«لو وُجد أمن في لبنان لأصبح أهم مركز لتصوير الأفلام في المنطقة»

ماريو باسيل لـ «الراي»: إذا كانت فيروز تحبّ نصر الله فيجب ألا يصل رأيها إلى الناس... وزياد الرحباني أخطأ بكلامه

1 يناير 1970 07:20 م
• لو شعرتُ بأن برنامج «الليلة جنون» أصبح عادياً فلن أجدد لموسم ثانٍ

• نصف الشعب اللبناني يعتبر أن هوية نصر الله إيرانية... وليست لبنانية

• السينما اللبنانية تقوم على المحاولات الفردية ولا توجد لدينا بنية سينمائية

• إذا كنت لا أتعب في التلفزيون فإن الأمر يعود إلى خبرتي وتجربتي
بيروت - من هيام بنوت |

ماريو باسيل فنان كوميدي يحظى بشعبية وجماهيرية في لبنان، يعيش هذه الفترة نشاطاً فنياً، إذ تعرض له ثلاثة أعمال مسرحية دفعة واحدة، وطرق باب التقديم أخيراً من خلال برنامج «الليلة جنون» على شاشة تلفزيون «mtv».

و«الليلة جنون» لم يستقطب الجمهور فحسب، ذلك أن تجربته استحوذت على إعجاب ماريو الذي يجدها أسهل من المسرح، ويرى في حوار مع «الراي» أنه توجد كوميديا جيدة في لبنان، لكن المشكلة في الحالة الأمنية التي يعيشها البلد، شاكياً أيضاً من «الحالة الاقتصادية التي تؤثر سلباً على الكوميديا سواء على مستوى الممثلين أم الإنتاج.

ماريو انتقد ما قاله زياد الرحباني عن أن والدته فيروز تحب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله؛ «إذا كانت فيروز تحبّ حسن نصر الله فلم يكن يجب أن يصل رأيها إلى الناس»، مضيفاً أن «نصف الشعب اللبناني يعتبر أن هوية نصر الله إيرانية وليست لبنانية»:

| • تبدو كثير الانشغال، وبالكاد ترد على الاتصالات الهاتفية؟

- ضغط العمل، «وما عم لحق».

• وهل ضغط العمل يشعرك بالمتعة كفنان؟

- ضغط العمل جميل وممتع، وإذا كانت ظروف البلد تساعد يصبح أجمل.

• ولكن بالرغم من الظروف التي يعيشها لبنان، فإنك تعمل من دون توقف، فأنت مستمر في عملك المسرحي كما أنك اتجهت أخيراً نحو التقديم وتبدو أقل المتأثرين بالظروف السياسية والأمنية، فهل يعود السبب في ذلك إلى كونك تمنح الناس ضحكة يفتقدونها؟

- هذا صحيح، ولكن للأسف الشعب اللبناني يلحق الزعماء «على المهوار» بدل أن يتمتع بالحياة. يبدو أننا لم نتعلم من دروس الماضي ولا أعرف إذا كان المطلوب تكرار الوقوع في الخطأ كي يتعلم الشعب اللبناني أن ما يفعله زعماؤه باسم الدين هو غير ديني.

• يقال إن الفنان حساس جداً ويتأثر بالجو الذي يحيط به، كيف تستطيع العطاء في ظل هذه الأجواء؟

- تعوّدتُ. أنا أستلهم مما يحصل وأجد نفسي مجبراً على العطاء. تحت الضغط يجبر الإنسان على العطاء، لأن «الأدرينالين يشتغل في الدماغ» والعملية تتطلب القليل من التركيز لأن العطاء يحتاج إلى تركيز. عندما تحضر الفكرة يجب التحضير لها والقيام بأبحاث حولها وبناؤها وبلورتها ليتمكن الإنسان من تقديمها إلى الناس. أي أمر يعمل عليه الإنسان بقوة وتركيز وإمعان وذكاء يستطيع أن يحققه.

