قدمتها فرقة «كلية الفنون والتصميم» من الجامعة الأردنية

«ثلاثة أحزان مسموعة»... سقطة إخراجية أوقعت الممثلين

1 يناير 1970 08:29 م
تتواصل عروض المهرجان «الأكاديمي المسرحي» بدورته الرابعة في تقديم المسرحيات المتنافسة على الجوائز، وذلك على خشبة «حمد الرجيب» في المعهد العالي للفنون المسرحية.

فشهد مساء أول من أمس العرض ما قبل الأخير، قدّمته فرقة «كلّية الفنون والتصميم» التابعة للجامعة الأردنية حمل عنوان «ثلاثة أحزان مسموعة»، من تأليف الكاتب التركي عزيز نيسين ومن إخراج الطالب أسامة هاني الجراح.

قبل الخوض في العرض المسرحي، لا بد من تسليط الضوء قليلاً على مسرح عزيز نيسين الذي يتّصف بالسياسي والذي يقدّمه دوماً بقالب الكوميديا السوداء طارحاً من خلاله قضايا سياسية واجتماعية بهدف تسليط الضوء كمواطن تركي عانى الكثير في حياته من ظلم بالدرجة الأولى على ما يعانيه شعبه، وكان ذلك بسبب الاضطهاد الذي ذاقه والظروف التي عاشها في تلك الفترة آنذاك. ومن هذا المنطلق نرى أن المخرج الجراح قد وضع على عاتقه مسؤولية كبيرة لدى اختياره نصاً يحتاج قدرات كبيرة في العملية الإخراجية، ما وضعه في ورطة لم يستطع الخروج منها بسلامة، وبالتالي أوقع الممثلين معه الذين يمكن وصف أدائهم بالعادي المجرّد من الغوص في قالب أبعاد الشخصية الثلاثة، وهو ما جعل الجمهور لا يتفاعل مع أي حدث من الأحداث، وخروج العديد منه قبل انتهاء العرض المسرحي. استهلالية المسرحية بدأت بالرتابة التي امتدت إلى كل الأوقات، وكان ذلك واضحاً مع المشهد الأول الذي خيّم عليه الصمت من دون إيصال أي رسالة، على الرغم من أنّ الصمت كما هو متعارف عليه في المسرح قد يكون أبلغ من الكلام في الكثير من الأحيان. لكن ما حدث في «ثلاثة أحزان مسموعة» أنّ المخرج لم يتمكّن من توظيف «صمته» بالصورة الصحيحة، فكان مجرد ملء للزمن المسرحي. وإن تكلمنا قليلاً عن الأداء التمثيلي للثلاثة الذين اعتلوا المسرح، فكان أشبه بـ «بروفة» وليس عرضاً متكاملاً، إذ إن الممثلين الثلاثة كانت حركتهم ثابتة من دون استغلال أبعاد الخشبة. كذلك لم يتمكنوا من تقمّص الأبعاد الثلاثة للشخصيات النمطية المتمثّلة برجل الشرطة، المخبر والفار من العدالة، ما أظهر أداءهم بصورة باهتة على الرغم من اجتهادهم، وهذا لوم يقع على عاتق المخرج الذي لم يمنح وقتاً كافياً للتركيز على هذه النقطة، متناسياً أنّ الأداء المسرحي للممثلين ليس مجرد سرد للحوارات، بل هو عيش لها وتقمّصها صوتاً وحركة وإيماء. ناهيك عن ذلك كله، وجود أخطاء لغوية في نطق اللغة العربية الفصحى، ووقع المخرج في مصيدة «الكوميديا السوداء» التي يمتاز بها كاتب النص نيسين، فهو لم يظهر لنا أي ملمح منها، بدليل أنّ الجمهور لم يشعر للحظة واحدة بوجود أي ملمح كوميدي على الرغم من أنّ النص مليء بها. وعلى أبسط تقدير، كان الأجدر بالمخرج الاستفادة من «التكرار» في الحوارات التي وضعها نيسين في نصّه. أمّا على صعيد الديكور، فقد حاول المخرج من خلال الديكور البسيط إيصال إيحاء مباشر إلى المكان الذي تدور فيه الأحداث، وهو «ثكنة عسكرية»، مدعّماً ذلك من خلال الحوار المسرحي. وفي ما يخصّ الإضاءة، اعتمد المخرج على «الظلمة» في الكثير من المواضع والتي تعامل معها الممثلون الثلاثة. وكان ذلك جلياً في المشهد الأول من العرض المسرحي، عند دخول كل ممثل منفرداً وهو يحمل في يده كشافاً يسلط به الضوء على بقعة محددة، في حين أن بقية الأماكن خيّم عليها الظلام، وربما قصد بها دلالة على رغبة السلطة في توجيه نظر الشعب إلى ما يريدونه فقط دون أي مكان آخر حتى لا يكون مصيرهم في الظلام.