سهيل الحويك / Off Side / أنا لا أفهم
1 يناير 1970
01:18 ص
لماذا يمعن الاتحاد الدولي لكرة القدم في ترسيخ فكرة ان الجوائز «القيّمة» (مع التحفظ) التي يوزعها سنوياً على المجلّين في مضمار الرياضة الاكثر شعبية في العالم لا تمت بصلة الى واقع الحال؟
بالتأكيد ليس «فيفا» قادراً على ارضاء الجميع او ارساء فكرة ان «الجميع فائزون» لأن «الكرة الذهبية» لا يمكن تجزئتها واعطاء كل صاحب حق نصيباً منها. هي كرة ذهبية نعم، انما بما تحمله من قيمة معنوية وليس بزنتها المادية.
منذ «هجوم» الاتحاد الدولي عليها في العام 2010 والجائزة تعاني. البعض يدعي انها باتت تفتقد الى المصداقية، والبعض الآخر يعتبرها غير متلازمة مع واقع الامور، وآخرون قرروا حذفها من مدار اهتمامهم.
كانت «الكرة الذهبية» تعيش بسلام تحت ادارة من ابتكرها، مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، الا ان الاتحاد الدولي الساعي الى الهيمنة على «كل شيء» ذي صلة باللعبة ضخّ الملايين لشراء شراكته في تلك الجائزة.
بدت «فرانس فوتبول» اكبر من «فيفا» لان «الكرة الذهبية» كانت اهم من جائزة الاتحاد الدولي السنوية التي يكرم فيها افضل لاعب في العالم.
اليوم، تبدّل الحال، ولا شك في ان «فرانس فوتبول» خسرت أكثر مما ربحت. وخير دليل على ذلك ان «كرة 2010» ذهبت الى الارجنتيني ليونيل ميسي فيما كان مصيرها احضان الهولندي ويسلي شنايدر في ما لو بقيت مستقلة عن «فيفا».
الامر نفسه تكرر في 2013 عندما انتزع البرتغالي كريستيانو رونالدو «الكرة الذهبية» التي كادت ان تؤول الى الفرنسي فرانك ريبيري فيما لو جرى تبنّي استفتاء المجلة فقط.
لا شك في ان ميسي ورونالدو صبغا كرة القدم العالمية بلونهما في السنوات الاخيرة، وفرض برشلونة وريال مدريد الاسبانيان نفسيهما بقوة على الساحة، الا ان الاضواء التي سلطت عليهما تركت الباقين في الظل، اذ كيف يدخل اربعة لاعبين من الفريق الكاتالوني التشكيلة المثالية للعام 2013 مقابل ثلاثة من بايرن ميونيخ الفائز على النادي الاسباني نفسه بسباعية تاريخية في دوري ابطال اوروبا؟
صحيح ان اتحاد اللاعبين المحترفين (فيفبرو) هو من اختار التشكيلة، ولكن اين دور «فيفا» في تصويب الامور؟
كيف يُحرم الاسباني اندريس انييستا من «الكرة الذهبية» في 2010 وهو مسجل هدف الفوز على هولندا في نهائي كأس العالم؟
وماذا يتوجب على الفرنسي فرانك ريبيري ان يفعل أكثر من التتويج بالخماسية التاريخية (الدوري الالماني وكأس المانيا ودوري ابطال اوروبا وكأس السوبر الاوروبية وكأس العالم للاندية) وبلقب افضل لاعب في اوروبا كي ينتزع تلك «الكرة»؟
هل يعقل ان يتفوق ريبيري نفسه على رونالدو وميسي في السباق على جائزة افضل لاعب في اوروبا وينهزم امامهما في التوقيت نفسه في السباق على «الكرة الذهبية»؟
وهل يتوجب علينا التسليم بادعاء «فيفا» بأن تمديد التصويت على «الكرة» نفسها لم يؤثر على النتيجة النهائية؟ وهل علينا التسليم أيضاً بالحجة التي قدمها الاتحاد الدولي لتمديد التصويت للمرة الاولى في تاريخ الجائزة؟
ما عزز حظوظ رونالدو في احراز «الكرة الذهبية» للمرة الثانية في مسيرته يتمثل بالتأكيد في دوره الاستثنائي ضمن الملحق المؤهل الى مونديال 2014 واهدافه الاربعة (واحد ذهاباً وثلاثة اياباً) في مرمى السويد والتي اوصلت البرتغال الى «العرس العالمي». وهذا يعني بأن فشل البرتغال في ولوج كأس العالم كان بلا شك سيحرم «سي آر 7» من «الكرة الذهبية». فكيف يدعي البعض بأن اللاعب البرتغالي حصل على الجائزة المرموقة (مع التحفظ) فقط نتيجة ادائه واهدافه؟
واذا كان رونالدو توّج بـ«الكرة الذهبية» فقط بفضل الملحق، فماذا نقول بريبيري الذي ساهم ببلوغ منتخب بلاده كأس العالم عبر الملحق ايضا بعد ان توج بكل الالقاب الكبرى مع بايرن ميونيخ؟
ويبقى سؤالان: ماذا كان ليحصل لو قاد رونالدو البرتغال الى كأس العالم دون المرور بالملحق ودون تلك الاهداف الاربعة؟ وهل يحتاج الفائز بلقب افضل لاعب في العالم الى «ملحق» للذهاب ببلاده الى المونديال؟
لا شك في ان رونالدو اكثر جودة من ريبيري و«أكثر جمالاً وأناقة»، لكن الفرنسي كان افضل منه في الموسم الماضي لأن عبقريته افرزت القاباً ساهمت في وضع بايرن على قمة المانيا واوروبا والعالم فيما فشل رونالدو في اعتلاء منصات التتويج.
وبحلول ريبيري ثالثاً في ترتيب «الكرة الذهبية 2013»، وليس حتى ثانياً، يظهر التأثير الكبير لتصويت «فيفا» مقارنةً بتصويت «فرانس فوتبول».
سيعود الاتحاد الدولي بعد سنوات ويدرس بعمق معايير منح «الكرة الذهبية» وشروط الاختيار لأن المسألة باتت شديدة الحرارة وتنذر بانفجار كبير، ولكن عندها لن يسترد انييستا حقاً مسلوباً ولا ريبيري حقاً مسروقاً.
هل قام السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي بـ «لعبته» لارضاء رونالدو بعد الخلاف الذي نشب بينهما؟ سؤال يدخل في اطار «نظرية المؤامرة» التي لطالما عاش عليها الفكر العربي.
ربما لم نأخذ كعرب شيئاً من الغرب الا «القشور»، لكن ذلك قد لا ينفي استقاء بلاتر بعضاً من نظرياتنا لتطبيقها في حيثيات سياسته المتخبطة أصلاً.
انا لا افهم اين العدل في «الكرة الذهبية»، ولا اريد ان افهمها بعد اليوم.
رونالدو استحقها في 2012 فذهبت الى ميسي، وسنايدر استأهلها في 2010 وذهبت الى ميسي، وريبيري ارادها عن جدارة في 2013 وذهبت الى رونالدو.
انا لا افهم كيف ان تلك «الكرة» احتفظت ببريقها الذهبي على الرغم من كونها مادياً ومعنوياً مجرد «فولكلور» سنوي.
بالله عليك يا سيد بلاتر، قل لي: هل الاختيار قائم على الاداء ام على النتائج؟
بالله عليك اجب عن سؤالي إن كنت... أنت تفهم.
* بالإمكان التعليق على المقال في موقع «الراي» على شبكة الانترنت:
www.alraimedia.com
سهيل الحويك
sousoports@