د. حسن عبد الله عباس / 2 >1 / مجلس «ما يترس العين»

1 يناير 1970 04:18 م
سمعتم أكثر من مرة ومن أكثر من نائب أن المجلس «مو تارس عين الحكومة»، وأن الحكومة لا تعيره ذاك الاهتمام، وأن الحكومة لا تحترمه! بصراحة لست فقط مقتنعا بهذا الكلام، بل كيف لا يكون هذا الكلام صحيحا وتصرفات المجلس كما نرى!

أتذكر قالها رئيس المجلس على الراشد والنائب عبدالحميد دشتي بأن المجلس قوي ويشمخ، لكنها كلمات مأخوذ خيرها إن ظلت تصرفات المجلس والنواب كما هي. كيف «يشمخ»، والمجلس بجيب الحكومة ويأتمر بأوامرها ويتم تأجيل أهم وسيلة في المساءلة!؟ لا أفهم كيف يحصل ذلك؟

طبعا التبرير كلكم سمعتموه، فالحجة من التأجيل والتي جعلت المجلس «يرضخ» وينكسر عينه بأن الاثنين (المجلسين) اتفقا على الانجاز والاصلاح، ولهذا يتطلب الامر من الجميع أن يستمهل الحكومة ويعطيها فرصة ستة أشهر ومن بعد ذلك لكل حادث حديث!

بودي أن أستفسر عن بعض الامور، حتى نستوضح السالفة السياسية. ما علاقة الانجاز بالاستجواب؟ يعني لماذا يتوقف الانجاز في ظل الاستجواب؟ لماذا العلاقة عكسية دائما بين الاثنين؟ الاستجواب ليست إلا وسيلة وأداة دستورية عنوانها «سؤال مغلظ» لا أكثر. ما الذي يجعل دولة دستورية تمارس الديموقراطية منذ ستينات القرن الماضي تخشى وتقشعر وتهتز أركانها بالكامل لمجرد أن يتقدم نائب بالاستجواب؟ طبعا أتحدث بشكل مجرد وبغض النظر عما إن كان الاستجواب كيديا أو حقيقيا، يهدف للعرقلة أو اصلاح الاعوجاج، شخصيا أو سياسيا. بغض عن كل ذلك، يجب ويفترض في الحكومة والمجلس والناس أن تفصل بين المحاسبة والمساءلة، وبين الانجاز والتطور والتقدم، فالامران مختلفان ولا علاقة لهما ببعض.

الشيء الثاني من قال علينا أن ننتظر ستة أشهر، فما الدليل على قدسية الستة أشهر وأنها كافية؟ لم لا تكون الستة أشهرا طويلة؟ لم لا تكون مدة الانجاز ثلاثة أشهر مثلا؟ طيب افترض أن بعد ستة أشهر تدهورت الامور، والاستجواب كانت الوسيلة المناسبة للتوعية وإلفات النظر إلى الاعوجاج قبل استفحال الامر، فهل الاستجواب سيكون ساعتها معيقا للانجاز أم مكملا وموجها ومرشدا!

الشيء الثالث يتعلق بأصل مبدأ الاستجواب وقيمته الذاتية. يا ناس الاستجواب حق النائب، والنائب ممثل «للأمة» كلها، والامة التي يُسكت فمها ويُقال لها لا تتحدثي قبل ستة أشهر، هذه الامة تكون مُهانة وتكون قد اسُتحلت كرامتها. فبما أن الديموقراطية هي حكم الناس لنفسها، لكن بما أننا سلبنا حق الأمة أن تتكلم وتحاسب وتدافع عن حقوقها بسلب حق النائب في الاستجواب والمساءلة والاستفسار، هذا التصرف فيه مهانة واذلال واحتقار عظيم. لا يوجد استخفاف أكبر بكرامة الشعب الكويتي حينما يكون عذر اسكاته بذريعة الانجاز. نعم قد أتفق معكم لو كان التبرير فعلا يستحق لأجله الانتظار كأن نكون في حالة حرب مثلا أو بظرف استثنائي قريب، لكن فقط أن نتحجج بالانجاز فهذا عذر قبيح جدا!



 د. حسن عبدالله عباس

hasabba@gmail.com