقطوعة حرة في الحفلات الموسيقية، إلا إن كانت مقطوعة أكاديمية تجب دراستها».

من جهته، قال الدكتور جمال جمعة: «الحفل الموسيقي كان أكاديمياً خالصاً ومقتصراً على الطلبة أكثر من الأساتذة، وقد نفّذ بطريقة صحيحة واستفاد الطلبة منه بشكل كبير، وانتهلوا خبرة في كيفية العزف حتى وإن كانوا في مراحل دراستهم الأولى. وبالرغم من أنهم كانوا يقعون خلال البروفات الأولى بالأخطاء ولا يعرفون كيفية التحكم بأنفسهم، لكن مع تكثيفها بدأ الوضع يتغيّر وتحسّن حالهم كثيراً».

وأضاف «شخصياً أشرفت على 6 طلبة، لكن ثلاثة منهم تعرضوا لظرف طارئ لم يتمكنوا من الحضور، وبالتالي لم يتواجد سوى ثلاثة فقط، الأولى هي ندين خالد طالبة في المرحلة الاعدادية وقدّمت مقطوعة للمؤلف الموسيقي ديابلّي. أما أحمد عبد السلام، وهو طالب في أولى عالي، فقدّم مقطوعة للمؤلف الموسيقي ديابلّي، وكذلك حمد عبدالله الطالب في ثانية عالي كانت مقطوعته لديابلّي».

بدوره رأى المدرس المساعد أحمد السنين أنّ «حفل هذا العام مختلف عن سابقه، إذ ركزنا على أن تكون رسالة البيانو حقيقية مثلما هو معمول به في الجامعات العالمية. وفي ما يخصّ مستوى الطلبة فقدّموا مقطوعات عالمية، ونحن كمشرفين عليهم ركّزنا على أن يشمل الطابع من عصر الباروك والقرن السابع عشر إلى القرن العشرين وهو ما يسمى (مودرن ميوزك)، كما لفت نظري أن أداء الطلبة في هذا العام كان مختلفاً بالإيجاب عما تم تقديمه في العام الماضي، وكله كان بإشراف من دكاترة القسم ورئيسه، إذ كان هدفنا أن يكون أداؤهم قريباً جداً من الأسطوانة حين نسمعها، وأنا شخصياً أشرفت على عبد العزيز العبوه، وهو طالب في أولى عالي، وقدّم مقطوعتين الأولى لشوبين والثانية بادرويسكي. كما أشرفت على مينا رضا وهي طالبة ثانية عالي وقدّمت مقطوعتين الأولى لبيتهوفن والثانية لشوبين».

واستطرد السنين مشيراً إلى مدى الاستعداد للحفل القادم بالقول «منذ الآن بدأنا بالتجهيز للحفل المقبل في السنة المقبلة ليكون بشكل أكبر وأضخم وأقوى على مستوى الكويت، وكذلك على مستوى المقطوعات. إذ سنحرص على ألاّ نقدّم مقطوعات سبق عزفها مع التركيز على مؤلفين لم يعزف لهم أحد من قبل، أو اختيار مقطوعات لم يقدّمها سابق لنا في تاريخ المعهد. والسبب أن المدرسين قد اعتادوا تكرار الأشياء، وهو الأمر الذي نطمح إلى تغييره والخروج عنه».

من جانبه قال عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية محمد الديهان: «الحفل كان مميزاً لقسم البيانو، تمّ من خلاله دعم الطلبة تحت إشراف الأساتذة. فنحن لدينا أهداف واضحة في المعهد منها أن يعتاد الطالب على مواجهة الجمهور من خلال وقوفه على خشبة المسرح والعزف أمام الجمهور، وهذه المنهجية نتبعها كذلك في اختبارات نهاية العام».

وعن مستوى الطلبة في هذا العام قال «شهادتي بطلبة المعهد مجروحة، أداؤهم كان رائعاً، وجهود أساتذة قسم البيانو واضحة من خلال مستويات الطلبة، إذ منهم ما زال في المرحلة الإعدادية وآخرون في الثانوية، بالإضافة إلى وجود طلبة ما زالوا في عامهم الدراسي الأول، مع ذلك امتلكوا الجرأة في الوقوف على الخشبة».

وفي ما يخصّ تدخل إدارة المعهد في اختيار المقطوعات التي تمّ عزفها، أوضح أن «شؤون أي قسم من أقسام المعهد تكون مقتصرة فيه وعلى أساتذته، ولا يوجد أي تدخل مني كعميد أو من أحد آخر، والسبب أن الأستاذ المسؤول عن طلبته هو الأدرى في مستوى من لديه ومقدرته على عزف مقطوعة موسيقية من دون الخروج عن الإطار الأكاديمي».