• هل أحببتَ تجربة التقديم التي خضتها أخيراً من خلال برنامج «الليلة جنون»؟

- نعم، وهي بصراحة بالنسبة إليّ أسهل من غيرها. أنا أتمتع وأتسلى بالتجربة.

• أسهل من أي تجارب؟

- من المسرح وسواه. أنا لم أجد «الليلة جنون» تجربة معقدة، بل تكيّفتُ معها واعتدت عليها بسهولة. هي تجربة حلوة وممتعة وسهلة بينما في المسرح أنا مَن يكتب ويُخرِج وينتج ويمثّل، وهذا الأمر يعرضني للضغط، خصوصاً أنني أقدم ثلاثة إنتاجات ضمن «play room» في وقت واحد.

• وهل المردود المادي لتجربة التقديم «حلو» وسهل أيضاً؟

- إذا كنت لا أتعب في التلفزيون، فإن الأمر يعود إلى خبرتي وتجربتي. خبرتي المسرحية تساعدني كثيراً عدا عن كوني مخرجاً، وهذه الناحية تساعدني بالتصرف، ولست بحاجة إلى الكثير من التوجيه كي أفهم إيقاع الحلقة.

• ضيوف برنامج «الليلة جنون» هم من الممثلين الكوميديين، فهل تجد صعوبة في جمعهم في حلقة واحدة، خصوصاً أن هناك نوعاً من الغيرة والمنافسة بين الفنانين وهل يمكن أن ينجح البرنامج من دونهم؟

- عرضنا حلقة استضفنا فيها ميريام كلينك وبيار رباط وسيرج زرقا وشربل زيادة وجاد شويري وكانت من بين الحلقات الأكثر نجاحاً. ربما الممثلون الكوميديون يضفون على البرنامج نكهة خاصة ومختلفة. مثلاً طوني أبو جودة فظيع ومثله ميشال أبو سليمان، ولكن الضيوف غير الكوميديين يمنحون البرنامج نَفَسَاً مختلفاً. الناحية الأهمّ هي ألا يكون المشترك «مكبوتاً» وأن «يطلع من حالو» وهذا ما أقوله دائماً للمشتركين. كما أطلب منهم أن يعودوا أطفالاً، ومَن يعود صغيراً عليه أن يلعب، وفي مثل هذه الحالة لا بد وأن ينجح.

• وهل سيكون هناك موسم ثانٍ من برنامج «الليلة جنون»؟

- من المبكر جداً الحكم على هذا الأمر.

• البرنامج يتمتع بنسبة مشاهدة عالية وكل البرامج الناجحة لا يقتصر عرضها على موسم واحد؟

- لا أستبعد الفكرة، ولكن من المبكر جداً اتخاذ قرار في هذا الموضوع، أو أن أقرر أنا شخصياً. وهذا الأمر يظهر بعد عرض 30 حلقة، فيتبيّن إذا كنتُ بدأت بالتكرار أو أنني ما زلتُ أقدم أشياء جديدة. لو شعرتُ بأن البرنامج أصبح عادياً فلن أجدد لموسم ثان... «أنا وشطارتي».

• كيف تجد الكوميديا في لبنان، هل هي بخير أم أنها ليست كذلك؟

- توجد كوميديا جيدة، ولبنان منبع للمواهب ولكن المشكلة تكمن في الحالة الأمنية التي نعيشها. الحالة الاقتصادية تؤثر وتجعل الكوميديا ليست بخير سواء على مستوى الممثلين أم الإنتاج. نحن نقدم الترفيه و«show business» التي تُعتبر من الكماليات في الحياة. وعندما لا يأتي المغتربون والسياح إلى لبنان ولا يكون الوضع مستقراً، يتجه الناس إلى ادخار أموالهم، وهذا يبدأ عادة بالأمور الكمالية، وهذه الناحية مزعجة، ولذلك أنا أقدم ثلاثة إنتاجات «play room» إفساحاً في المجال أمام الناس لمشاهدة أكثر من عمل. الناس الذين يملكون المال، عددهم محدود جداً ونحن نحاول قدر المستطاع أن نرخص الأسعار لمراعاة الأوضاع المادية عند المواطن. ولكن إذا أكملنا على هذا النحو فلن يكون هناك أي شيء بخير وكلنا سنكون في خطر.

