أكد خلال ندوة في «الخريجين» أن الانسان لا يستطيع البوح بكل ما يريد

البازعي: قراءة ما بين السطور سبيلنا للتعرف على علاقة الفكر بالسلطة

1 يناير 1970 03:51 م
| كتب باسم عبدالرحمن |
اعتبر عضو مجلس الشورى السعودي واستاذ اللغة الانجليزية في جامعة الملك سعود الدكتور سعد البازعي ان السلطة منطقة خطره مملوءة المصاعب وكما قال المفكر الفرنسي ميشيل فوكو «ليس هناك شيء اسمه الحرية».
وقال البازعي خلال ندوة «جدلية الثقافة والسلطة» التي عقدتها جمعية الخريجين الكويتية بالتعاون مع نادي بوم الثقافي مساء اول من امس انه لو قال كل انسان ما يريد لحدثت الكثير من المشكلات والتجاوزات ما يعني حتمية وجود مراقبة، موضحا أن مفهوم السلطة ليس مفهوما سياسيا فقط ولكن السلطة ربما تكون دينية أو سلطة مجتمعية أو ثقافية فالجدلية القائمة بين السلطات تعني وجود قوتين تتصارعان من أجل السيطرة، والنماذج التاريخية والمعاصرة كثيرة للعلاقة والصراع بين السلطة والثقافة.
وبين أن التاريخ يحفل بالنماذج في ما يتعلق بصنع الثقافة والآداب خاصة في الدول الأوربية وكيف قام مفكرو العصور الوسطى ومنهم الفلاسفة المسلمون بمواجهة السلطات سواء السياسية او الدينية أو حتى المجتمعية.
واستعرض البازعي بعض النماذج التاريخية لمثل هذه المواجهات بين السلطة والثقافة والتي كانت تؤدي الى أن يتخذ المفكرون والأدباء الرمزية لتجنب هذه المواجهة ومن الأمثلة ما قام به الفيلسوف المسلم الفارابي حيث ذكر الكاتب الألماني اليهودي الأصل شتراوس أن الفارابي كان يريد الحديث عن أشياء غير مسموح له بالكلام عنها وكيف واجه هذا الأمر خاصة بوجود السلطة والخوف من عدم فهم ما يكتب ولهذا يقول شتراوس ان الفارابي تعلم الكتابة ما بين السطور وخاصة عندما ينسب بعض الكلام الى أفلاطون والفلاسفة القدماء فيما يتعلق بالسياسة وهو نوع من التحايل على السلطة.
كما استعرض البازعي من النموذج الاوربي في العلاقة الجدلية بين السلطة والثقافة ما قام بة المفكر الفرنسي متسكيو وهو من المتنورين الذين اتهم نتيجة أفكاره التنويرية على أنه يتبع المذهب الاستينوزي ودافع عن نفسه بأنه بريء ورجل مؤمن ويتعرض لتهم بالعقيدة وذلك بعد نشره كتابا يحمل عنوان «الرسائل الفارسية» وهي عبارة عن تخيل اثنين من الفرس الذين شاهدوا الوضع في فرنسا وكتبوا رسائل لأهلهم عما رأوه ليدعي أنه عثر عليها وهي مليئة بالنقد السياسي والاجتماعي الفرنسي ولهذا استخدم المتحدثين الفارسيين ليقولا ما لا يستطيع هو قوله وهي نفس الاستراتيجية التي استخدمها الفارابي سابقا.
ومن العصر الحديث لفت البازعي الى ان فكرة الهروب من المساءلة ايضا تتبين في ما طرحه المفكر والفيلسوف الفرنسي ميشال فوغو المتخصص بأثر السلطة على الفكر والمجتمع وأشكاله النابعة من هذا التوتر الحاصل بين من يملكون السلطة ومن لا يملكون سوى انتاج الثقافة والمعرفة والكثير من كتبه تتحدث عن المواضيع المعرضة للمنع وهما الجنس والسياسة وهو خطاب مستند الى التحليل النفسي من خلال الرغبة في السيطرة وامتلاك الكلام فيما يقال ومتى وما الذي يقال.
اما في ما يخص النماذج العربية المعاصرة في هذا الشأن والموروث العربي فقد قال البازعي أننا وجدنا نماذج كثيرة للصراع بين السلطة والثقافة ومن الأمثلة ما حدث في بدايات القرن العشرين وما قام به النهضويون العرب الذين طرحوا النموذج الأوربي النهضوي ومنهم المفكر اللبناني فرح انطون في أوائل القرن العشرين وهو مسيحي انتقل الى مصر لأن الوضع في مصر يعتبر أكثر حرية وقد واجه السلطة بأشكالها المختلقة ومنها السلطة الدينية فيما يكتب ولهذا ألف كتابا عن ابن رشد ونشر عام 1903.
ولفت الى ان انطون قال ان ابن رشد هو ممثل للعقلانية في الثقافة العربية الذي نادى من اجل الدفاع عن حرية الفكر والتعبير وأهم ما طرحه فرح عن ابن رشد هو التعايش بين الأديان والتسامح وهو ما كان يتحدث عنه من خلال عصره الحالي والتعايش بين الأديان ولكن تلقى هجوما من صديقه رشيد رضا ذي التوجه الاسلامي الذي تذرع بالبيئة الاسلامية بمصر لكي يهاجم فرح انطون الذي لجأ الى الموروث العربي الاسلامي ليذكر المسلمين بأن هناك الكثير من التسامح والتعايش بين الأديان.