استمعت إلى مرافعة النيابة العامة التي طعنت ببراءة المتهمين

«الاستئناف» تؤجل «اقتحام المجلس» لمواجهة شهود الإثبات والنفي

1 يناير 1970 05:34 م
أجلت محكمة الاستئناف أمس قضية اقتحام مجلس الامة الى 12 مارس المقبل لاستدعاء شهود الاثبات المتمثلين بكل من رئيس حرس المجلس العميد بسام الرفاعي وامين عام المجلس علام الكندري ووكيل وزارة الداخلية المساعد اللواء محمود الدوسري، وكذلك شاهد النفي أحمد الهاجري.

وكانت المحكمة قد اجتمعت في جلستها برئاسة المستشار نصر آل هيد الى مرافعة النيابة العامة التي فندت حكم أول درجة الذي قضى ببراءة المتهمين مستعرضة ما قام به المتهمون بالتفصيل لتنتهي في ختام مرافعتها بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالغاء حكم اول درجة والقضاء بادانة المتهمين.

وجاء في مرافعة النيابة ان الأفعال التي قارفها المتهمون بمخالفتهم لأحكام القانون بالسير في تظاهرات غير مرخصة، وافتراش الطرقات العامة وتعطيل منافعها، تحدياً لرجال الأمن، واستباحة لحرمة اجسادهم بقذفهم بما تطوله الايدي، وعدم الامتثال لاوامرهم، واهانتهم، والتشكيك في ولائهم لوطنهم، وتحريضهم على التمرد على واجبهم الوظيفي، والدخول عنوة الى مجلس الامة، والتعدي على حراسه، والعبث في قاعة اجتماعاته الرئيسية اجتراء، واعتلاء منصاتها استهتاراً، هي على امن البلاد ادخل في الخطر، وعلى مسخ سبل ممارسة الديموقراطية ابلغ في الاثر، كونها محاولة لتصوير الفوضى على انها ديموقراطية، ومخالفة القانون على انها تطبيق لاحكام الدستور. كما أن محاولتهم تلك لا تفضي لغير مفاهيم السلطة المطلقة، كونها تناقض حقيقة أن القوة بغير قانون هي التحكم، وان القوة التي لا يوجهها القانون ويقيدها هي الفوضى، مشيرة إلى أن من كان هذا هديه، كان العقاب جزاءه جزاء موفورا، لا يغير فيه ان كان ممن يتمتعون بعضوية في مجلس الامة، فهذه الصفة لا تشفع له، بل تحاصره، لترد عليه معاذيره، وهو مُليم، كونه اولى الناس بتطبيق احكام القانون وعلى رأسها الدستور واجدرهم بالمحافظة على هيبة مجلس الامة، أحد اركان الدولة.

واضافت النيابة العامة في مرافعتها أن جسامة القضية قد تغري بالاستغراق في عرضها طويلا لتقفوا على ما هو مضمر في اطوائها من دلالات بغيضة.

وحسبما أن نحيل إلى ما سبق وان ترافعنا فيه امام محكمة الجنايات، وما قدمناه مضمونا إلى صحائف دعوانا، لئلا يخرج بنا الحديث عن غايته، وهي بسط ادلة الثبوت لتطمئن اليها المحكمة كما حصلتها النيابة العامة.

واضافت النيابة: أن الجماهير استقبلت دعوات المتهم/ مسلم البراك لهم بالسير في مسيرات واعلان الاعتصامات والمبيت بالتصفيق والتهليل، كما اعلن المتهم وليد الطبطبائي عن قرب انطلاق تلك المسيرة واهاب بهم اتباع مذياعها، فضلا عن وجود اتفاق مسبق جمع المتهمين (العاشر، والخامس والاربعين، والسادس والاربعين، والسادس والخمسين، والتاسع والخمسين) على تنظيم تلك المسيرة والدعوة لها، وتوزيع الادوار في ما بينهم، مما يؤكد بتهيئة الاستعداد العقلي بل والنفسي عند الجموع لشد الرحال ايذانا بقرب انطلاقها.

