كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم؟
1 يناير 1970
09:54 ص
على ضوء وصف جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قد يتساءل البعض، كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم وادى المناسك؟ وهذا ما جعل التابعي الجليل محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهم يسعى إلى الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يسأله عن صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم فقد اخرج مسلم في صحيحه 2941 عن جعفر بن محمد عن ابيه قال: دخلنا على جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - فقلت: «اخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بيده فعقد تسعا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج. ثم أذن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج. فقدم المدينة بشر كثير. كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم. ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه. حتى أتينا ذات الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع ؟ قال: «اغتسلي. واستثفري بثوب وأحرمي».
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في المسجد. ثم ركب القصواء. حتى إذا استوت به ناقته على البيداء. فأهلل بالتوحيد «لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». وأهل الناس بهذا الذي يهلون به. فلم يرد صلى الله عليه وسلم عليهم منه شيئا. ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا. ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام. فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} فجعل المقام بينه وبين البيت.
فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في الركعتين (قل هو الله أحد)، و(قل يا أيها الكافرون). ثم رجع إلى الركن فاستلمه. ثم خرج من الباب إلى الصفا. فلما دنا من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا. فرقى عليه. حتى رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحد الله، وكبره. وقال: «لا إله إلا الله وحده. صدق وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده» ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة. حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي رمل إلى المروة. ففعل على المروة كما فعل على الصفا. حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال:
«لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي. وجعلتها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل. وليجعلها عمرة». فقام سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه فقال: «يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى. وقال «دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا بل لأبد أبد» وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم... ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: «قلت اللهم اني اهل ما اهل به رسولك صلى الله عليه وسلم» قال: «فإن معي الهدي فلا تحل» قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي اتى به النبي صلى الله عليه وسلم مئة، قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وامر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى اذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي. فخطب بالناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم. كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث. كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا. ربا عباس بن عبدالمطلب. فإنه موضوع كله.
فاتقوا الله في النساء. فإنكم أخذتموهن بأمان الله. واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس «اللهم اشهد، اللهم اشهد» ثلاث مرات. ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى أتى الموقف. فجعل بطن ناقته القصواء الى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص.
وأردف اسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى ان رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى «أيها الناس السكينة، السكينة» كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد واقامتين ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان واقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى اسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس، حتى اتى بطن محسر فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى اتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف الى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض الى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بنو عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال «انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا فشرب منه».