موافقة اللجنة التشريعية البرلمانية على مقترح إنشاء بلديات أحدثت «هزة» في المجلس وقسمت أعضاءه

تفتيت «البلدي» ... طمس للديموقراطية أم ضرورة تطويرية؟

1 يناير 1970 06:12 م
| كتب محمد أنور |

كلما أعيد الحديث عن تفتيت المجلس البلدي وتحويله إلى مجالس محافظات، ترتفع الأصوات المنددة بالطرح من جهة، والمؤيدة من جهة أخرى، وما بين التأييد** والتنديد، يعود الموضوع للخفوت حتى ينسى، ولكن تصريح اللجنة التشريعية البرلمانية إعلان موافقتها على مقترح إنشاء بلديات ومجالس بلدية في المحافظات اعاد القضية إلى الواجهة وأحدث ردود فعل واسعة في أروقة المجلس البلدي حيث انقسم الأعضاء بين معارض ومؤيد، معتبرين أن الفكرة تأتي من منطلق تفتيت وتفكيك المجلس البلدي بما يحمله من هوية ديموقراطية عريقة تجسدت عبر سنوات طويلة.

و استنكر الأعضاء باستثناء القلة منهم عدم الأخذ بأرائهم وانفراد اللجنة التشريعية بمن يمثلها بالتخطيط لمثل هذا المشروع الذي اعتبره البعض تجاوزاً على مؤسسات المجتمع المدني.



أين رأينا؟

استغرب رئيس المجلس البلدي زيد عايش العازمي موافقة اللجنة التشريعية في المجلس البلدي على اقتراح بإنشاء بلديات ومجالس بلدية في المحافظات، مستنكراً عدم أخذ رأي أعضاء المجلس البلدي قبل الخطو نحو تلك الموافقة.

و قال العازمي كان لابد من تعديل بعض مواد القوانين المعمول بها في البلدية والمجلس البلدي كقانون 5 /2005 خاصة المتعلقة بالشأنين المالي والإداري، رافضاً فكرة تطبيق مجالس بلديات المحافظات.

من جانبها، أوضحت عضو المجلس البلدي جنان بوشهري لـ «الراي» أنه تم تقديم أكثر من مقترح بخصوص مجالس البلديات ولا علم لها بالمقترح الذي أقرته اللجنة التشريعية في مجلس الأمة حول إنشاء بلديات ومجالس بلدية في المحافظات، مشيرة إلى تقديم العديد من المقترحات يأتي منها مقترح إشراك المحافظين ومقترح مجلس مركزي ويتبعه مجالس المحافظات.

وقالت بشكل عام ان فكرة التوجه نحو إنشاء مجالس بلديات المحافظات في هذه المرحلة يحتاج إلى تروٍ، مؤكدة أنه لابد من الوصول إلى هذه المرحلة ولكن هذا الوقت ليس مناسباً لتطبيقها.

وأضافت أن المجال في إنشاء بلديات المحافظات في ظل الظروف التي نمر بها في المجتمع الكويتي ووجود بعض الأطراف الاجتماعية كسيطرة القبلية والطائفية له انعكاساته بشكل واضح على مجالس الانتخابات، موضحة أن مجالس البلديات تعتبر تطوراً طبيعياً يجب أن نصل إليه ولكن ليس في الوقت الحالي.

وشددت على ضرورة النظر في اختصاصات البلدية ومجالس البلدية، حيث ان البلدية ظهرت في وقت كانت هي الجهة الوحيدة التي تدير الدولة، أما اليوم نلاحظ وجود تشابك بالاختصاص بين البلدية ووزارات الدولة الأخرى، مشيرة إلى ضرورة فك التشابك بين البلدية وبقية الجهات الحكومية،إضافة لتنقيح قانون البلدية بما يتناسب واختصاصات البلدية الرئيسية التي ترتكز بأمور المخططين الهيكلي والتنظيمي والبناء والعمران ومن ثم نعمم الاختصاصات وعكسها على المجلس البلدي ومن ثم التوجه نحو مجال مجالس البلديات.



جريمة صريحة

ومن جانبه، تمنى العضو مانع العجمي عدم الاستعجال في الأمور التشريعية التي تهم مؤسسات المجتمع المدني إلا بعد الجلوس مع الأشخاص المعنيين حتى لا يكون هناك أخطاء تشريعية كما هي الحال في قانون 5 /2005، متسائلاً هل يعقل أن يعاقب المجلس البلدي أول مؤسسة ديموقراطية في الكويت بتقليص صلاحياته من قانون 15 /1972 إلى قانون 5 /2005 ومن ثم إلى مجالس المحافظات.

