عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / ... بعد الانقلاب

1 يناير 1970 08:05 ص
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

بعد الانقلاب العسكري في مصر أُعلن عن خارطة طريق زُعم أنها ستعالج المشكلات التي سببها الرئيس مرسي، والادعاء بأن هذه الخريطة ستكون عاملا على حقن الدماء ووحدة الصف.

وعند المقارنة بين الواقع الحالي وبين بنود خارطة الطريق المزعومة تجد أنها لا تستحق الحبر التي كتبت فيه.

لقد تم الادعاء عن تضمن الخارطة تشكيل لجنة تضم جميع الأطياف لمراجعة الدستور الحالي وإجراء تعديلات عليه، وبالفعل تم تشكيل لجنة من خمسين عضوا إلا أن غالبية أعضاء هذه اللجنة ذوو صبغة ليبرالية علمانية، وليس فيها من يمثل التيار الاسلامي سوى شخصين فقط، فـ 70 في المئة من الأحزاب المشاركة في إعادة صياغة الدستور كانت نسبة الأصوات التي حصلت عليها هذه الأحزاب في آخر انتخابات نزيهة لا تتجاوز 30 في المئة، ومن المضحك المبكي في هذه اللجنة أن الذي يترأسها هو عمرو موسى وهو أحد فلول الرئيس المخلوع حسني.

طبعا حدث وأنت تضحك وبلا حرج عن مشاركة حزب الزور السلفي والذي يُسمى بحزب النور والذي يزعم أن الهدف من المشاركة هو حماية مكتسبات ثورة 25 يناير، وحماية المواد الشرعية، ولا أدري كيف سيحافظ عليها ونسبتهم في هذا المجلس لا تتجاوز 4 في المئة.

زعم السيسي عن تضمن الخريطة لميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق قواعد المهنية والمصداقية، وفي الحقيقة عيني عليه باردة لأنه حرص منذ بداية الانقلاب على تطبيق هذا البند، لذلك قام مباشرة بإغلاق القنوات الإسلامية واعتقال القائمين عليها، كما تم اعتقال الكثير من المصورين واغتيال البعض منهم، وأما المصداقية والموضوعية فحدث ولا حرج فالكل يشاهد ويتابع الكذب والتزوير الذي تمارسه القنوات الحكومية والخاصة في قلب الحقائق واختلاق الأكاذيب، يكفي أن إحدى القنوات تدعي تلقيها اتصالا مباشرا من حفيد سيد قطب على أنه مؤيد للانقلاب، والكل يعلم أن الشهيد سيد قطب رحمه الله لم يتزوج أصلا.

أين حرية التعبير في اعتقال كل صوت معارض وتلفيق الاتهام له؟ وأين المهنية في عرض صور لأسلحة يُزعم أنه تم مصادرتها من إحدى المساجد بينما هي في الحقيقة صورة سابقة لأسلحة تمت مصادرتها في دولة عربية أخرى منذ سنوات، وقس على ذلك الشيء الكثير من التلفيق والتزوير.

ادّعوا تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، وواضح جدا أن هذه اللجنة تقوم بأداء دورها على أكمل وجه، والدليل حملات التخوين المنتشرة في وسائل الإعلام، ومحاربة كل ملتحٍ ومنتقبة، لدرجة اضطر معها الكثير من الملتزمين لحلق لحاهم دفعا للمضايقات والتي وصلت في بعض الحالات إلى القتل.

يتضح الحرص على الوحدة الوطنية من خلال الأغنية الخايبة، والتي تقول بعض كلماتها (أنتم شعب واحنا شعب لكم رب ولينا رب)، في تقسيم وتمزيق واضح للمجتمع وتخوين سافر لمعارضي الانقلاب.

لمن قام الانقلاب كلمة مشهورة ( بكرة تشوفو مصر ) وبالفعل شاهد المصريون بعد مضي شهرين على الانقلاب بلادهم بأوضاع جديدة، فلقد سقط منهم أكثر من 6 آلاف شهيد، وتجاوز المصابون 25 ألفا، وهناك أكثر من 18 ألف معتقل، أُغلقت المساجد، وطرد الأئمة والخطباء من وظائفهم، انهيار لاحتياطي النقد الأجنبي بقيمة 5 مليارات دولار، إيقاف مشروع محور قناة السويس، وقف مشروع تصنيع أول سيارة مصرية، وقف تصنيع أول تابلت مصري (إينار) إلغاء العمل بقانون المعاشات والتأمينات، وإلغاء كادر الأطباء، فأي مصر جديدة رآها المصريون؟

إن الأمل لا يزال موجودا بأن يستعيد هذا الشعب حريته وكرامته وينتزعها من فم الانقلابيين، وكل التطورات الميدانية تبشر بخير، فالمعارضون للانقلاب في ازدياد، والقرارات المرتبكة واضحة، واسقاط الانقلاب في نظري هو قضية وقت فقط لذلك نقول لأحبابنا في مصر (اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).

 

twitter :@abdulaziz2002