رسالتي

سيد قطب البنغال

1 يناير 1970 10:47 ص
«إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها دبّت فيها الروح وكتبت لها الحياة».

هذه الكلمات قالها الشهيد بإذن الله سيد قطب في حياته، وأثبت الواقع بعد ذلك صدق حديثه، فيكفي أن ترى انتشار فكر سيد قطب بين مئات الآلاف من المسلمين، وتأمل كتبه التي انتشرت في أرجاء المعمورة والتي من أشهرها كتابه في التفسير (في ظلال القرآن) والذي لا تكاد تخلو منه مكتبة إسلامية.

لقد أعدم سيد قطب لرفضه حكم الطاغوت، ولأنه قال كلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم، فتخلص منه الخاسر جمال، ثم مات الاثنان لتلحق أحدهما الدعوات والآخر اللعنات.

أما سيد قطب البنغال فهو الشهيد بإذن الله عبدالقادر ملا، مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية في بنغلاديش، والذي أعدمته السلطات البنغالية الأسبوع الماضي، فما هي قصة إعدامه؟

في باكستان الشرقية - الاسم القديم لبنغلاديش - وفي أواخر الستينات قام حزب «عوامي» العلماني بالمطالبة في انفصال بنغلاديش عن دولة باكستان، ودعمت الهند هذه المطالبة، وتصدى لفكرة الانفصال وعارضها الحزب الوطني البنغالي والذي يضم حركات وطنية وإسلامية ومنها الجماعة الإسلامية.

لكن الانفصال تم بدعم غربي وهندي عام 1971. وتم تأسيس بنغلاديش على نظام رئاسي تكون السلطة وإدارة الدولة فيه بيد رئيس الوزراء، واختير مجيب الرحمن كرئيس وكان من حزب عوامي، فقام بعد توليه الحكم باعتقال آلاف المعارضين للانفصال، ولكن بعد اتفاق على تسوية الأمور بين باكستان والهند وبنغلاديش تم الإفراج عن المعتقلين.

ثم أخذ الحزبان (عوامي - والوطني) بالتناوب على تولي رئاسة الحكومة، حتى وصلت للحكم «حسينة واجد» - وهي من حزب عوامي وابنة مجيب الرحمن أول رئيس، وتعتبر علمانية متطرفة - فبعد وصولها رأت أن أكبر قوة تقف في طريقها هي الجماعة الإسلامية، فكان لا بد من إزاحتها، فقامت باضطهاد المنتسبين لها واعتقال رموزها، ومحاربة مؤسساتها، وبحثا للتبرير عن سياستها القمعية قامت بإثارة قضية الانفصال والتي مضى عليها أكثر من 40 عاما، واعتبرت أن من عارضوا الانفصال كانوا تبعا لباكستان وعملاء لها، وأنهم ارتكبوا جرائم حرب، وكان ممن وجهت له هذه التهم عبدالقادر ملا، وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وبضغط من رئيسة الوزراء تم تشديد العقوبة لتصل إلى الإعدام، وقبل تنفيذ الحكم حاول رئيس الوزراء التركي «أردوغان» التوسط لدى حسينة واجد لإيقاف تنفيذ الحكم، لكن محاولته باءت بالفشل وتم تنفيذ الإعدام بتاريخ 12 / 12.

شارك في جنازة عبدالقادر ملا عشرات الآلاف حتى لا تكاد ترى آخر الصفوف كما ظهر في الصور، وبدأ الناس بالتعرف على هذه الشخصية وسيرتها وخاصة من هم خارج باكستان وأنا واحد منهم.

أنا على يقين بأن موت هذا الرجل سيحيي قلوبا كثيرة، وسيسعى الكثير من البنغاليين للسير على طريقه، وسيستمرون في الوقوف في وجه التطرف العلماني والذي تترأسه رئيسة الوزراء، وستلاحقها لعنة قتل الملا، كما لاحقت اللعنات عبدالناصر بعد إعدامه لسيد قطب ولعل منها نكسة 67.

قبل اعدام سيد قطب قال كلمته المشهورة: «إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة، يأبى أن يكتب كلمة واحدة يقرّ بها لحاكم طاغية، فإن كنت مسجوناً بحق فأرتضي حكم الحق، وإن كنت مسجوناً بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل».

وأما سيد قطب البنغال فقد قال قبل إعدامه أيضا : (إنني لم ولن أطلب عفوا رئاسياً من أحد، فلا أحد في هذا الكون يستطيع أن يتحكم في حياة او موت أحد، فالله سبحانه وتعالى هو وحده يقرر طبيعة موت عباده، فالحكم لن ينفذ بقرار أحد وإنما سينفذ بقرار رب العالمين، وانا مؤمن بقضاء الله وقدره). فرحم الله سيد مصر وسيد البنغال.

twitter :@abdulaziz2002