كمال علي الخرس / كلمة صدق / فضيحة التجسس
1 يناير 1970
09:36 م
| كمال علي الخرس |
«هذا لا يخصني فقط، هو موضوع يخص كل مواطن ألماني، نحتاج أن نمتلك الثقة بحلفائنا وشركائنا، وهذه الثقة يجب أن تبنى مرة أخرى من جديد».
وعبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن استيائها الشديد حول الادعاءات بحدوث عمليات تجسس أميركية على هاتفها الشخصي عبر حديثها للصحافيين، والتي ذكرت فيه أنها وعبر حديث لها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ابلغته فيه أن هذا التصرف غير مقبول.
دعاوى التجسس طالت دولا كثيرة بعضها حليف لأميركا، وبعضها صديق، فلم تستثنِ عدم الثقة الأميركية أحداً بالعالم حلفاء وأصدقاء لها كألمانيا وفرنسا والبرازيل، وقد تبدو قضية التجسس عادية، لكنها ليست كذلك مع الاصدقاء والحلفاء، وقد تبدو احيانا مقبولة، لكنها لا تكون كذلك إذا طالت زعماء دول حليفة وكبرى كألمانيا.
الإدارة الاميركية أرادت أن تظهر الموضوع بأنه أمر روتيني ومقبول، وأن العالم كله يتجسس على بعضه، هكذا هي المقومات الاخلاقية للحضارة الحديثة، لكن الأمر لن يمر دون ترك آثار وتبعات، لأنه ضرب الثقة بين الحلفاء وجدد طرح جدليات التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
إذا كان رؤساء دول كبرى صديقة لأميركا، دول متطورة صناعيا وتكنولوجيا، دول ريادية في تبنيها للطرح الديموقراطي، غير آمنين على مكالماتهم الخاصة وحتى التي تتناول أدق تفاصيل حياتهم، على الرغم من احتياطات الحماية التي يتخذونها، فما بال المواطن العادي الذي اصبح مع عالم التكنولوجيا والجاسوسية وسقوط الاخلاق عرضة في همساته لآذان الرجل الوطواط الأميركي الذي سخّر كل وسيلة تكنولوجية للتجسس على الآخر بدعوى حفظ أمنه، وكأنما الأمن خُلق له وحده، وأنّ الآخرين لا أمان لهم من تطفله.
كانت الدول الغربية بدعوى الحرية وحماية الحريات تطلق العنان لأي وسيلة تكنولوجية حديثة، وأي محرك بحث الكتروني للتوغل في أي مكان شاء وشاءت، ويا ويل لمن يحتج على اي ممارسة صادرة من أخاطيب تكنولوجيا المعلومات وشركات البريد الالكتروني، حتى اتت الفضيحة الاخيرة لتوضح للعالم أن كثيراً من وسائل التكنولوجيا الحديثة يتم تسخير قدراتها لاختراق خصوصيات الآخر تحت مسميات حرية استخدام وحرية حركة وسائل التواصل الالكتروني وما شابهها.
الآن تتحرك الدول الاوروبية وتتدارس وضع قوانين جديدة ولوائح مستحدثة لتأطير وترشيد استخدام بعض الوسائل التكنولوجية بما يحمي خصوصية الإنسان. نعم خصوصية الإنسان وحريته التي يتم انتهاكها، حتى أصبح الانسان عرضة في احاديثه وفي تنقلاته وفي مأكله ومشربه لأجهزة ووسائل وآلات تقف خلفها عيون متلصصة وآذان متنصتة، تحت دعوى حرية انتقال المعلومات. ان الحرية في حركة وانتشار الوسائل التكنولوجية المعلوماتية الحديثة لم تصبح أداة خدمة للإنسان البسيط، بقدر ما هي أداة خدمة للقوى الكبرى التي تتحكم فيها، وان هذه الوسائل قديمها بشكل عام وحديثها بشكل أخص، سيكون ضررها اكبر مع قوى لها سيطرة قوية على عالم المعلومات، لكن ليست لها ركائز أخلاقية.
alzoor3@yahoo.com