وعلى وقع تلك الاستعدادات تحرك المتهمون مشيا على الاقدام من مكان تجمعهم بالساحة المقابلة لمجلس الامة إلى حيث شارع الخليج العربي قاصدين منزل رئيس الوزراء السابق، مشيعين بهتافات مناهضة له، انبرى في ترنيمها المتهم حماد مشعان الرشيدي، ومن خلفه دوي صوت الجموع المرددة لما يقول، ولما بلغوا الحاجز الامني لرجال الامن العام تدافعوا باتجاهه، مصمّين آذانهم عن تعليمات القائد الميداني اللواء محمود الدوسري بمنع المسيرات حفاظا على الامن العام، فاسقطوا ذلك الحاجز، محدثين بخمسة من رجال الامن اصاباتهم الموصوفة بالاوراق، متمادين في غيهم يرشقونهم بما تطوله الايدي من حجارة وعقل واحذية، في محاولة اخرى لاختراق ذلك الحاجز، لكن الفشل كان حليفهم، فافترشوا الطريق العام قبالته، وظلوا متجمهرين هنالك لزهاء الساعة من الزمن، تخللها ترديدهم لعبارات وشعارات تطالب برحيل رئيس الحكومة، وفي ظل من موقفهم الصاخب المتوشح بالعشوائية، اطلت خطورتهم الاجرامية عبر اهانة بعضهم لرجال الامن - إذ وصفهم المتهم/ محمد نايف الدوسري (بالشبيحة) و(بالعصابة التي لا تفقه لغة القانون) - فاستفحلت لتبلغ مدى ينم عن محاولة متهورة بالزج بمنظومة حفظ الامن في دوامة الصراعات السياسية بغية التأثير في عزائم القائمين عليها، دون مبالاة بما قد يترتب على هذه المحاولة من اثار سلبية على امن البلاد، وذلك بان حرّض عدد منهم رجال الامن على التمرد، دون أن تنال تلك الدعوات من عزيمة رجال الامن، فخابوا وخاب مسعاهم، كما وجه المتهم الخمسون اذ ذاك علنا عبارات نال بها من ذات صاحب السمو أمير البلاد.

التوجه للمجلس

واستطردت النيابة في مرافعتها بالقول ان المتهمين بعد ذلك اتفقوا على التوجه الى مجلس الامة للاعتصام بداخله اذ دعاهم المتهم جمعان الحربش - جهارا وعلى رؤوس الاشهاد - لعقد اعتصام مفتوح هنالك، ظاهره فيها عدد من المتهمين - في تحد صارخ لأحكام القانون. وصوب مجلس الامة زحفت الجموع تنادي باسترجاعه. ولما بلغوا بوابته الخارجية رقم (1) ألفوا لديها قائد حرس المجلس العميد بسام الرفاعي معية أفراده مصطفين في مواجهتهم كحائط صد، فصاح المتهمون مطالبين بفتح أبواب المجلس على انه بيتهم، فيما حاول بعضهم الاستيلاء على عتاد الحرس، ما دعا القائد المذكور الى اصدار أمر بإدخالها، فالتقى أمره هذا مع طلب المتهم / وليد الطبطبائي بتمكينه من الدخول الى مجلس الامة بصفته عضوا فيه، ففتحت ثغرة في البوابة المذكورة لإدخال الاسلحة ولينسل المتهم سالف الذكر من بين ثناياها - بيد انه مكن الجموع من التدافع على تلك البوابة ما تسبب بإصابة بعض الحراس - كما هو مبين بالاوراق - وهرع هو الى داخل المبنى وفي عقبه العميد الرفاعي وعدد من الحراس، في محاولة لمنع الجموع من التغلغل الى مبنى المجلس فاعترضوا طريق المقتحمين بالحواجز المعدنية والابواب الخشبية ولكن دون جدوى، اذ تمكن المتهمون من دفع تلك العوائق وشقوا طريقم الى الممر المؤدي لقاعة عبد الله السالم، وهناك اعترض المتهم فيصل المسلم سبيل بعض الحراس بجسده فجنبهم اداء وظيفتهم في محاولة منع الجموع من ادراك باب القاعة، الذي ما ان بلغه المتهمون حتى تجمعوا امامه وأخذوا يدفعونه - غير مبالين في محاولات العميد الرفاعي والحارس مبارك الهاجري في ثنيهم عن ذلك - فحطموا قفله، وأصيب مبارك الهاجري بإصابته الموصوفة بالاوراق.

