كمال علي الخرس / كلمة صدق / مرة أخرى العالم يترقب

1 يناير 1970 09:28 م
| كمال علي الخرس | قبل اكثر من سنتين كانت أعين العالم على مصر، وبالتحديد على ميدان التحرير والجماهير تجتمع هناك منادية بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الذي دام حكمه على مدى حوالي ثلاثة عقود من الزمن، والآن أعين العالم على مصر وقد اصبحت كلها ميدانا للتحرير.

امر يبدو غريبا ان تتجمع الملايين من الناس في الميادين تطالب بإسقاط رئيس قد تم انتخابه بعد ثورة سال فيها كثير من دماء الضحايا، لكن بعض الغرابة قد تزول اذا تمت مراجعة بعض العوامل التي تسببت بالثورة على نظام مبارك في المقام الاول.

باختصار، نظام مبارك لم يكن يلبي طموح الشعب فقد أدت سياساته داخليا الى تراجع مستوى معيشة الفرد المصري ومصادرة الكثير من حرياته وانجازاته، وفي السياسة الخارجية أفقد النظام السابق مصر الدور الذي يتناسب مع مكانتها وتاريخها.

الرئيس المنتخب وما يمثله من حزب لم يكن في حجم طموح وتطلعات الشعب المصري، وحدث في وقته ما يمكن تسميته بانتكاسات في الداخل وفي سياسة مصر الخارجية، حتى وكأنه يخيل للمراقب في بعض الاوقات ان الرئيس مرسي لم يكن حتى على قدر استيعاب دور السياسة الخارجية ومن يمثلها من مسؤولين في الخارجية رغم تراجعها في الاداء بالأصل، ويبدو ذلك جليا في تعامله المتذبذب مع الملف السوري.

في هذا الموضوع يتحدث الاعلامي والسياسي المصري المخضرم محمد حسنين هيكل ويذكر بأن حكومة مرسي قامت بثلاث كوارث في شهر يونيو لوحده منها كارثة التجمع في الاستاد الرياضي، وطبعا معروف ما جاء فيه من خطابات طائفية على مسمع ومرأى الرئيس، وهذا بطبيعة الحال لا يليق بمصر ولا بمكانتها في قلوب العرب بمذاهبهم ومشاربهم. وكارثة اخرى وهي قطع العلاقات مع سورية، وكما قال هيكل، ان العلاقة مع سورية تمثل امنا قوميا مصريا وهي تمثل ايضا امتدادا للنفوذ والوجود المصري في آسيا.

ممكن اضافة كارثة رابعة حدثت في مصر وهو ما حدث من اقتحام وقتل وسحل لمواطنين مصريين على خلفية خلافات مذهبية، وهذا أمر لا مبرر له في دولة يفترض انها قامت بثورة تريد اعادة الاعتبار للانسان المصري، ولكن ما حصل أمر مروع وغريب على مصر، وقد يصبح ان تم السكوت عنه وعن خطابات الكراهية التي قادت اليه الى ممارسة ضد كل من يكون هناك خلاف حوله. ان مناظر اقتحام البيوت وسحب اهلها للشارع وسحلهم وضربهم حتى الموت، امرر مقزز لا يناسب مصر، وبالتأكيد لا يناسب نظاما أتى بعد ثورة تريد ان تنهض ببلد يحترم القانون ويسعى نحو الأمن والاستقرار والازدهار والوحدة.

كانت الفرصة ذهبية سانحة لمرسي ولحزبه ان يعتلوا القمم وان يدخلوا التاريخ كأبطال وان يرفعهم المصريون ويضعونهم على رؤوسهم لو انهم تماشوا مع طبائع الشعب المصري العربية والإسلامية وقادوا الشعب المصري نحو تطلعاته في داخل مصر وخارجها.

لو قام مرسي بتوجيه كلمات السخط والغضب الى رئيس اسرائيل بدلا من قوله «صديقي العزيز»! ولو قام مرسي باغلاق السفارة الإسرائيلية وسلمها للفلسطينيين، ولو أصبح مرسي الساعي والمبادر والوسيط لحقن دماء الشعب السوري مستغلا في ذلك مكانة مصر وعلاقة حزبه مع كثير من الاطراف الفاعلة على الأرض، ولو نادى مرسي في الاستاد الرياضي بكلمات توحد العرب وتوحد المصريين وتوحد المسلمين، لما احتاجت مصر الى ثورة أخرى ليس من المعلوم متى وكيف ستطوى صفحاتها؟



alzoor3@yahoo.com