وحدثنا أحد أبناء عثمان رضي الله عنه ان عمر بن عبدالعزيز قال في بعض خطبه: ان لكل سفر زاد لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه ترغبون وترهبون ولا يطول عليكم الأمد فتقسى قلوبكم وتنقادوا لعدوكم فكم رأينا ورأيتم من كان في الدنيا مغتراً وإنما تقرعين من وثق بالنجاة من عذاب الله، أعوذ بالله ان آمركم بما أنهى نفسي عنه فتخسر صفقتي وتبدو مسكنتي في يوم يبدو فيه الغني فقيراً والموازين منصوبة أما تعلمون انه ليس بين الجنة والنار منزلة وأنكم صائرون إلى إحداهما. وحدثنا عمر بن محمد المكي قال: خطب عمر بن عبدالعزيز يوماً فقال: ان الدنيا ليست بدار قرار، دار كتب الله عليها الفناء وكتب على أهلها منها الظعن، فكم عامر موثوق عما قليل يخرب وكم مقيم مغتبط عما قليل يظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها بالرحلة وتزودوا فخير الزاد التقوى وإنما الدنيا كفيء ظلال قلص ثم ذهب. وقال: يأيها الناس من أحسن منكم فليحمد الله ومن أساء فليستغفر الله فإنه لابد لأقوام أن يعملوا أعمالا وضعها الله في رقابكم وكتبها عليكم. وحدثنا محمد بن يزيد عن وهيب قال: خطب عمر ذات يوم فحمد الله واثنى عليه ثم قال: إن الله عز وجل لم يبعث نبياً بعد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولم ينزل كتابا بعد كتابه الذي أنزله على نبيه إلا وإن كل ما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فهو حق إلى يوم القيامة ألا وإني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا وإني لست بخيركم ولكني أثقلكم حملاً، ألا وإن السمع والطاعة واجبان على كل مسلم ما لم يؤمر بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وعن رجاء بن حيوه قال: كان عمر بن العزيز يخطب فيقول يأيها الناس من ألم بذنب فليستغفر الله عز وجل وليتب فإن عاد فليستغفر وليتب فإن عاد فليستغفر وليتب، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال وإن الهلاك كل الهلاك الاصرار عليها.