• تشهد الحركة الفنية في لبنان رواجاً سينمائياً، فهل ترى أن الناس باتوا يفضلونها على المسرح؟

- «حرام» السينما. سبق أن تعاونت مع منتجين أميركيين، ولو يوجد أمن في لبنان، لكان أصبح أهمّ مركز لتصوير الأفلام الهوليوودية والأوروبية في العالم العربي. عندنا شعب ولكن لا توجد لدينا بنية. عندنا مواهب وممثلون ومثقفون ومنتجون وحضارتنا منفتحة ونتكلم ثلاث لغات، وهذه الناحية تفرح الأميركي لأنه يشعر بأنه قادر على التفاهم معنا، والأمر نفسه ينطبق على الفرانكوفوني. من خلال علاقاتي مع المنتجين الأجانب، ألاحظ أنهم يغرمون باللبنانيين ويتمنون التصوير في لبنان ولكن الوضع الأمني لا يسمح بذلك. أما بالنسبة إلى السينما اللبنانية فهي تقوم على المحاولات الفردية ولكن لا توجد في لبنان بنية سينمائية.

• ألا تفكر بتقديم مشروع سينمائي؟

- يوجد في رأسي مشروع سينمائي، ولكنني لا أملك الوقت له لأن وقتي موزّع بين المسرح والتلفزيون. هناك فكرة خاصة بشخصية «ماريوكا»، ولكنني بانتظار سيناريست يستطيع كتابة سيناريو فيلم، ولكن الكل مشغول وأنا أيضاً، ولكن لا بد وأن يتحقق هذا المشروع.

• ما سرّ نجاح شخصية «ماريوكا» ويبدو أنها أصبحت جزءاً منك؟

- هذه الشخصية «لم تعذبني»، بل هي ولدت بسهولة. الشخصية موجودة في لبنان والعالم العربي كما في مكان ما في كل شخص منا.

• كم تبلغ نسبة الابتذال والتكرار في الكوميديا المسرحية؟

- هناك مقلّدون، ولكن عددهم في تراجع. السوق هي التي تقرر، وعندما يصبح أي شيء رائجاً يسعى الكل إلى تقليده. مثلاً، عندما قدمت «كوميدي نايت سيزون» لم يكن هناك مسرح شونسونييه، بل كان «ميتاً» نوعاً ما، وبعدي قُدمت أربع مسرحيات شبيهة بها، وأنا لم أزعل من التقليد بل اعتبرتُ أنني افتتحت خطاً جديداً والأمر نفسه ينطبق على التلفزيون. وهذه الناحية جيدة في لبنان، لأنهم يقلدوننا في الخارج. نحن رواد في لبنان بالنسبة إلى العالم العربي.

• هل المسرح الكوميدي لا يمكن أن «يقلّع» من دون نكات مثيرة؟

- لا. ربما يقلع قليلاً. 90 في المئة من النكات التي نسمعها تقوم على الإيحاءات.

• ما رأيك في الانقسام الذي يحصل بين اللبنانيين عندما يعبّر الفنانون عن مواقفهم السياسية، كما حصل مع إليسا وماجدة الرومي وأخيراً عندما أعلن زياد الرحباني أن والدته فيروز تحبّ السيد حسن نصر الله؟

- شاهدتُ صورة لفيروز وقد ألبسوها «شادور» ولم أحب. وأنا ضدّ أن يحصل ذلك لأنهم يأخذون الأمور نحو الطائفية أكثر وأكثر.

• ما الذي لم تحبه؟

- لم أحبّ ما قاله زياد وما فعلوه بصورة فيروز، ولا أجد أن فيروز يجب أن تكون بهذه الصورة، وإذا كانت تحبّ حسن نصر الله، فلم يكن يجب أن يصل رأيها إلى الناس.