أما عن التطوير المقبل الذي سيضاف إلى الحفل، فتمنى أن يكون الحفل ضخماً لقسم البيانو، «وسأحرص على دعمه، كما هناك فكرة تتمحور بمشاركة الأساتذة بالعزف مع الطلبة بشكل كبير جداً، الطالب يتخذ من أستاذه القدوة، وعندما يرى ذلك في الحفل سيطمح للوصول إلى مستوى ذلك الاحتراف».

وأضاف: «نحن نحضّر لمهرجان موسيقي في المعهد، وسنستقطب أكاديميين وعازفين وهو ما سيزيد من نجاحنا، ونأمل أن يحضره عازفون على مستوى العالم كي ينهل طلبتنا من خبرتهم، وفي المقابل كي يشاهدوا المواهب التي نمتلكها».

الطلبة: تغلّبنا على الخوف والتوتّر



قالت ندين خالد - طالبة المرحلة الإعدادية - «اخترت مقطوعة لديابلي لأنها سهلة وبنفس المستوى الذي أعزف به، وشعرت بأني سأتمكن من إظهار مجهود جميل. وخلال البروفات عانيت كثيراً من رهبة المسرح، وكان الخوف والتوتر يتملكاني لأنها المرة الأولى التي أعزف بها على خشبة مسرح أمام جمهور، لكن فور انتهاء الحفل كنت سعيدة بما قدّمته وأنجزته».

أما يوسف أسامة - طالب في الصف الثاني عشر - فقال: «عودني الأستاذ المشرف على أن أستمع للعديد من المقطوعات قبل الاختيار، وهو الأمر الذي حرصت عليه. وما يشدّني في الاختيار أنني أتخيل نفسي في تحد وانتقاء ما هو أعلى من مستواي من أجل الوصول إليه».

بدوره أشار عبد العزيز العبوه - طالب مرحلة أولى عالي - إلى أن الاختيار كان من قبل أستاذه المشرف، بحكم أنه يعرف تماماً ما يناسب قدراته أكثر منه، «إذ في بعض الأحيان قد أختار مقطوعات تكون أكبر من المستوى الذي أنا فيه، وبالتالي فلن أتمكن من عزفها بالصورة الصحيحة».

وأضاف: «أكثر ما كان يزعجني في البروفات هو الاستيقاظ مبكراً والدراسة ليلاً من أجل الاختبارات، والرهبة التي تنتابني وأنا أمشي في طريقي إلى الكرسي المقابل للبيانو، لافتاً إلى أن «العازف إن لم يكن قوياً يعرف كيفية السيطرة على ذلك الخوف فسوف يخفق، وشخصياً في لحظة من اللحظات شعرت بأني سأخفق، لكن تمكّنت من التحكم بنفسي جيّداً، خصوصاً أنها ليست المرّة الاولى لي التي اعزف بها في الحفلات الموسيقية».

وقال الطالب محمد خسروه - الصف الثاني عشر - «اخترت مقطوعتي للموسيقار بيتهوفن بعدما أسمعني إياها الدكتور ظريف، إذ إنها استهوتني وقررت أن أعزفها، وخلال أسبوع واحد فقط تمكنت منها جيداً. لكن خلال الحفل انتابني الشعور بالخوف والتوتر من الجمهور وأن أقع بالخطأ في العزف، ومع ذلك تمكّنت من التغلب على الأمر».

أما الطالب ناصر العتيبي - الصف الحادي عشر - فقال «اخترت مقطوعة للموسيقار باخ، لأنني سبق أن سمعتها وأعجبتني، ولا أرى أن فيها تلك الصعوبة. فأنا سبق لي أن عزفت أمام جمهور وهو الأمر الذي ساعدني في التغلب على الخوف. كما أنني لا أنسى أول نصيحة قالها لي الدكتور ظريف (لا تخاف، خلّك عادي ومالك شغل بالجمهور، واحرص على التدريب)».

وأوضح الطالب مينا رضا - ثانية عالي - أن أستاذه المشرف ساعده في اختيار المقطوعتين التي عزفهما، «لكن في الوقت نفسه شعرت بأنهما قريبتان منّي، ومن وجهة نظري أرى أن من الممكن لأي طالب أو عازف أن يتجانس مع أي مقطوعة بشرط أن يعرف ماذا يريد أن يقول وأن يشعر بها، وشخصياً انتابني بعض الخوف والرهبة من الوقوع بالخطأ، ربما لأنها المرة الأولى التي أقف فيها فوق خشبة المسرح وأعزف أمام الجمهور».