وأكد أن هذه الخطوة يعد جريمة صريحة بالمؤسسة الديموقراطية الأولى في الكويت، مشيراً إلى أن التشريع حسب الدستور ينص على المزيد من الحريات وليس مخالفة ذلك بالتقليص والتقليل من مهام مؤسسات المجتمع المدني.

وقال إنه كان هناك أفراد أساؤوا لمؤسسات المجتمع المدني كان من المفترض أن تسلم قوانين لمحاسبة هؤلاء الأفراد لأن تحاسب المؤسسات، موضحاً أن البلدان المجاورة للكويت وعلى رأسهم دول مجلس التعاون يحاولون تعزيز العمل الديموقراطي من خلال تشريع قوانين تعزز العمل الديموقراطي إلا أن الكويت تعمل بعكس ذلك.

وأضاف أن مؤسسات المجتمع المدني هي الذراع اليمنى للسلطة التشريعية، مبيناً أن من يتخلى عن أخيه وصديقه سيأتيه اليوم ويكون وحيداً ومن ثم تفترسه الذئاب، وإن كان أعضاء مجلس الأمة سيطالبون تقليص دور المجلس البلدي فسيأتي يوم ويغيب دور مجلس الأمة الذي ينطق باسم الشارع الكويتي «سينقلب السحر على الساحر».

وتمنى العجمي من اللجنة التشريعية أن تلجأ إلى الدستور كون أن البلدية ليست جهة حكومية أو وزارة بل هي مؤسسة مستقلة.



فكرة قدمتها من قبل

وبدوره، قال العضو موسى الصراف ان الفكرة ليست جديدة وانه قدمها لمجلس الوزراء وإلى الفتوى والتشريع وعرضها على الدكتور فاضل صفر في ما بعد ثم تم إرسال الموضوع إلى مجلس الوزراء، مؤكداً أن الاقتراح جيد فالكويت توسعت والبلدية أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات كافة المناطق، كما أنه لا يمكن لشخص واحد أن يمثل محافظة كاملة ومناطقها.

وأضاف أن مجالس البلديات سيخلق نوع من المنافسة بين البلديات في تطوير كل محافظة، إلا أنه لابد من أن يكون النظام متكامل في كافة جوانبه، موضحاً أن المجلس البلدي باقٍ ولن يلغى دوره في حال تطبيق فكرة المجالس، فهو دوره تشريعي يخدم جميع المحافظات من خلال منوبين من البلديات موجودين في المجلس «الأم».

و أكد نائب رئيس المجلس البلدي جسار الجسار أن الأعضاء نادوا مراراً وتكراراً بضرورة تعديل قانون 5 /2005، مؤكداً أن صياغة القانون تكمن في تسهيل الأداة نفسها.

وأضاف أن الجميع سيؤيد مجالس المحافظات في حال كان المقترح يخدم الصالح العام ويعطي فعالية أكثر لعضو المجلس البلدي من ناحية المراقبة والتشريع، ولكن إن جاء كما هو الوضع عليه في قانون 5 /2005 الذي «كسر مجاذيف» الأعضاء وهمش دور المجلس البلدي فأؤكد أنه لن يزيد أسس الديموقراطية كما أدعى مجلس الأمة، مؤكداً أن أهل الكويت تعلموا أسس الديموقراطية من المجلس البلدي وليس مجلس الأمة.



حلوا المشاكل أولاً

من جانبها، قالت العضو أشواق المضف انها مع اي تطور في العمل البلدي لكن بشرط أن يتم البدء بحل المشاكل الموجودة في البلدية خاصة مع وجود اختصاصات وموظفين تابعين لها كان من الأولى نقلهم إلى جهات أخرى، متمنية من اللجنة التشريعية في مجلس الأمة أخذ آراء اعضاء البلدي قبل الموافقة على الاقتراح المذكور سلفاً واعتماده لعرض الشوائب وحلها.

وطالبت بتعديل قانون شروط الترشح لانتخابات المجلس البلدي بأن يكون المرشح يحمل الخبرات والشهادات المناسبة التي تساعده في عمله البلدي وأن يقتصر الأمر على القراءة والكتابة أمر مرفوض في عام 2013، ومن المهم ألا يكون الهدف فقط هو انطلاقة إلى بوابة مجلس الأمة.

وأكدت المضف أن مجلس الوزراء وبعض النواب الحاليين في مجلس الأمة لا يريدون المركزية في البلدية، متسائلة هل الحل هو تفكيك المجلس البلدي وجعله مجالس محافظات.