• هل تقصد أنه ممنوع على فيروز أن تعبّر عن رأيها السياسي؟

- المشكلة أن هوية لبنان ليست مرتبطة بحسن نصرالله، لأن نصف الشعب اللبناني يعتبر أن هوية نصر الله إيرانية وليست لبنانية، وأنا اجد أن زياد أخطأ بكلامه مع أنني أحبه كثيراً.

• كيف نطالب بالديموقراطية وحرية الرأي، وفي الوقت نفسه نمنع الإنسان من التعبير عن رأيه؟

- في دبي ممنوع التحدث بالسياسة وانظري كم هي جميلة. نحن نضيّع وقتنا في قراءة الجرائد والتحدث في السياسة و»ليكي شو عملنا بحالنا». لو كنا فعلاً أذكياء ولدينا اطلاع في السياسة، فلا يجدر بنا أن نصل إلى المرحلة التي نحن عليها اليوم. التطرف الديني يأكل غريزتنا ويأخذنا إلى أماكن لا يفترض أن نكون فيها.

• هل نفهم أنك ضدّ أن يعبّر الفنان عن رأيه السياسي في المطلق، أم فيروز لوحدها؟

- مسؤولية فيروز كبيرة جداً وكذلك زياد الرحباني. في الماضي كنت أعبّر عن رأيي ولكن عندما وجدتُ أن مسؤوليتي كبيرة صرت أتحاشى ذلك. من يعبّر ويزيد الاحتقان لا يخدم بلده، أنا مع حرية التعبير إذا كان ذلك يؤدي إلى نتيجة جيدة وإيجابية، ولكن إذا كان الأمر سيسبب التشنّج السياسي والطائفي والانقسام، فلا ضرورة لذلك، تماماً كما حصل مع فيروز وزياد الرحباني.

• وهل مسموح لإليسا وماجدة الرمي مثلاً التعبير عن رأيهما السياسي؟

- ماجدة لم تعبّر في يوم من الأيام عن رأيها السياسي.

• بل هي فعلت ذلك أكثر من مرة؟

- ولكنها تقول دائماً إنها وسطية.

• وهذا يعني أنها عبّرت عن رأيها وكذلك إليسا التي شُنّت حرب ضدها بسبب آرائها السياسة؟

- نحن الفنانين نتحمس ويفور دمنا وأنا أتفهم ذلك. المشكلة أنه كلما زادت أهمية الشخص، فإنه يُحاسب على كل كلمة يتفوه بها.

• هل يمكن أن نراك خارج الكوميديا؟

- خضت أيضاً تجربتيْ الغناء والتقديم.

• هذا صحيح، ولكن في مجال التمثيل تحديداً هل يمكن أن نراك خارج إطار الكوميديا؟

- قدمتُ أعمالاً جادة من خلال «أيام الجامعة» و«مهاجر بروسبن» وبرعت فيها أكثر من الكوميديا، ولكن لا يوجد لهذا النوع من الأعمال سوق عندنا، ولذلك أنا أقدمها للمتعة الشخصية. في الأساس أنا أطعّم الدراما بمقاطع كوميدية، وتتحول الضحكة إلى دمعة عند الناس.

• هل يمكن أن نشاهدك في مسلسل درامي؟

- أحب ذلك كثيراً.

• ماريو باسيل، هل سيمضي حياته عازباً؟

- أفضّل ألا أعلّق كثيراً على الموضوع.

• ألا تحب تأسيس عائلة وأن تصبح أباً؟

- كل شيء معقول. لا يوجد منطق يحكم الأمور العاطفية ولا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحصل، ولكنني لا أقرر أي شيء في هذا الخصوص بشكل مسبق، بل أقوم بما أشعر به.

• هل ترى أن الزواج يقيّد الفنان أم أن العائلة ضرورية بالنسبة إليه؟

- بحسب المرأة. على المرأة أن تكون ذكية وأن تجيد التصرف مع الرجل فلا تجعله يشعر بأنه مقموع، بل إنه أكثر قدرة على العطاء.