وشرحت مرافعة النيابة ما حدث داخل القاعة حيث اكدت ان في داخل القاعة تجسدت كآبة المنظر، اذ اعتلى بعضهم منصاتها، وانتشر آخرون في صحنها، فيما جلس غيرهم خلف المقاعد المخصصة لأعضائها، وأخذوا يعبثون بحاجاتها تارة، وتارة اخرى يسطّرون عبارات مناهضة للحكومة على أوراقها، في منظر حط من جلالة المكان الذي شهد ولادة الدولة الدستورية. وما أسفر عنه تحطم بعض تلك الاغراض - على النحو المبين بالاوراق - فيما سرق المتهم / فارس سالم البلهان معية مجهول المطرقة المخصصة لاستخدام رئيس مجلس الامة، وساد المشهد جو صاخب من الهتافات المناهضة للحكومة، وآيات الفتح والنصر المبين، والتلويح بأعلام البلاد من فوق المنصات على وقع ترديد النشيد الوطني، والتقاط الصور التذكارية، وإلقاء الخطب.

وبعد مغادرتهم للقاعة عبورا بممرها ووصولا الى البهو الخارجي اعتمرت الاجواء بالاهازيج، رقص بعضهم على وقعها، فرحين بما حققوه من انجازات، قال عنها المتهم مسلم محمد البراك: «شتبون، شتبون أكثر من هالعز اللي وصلتوله، اقتحمتهم بيتكم بيت الشعب مو للقبيضة».

وبعد ذلك عادوا الى الساحة المقابلة لمجلس الامة، وهنالك اختتم المتهم مسلم محمد البراك مشاهد احداث الواقعة، بكلمات تلخص مجرياتها، نستعرض جزءا منها اذ قال:

«انا قلت هذا الكلام واقولها مرة اخرى من اقتحم بيت الامة من فتح قاعة عبدالله السالم لتطهيرها من حكومة الفساد ومن النواب القبيضة هم النواب انا وزملائي المسؤولون عن هذا».

تغيير الحقائق

وذكرت النيابة ان ماسردته كان وجيز جملة الافعال المادية في واقع الدعوى كيفما ستقرؤه، وكيفما حصلناه، وعليه تنسحب الكيوف والاوصاف القانونية التي ضمناها تقرير الاتهام الذي بين يدي عدلكم، من ارتكاب المتهمين لجرائم التنظيم والدعوة لمظاهرة غير مرخصة والاشتراك فيها والتجمهر بالطريق العام والتعدي على رجال الامن واهانتهم وتحريضهم على التمرد والدخول عنوة الى مجلس الامة ومقاومة حراسه والتجمع بداخله من غير ترخيص واتلاف قفل باب قاعة عبدالله السالم والعبث بمحتوياتها.

تلك هي الحقيقة التي تبرأ المتهمون منها - إلا قليلا منهم - لما جاءت ساعة استجوابهم بالحق، وسيقوا يبصرون بافعالهم سعيا منهم الى الفكاك من المسؤولية، والى خلط اوراق الدعوى، فاختطوا لهم دفاعا مغايرا لحقائقها، لعلهم به يحورون احداثها لصالحهم، فكادوا ان يضيعوا صورتها الحقيقية، ولكنهم خابوا.

واما انتهت اليه تقارير الادارة العامة للادلة الجنائية بشأن مطابقة صور المتهمين الثابتة بتلك التسجيلات والصور الفوتوغرافية مع صورهم الشخصية، واصوات بعضهم مع الاصوات الثابتة لهم بتلك التسجيلات كالمتهمين (مسلم البراك، وخالد الطاحوس، وفلاح الصواغ) اضافة الى ما اثبتته تلك التسجيلات من وقائع مرصودة بمحتواها وما اثبتته كاميرات مراقبة مجلس الامة من رصدها لسير احداث الواقعة على نحو منسجم مع ما شهد به شهود الاثبات، كما قد تظاهرت شهادة الشهود المجني عليهم من رجال الشرطة ورجال حرس مجلس الامة مع تقارير حالتهم الاصابية والتسجيلات المذكورة، وكذا ما اثبتته تقارير مسرح الجريمة لمكان الواقعة، من وجود اثار عنف على باب قاعة عبدالله السالم واعوجاج لسان قفله للداخل، وبقية الاثار المذكورة تفصيلا بالتقرير، وكذا ما انتهى اليه محضر معاينة اللجنة المشكلة بقرار الامين العام لمجلس الامة لحصر الاضرار الناتجة عن اقتحام مقر مجلس الامة وقاعة عبدالله السالم من وجود كسر في موضع لسان القفل مع خدوش بباب القاعة الرئيسية ووجود اعقاب سجائر على طاولات الاعضاء واثار رمادها ومياه مسكوبة على السجاد وتلف في قاعدة احد الاعلام خلف مقعد الرئيس مع اعوجاج القاعدة وتمزيق قماش العلم الاخر المجاور لمقعد الرئيس ووجود خدوش متفرقة في ديكورات القاعة والطاولات ووجود عبث في ديكور طاولة رئيس المجلس ما يلزم اصلاحها، ووجود عبارات نابية مكتوبة على اوراق المجلس، وعدم وجود مطرقة الرئيس، وكذا ما ثبت من مضمون تقرير رئيس الخدمات الهندسية بمجلس الامة من ان قيمة الاضرار الاجمالية بلغت 312 ديناراً، فضلاً عما ثبت من محاضر معاينة النيابة العامة بالمضمون السالف، وكذا ما سطر على الاوراق المضبوطة بداخل القاعة من عبارات تحمل مدلولات سياسية، لا تتوافق مع دفاع المتهمين.

