خالد طعمة / الكلام المقتضب / السجن من الاستثناء إلى الأصل
1 يناير 1970
10:05 م
| خالد طعمة |
عقوبة السجن هي إحدى العقوبات المقيدة لحريات الأفراد، وعلى الرغم من حديتها إلا أنه نادراً ما نسمع عن استهجان أو انتقاد يوجه لها، تتنادى منظمات حقوقية إلى العيب والنقد اتجاه العقوبات التي قررتها لنا الشريعة الإسلامية الغراء كقطع يد السارق وقطع رأس القاتل، تلك العقوبات أتت من أوامر ربانية عادلة ومع ذلك نجد من يعارضها وينتقدها.
عقوبة السجن لم تكن يوماً من العقوبات الأصلية عندنا معاشر المسلمين، ولكنها وردت على سبيل الاستثناء ولفترات وجيزة موقتة فلا حرمان لحرية أحد في الإسلام، إن التمعن في مكنونات تلك العقوبات والتي جاءت بتفاصيل وحذافير أخرى غير قاصرة على التنفيذ المعروف يرشدنا إلى أن العقوبة لا تأتي إلا بعد حكم القاضي وتدبره وتعمقه للحالة المعروضة أمامه، لذلك فإن عقوبة السجن لم ترد لنا لغرض التوسع بل كخيار خاص بحالات أجازت للقاضي الأخذ بها والاستعانة بإمكانيتها.
اليوم نشاهد انقلاباً في الموازين واعتلالاً فكرياً مغلفاً باسم الإنسانية وإحترام مصطلح (حقوق الإنسان) وهي في حقيقة الأمر حرب ممنهجة على معاني الإسلام وفلسفة العقوبات فيه، فالقصد الذي أراده الشارع من الإعدام بقطع الرأس وعقاب السارق بقطع اليد هو الرحمة الربانية الموجهة على المجرم لتطهيره من الذنب بدلاً من الخلود معه في الآخرة وأن تفسح أمامه الحياة من جديد بذنب معاقب عليه، أما العقوبات البشرية والتي برز من خلالها عقوبة السجن فقد اعتراها العديد من الزلل والخطأ فعندما يرمي المشرع الوضعي إلى ثني المجرم عن الاستمرار بسلوكه الإجرامي، فإننا نجده قد حبس وجبر على مخالطة مجرمين آخرين قد يكونون مماثلين معه في جرمه وقد يكونون أشنع، وبالتالي فإن الخلط الذي قد يتعرض إليه السجين يجعل منه مجرماً آخر متطور عن ذي قبل بالإضافة إلى أمور أخرى أكثر فلماذا نستبدل بما جاء لنا من عند الله بغيره من عقوبات أخرى لا تكون بالضرورة رادعة، لقد حولت هذه العقوبة من استثناء إلى أصل وأصبحت اليوم بكل أسف أصلا والعقوبات الأخرى الأصيلة تحولت إلى القطع والإعدام. والله المستعان.
khaledtoma@hotmail.com
@khaledtomaa