واضافت ان التقارير التي ضمنتها النيابة العامة اثبت قائمة ادلة الثبوت تحت بند ملاحظاتها، وكذا ما ثبت من كتاب رئيس مجلس الامة المؤرخ 29/ 4/ 2012، المتضمن ان المجلس بجلسته المنعقدة بتاريخ 24/ 4/ 2012 وافق على رفع الحصانة النيابية عن المتهمين (وليد الطبطبائي، خالد الطاحوس، جمعان الحربش، فيصل المسلم، مبارك الوعلان، سالم النملان، مسلم البراك، فلاح الصواغ، محمد الخليفة)، والتي تثبت جميعاً ارتكاب المتهمين لجرائمهم، وقد تظاهرت هذه الادلة الفنية مع بعضها البعض، بالتفصيل الوارد بتقرير الاتهام وقائمة ادلة الثبوت، والتي نحيل الى ما جاء فيها، منعاً للتكرار غير المسوغ، فضلاً عما اثبته الحكم الطعين في معرض رده على دفاع المتهمين «العاشر، والرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر، والحادي والعشرين، والسابع والعشرين، والثامن والعشرين، والثلاثين، والحادي والثلاثين، والرابع والثلاثين، والسادس والثلاثين، والسابع والثلاثين، والثاني والاربعين، والرابع والاربعين، والخامس والاربعين، والثامن والاربعين، والثالث والستين»، من زعمهم ان اللواء محمود الدوسري طلب منهم اللجوء الى مجلس الأمة وفي موضع آخر انهم احتموا به وقاية لانفسهم من اعتداء رجال الشرطة عليهم، وان حراس المجلس فتحوا لهم بوابته الرئيسة، انما هو تصوير يهدره انه ابتدع اخيراً من اولئك المتهمين لتضليل التحقيق ورغبة في الخلاص مما اتوه، لانه لا يتصور ان يجمع المرء بين اكثر من رواية عن فعل واحد الا اذا يتخبط»، ما يكون معه الحكم المطعون عليه قد حصل حقيقة مرامي الدفاع وطرحها كما كانت النيابة العامة قد طرحته في الدعوى.

لما كان ما تقدم وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر وقضى بجلسته المنعقدة علناً بتاريخ 9/ 12/ 2013 غيابياً للمتهمين الثالث عشر والسابع والعشرين والحادي والاربعين والثالث والاربعين والتاسع والاربعين والحادي والخمسين والثالث والخمسين وحضورياً للباقين ببراءة المتهمين مما اسند اليهم.

وختمت النيابة مرافعتها بأنها طعنت على هذا الحكم بالاستئناف الماثل وتنعى عليه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وثبوت الاتهامات.

دفوع النيابة لإبطال حكم البراءة:



• المتهمون اعتدوا على رجال الأمن وأهانوهم وحرضوهم على التمرد

• الدخول إلى المجلس عنوة والاعتداء على حراسه والعبث بقاعته

• الاعتداء على حرس الحاجز الأمني عند بيت رئيس الوزراء بقصد اقتحامه

• إطلاق صفات على رجال الأمن تبرز الخطورة الإجرامية للمتهمين

• الحربش دعا المتظاهرين جهاراً لتنظيم اعتصام مفتوح بالمجلس

• الطبطبائي فتح ثغرة تدفقت منها الجموع إلى داخل المجلس وأصابت الحرس

• البراك خاطب المقتحمين «شتبون أكثر من العز اقتحمتم بيت الشعب»