علي محمد الفيروز / إطلالة / «ضياع هوية تنظيم القاعدة» (2)
1 يناير 1970
03:02 م
|علي محمد الفيروز|
لقد تحدثت في مقالة ماضية عن اسماء اخطر اثني عشر ارهابيا وضعتها قيادة العملية الخاصة المشتركة التابعة للجيش الاميركي ووكالة الاستخبارات المركزية ضمن اعلى قائمة اهداف سرية خاصة بتنظيم القاعدة اعدت بعد مقتل الزعيم اسامة بن لادن للتخلص من جميع هؤلاء كونهم يشكلون مصدر قلق للادارة الاميركية واسرائيل ومصدر ارهاب للغرب، فبعد مرور نحو شهر ونصف الشهر على مقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق في عملية انتقامية شرسة نفذها كوماندوز اميركيون في الثاني من مايو عام 2011م على مجمع سكني اعتاد السكن فيه في مدينة ابوت آباد الباكستانية نشب خلاف كبير بين ابرز قياديي التنظيم حول امور عدة ابرزها قضية خلافة الزعيم بن لادن، وكان انور العولقي مصدر الخلاف الدائر حول قضية خلافته والذي من المحتمل أن يكون مختبئا في اليمن موطنه الاصلي ويحمل الجنسية الاميركية، وبعد صراع مرير بين اعضاء التنظيم اعلنت القاعدة في بيان نُشر على مواقع جهادية عدة عن خبر تولي «ايمن الظواهري» قيادة التنظيم خلفا للزعيم المقتول بن لادن، وبذلك يكون الطبيب الظواهري مصري الجنسية والبالغ عمره 60 عاما هو الرجل المطلوب رقم 1 في العالم كونه المساعد الايمن للزعيم السابق والعقل المدبر القديم والمتحدث الابرز باسم القاعدة، هذا وقد قام مركز الفجر الاعلامي بتوزيع خبر التعيين لبقية المواقع الجهادية، حيث افاد بأن قرار تعيين الظواهري يأتي التزاما من التنظيم على أن الجهاد ضد الغرب واسرائيل ماض إلى يوم القيامة كما جاء بالاحاديث، وان التنظيم سيتابع الدعوة إلى الدين الحق، داعيا الشعوب العربية المنتفضة ضد حكوماتها إلى تطبيق حكم الشريعة الاسلامية والاستمرار في الكفاح حتى تزول كل الانظمة الفاسدة التي فرضها الغرب على البلدان، ثم تعهد التنظيم بانه لن يقبل التنازل عن شبر من ارض فلسطين ولن يعترف باي شرعية لدولة اسرائيل المزعومة ولو اطبق على ذلك اهل الارض جميعهم، وأكد على أن التغيير الحقيقي لن يتحقق الا بعودة الامة المسلمة إلى الشريعة بعدما أنحتها قوى الاحتلال عن الحكم، لتعود شريعة الاسلام خالصة تحكم امة الاسلام، ويكون الدين كله لله سبحانه، وان التغيير لن يتحقق الا من خلال تخلص الامة من كل اشكال الاحتلال والهيمنة والسيطرة العسكرية والاقتصادية الثقافية والقضائية التي يفرضها الغرب علينا، وهذا لن يتحقق أيضاً الا بازالة كل اشكال الظلم السياسي والاجتماعي، وفي ظل رثاء احد زعمائها الرئيسيين وهو اسامة بن لادن تعهد القيادي ايمن الظواهري في شريط مصور على شبكة الانترنت بمتابعة الجهاد على خطى بن لادن وسيظل محافظا على قسمه الشهير القائل: «انكم لن تحلموا بالامن حتى نعيشه واقعا، وتخرجوا جميعكم من ديار المسلمين»، تلك العبارة التي غالبا ما تتوجه الاصابع إلى الغرب واسرائيل، مذكرا أن الفارس النبيل بن لادن ذهب إلى ربه شهيدا غير أنه سيظل الرجل الذي ارعب اميركا حيا وسيرعبها ميتا!! نعم تمكن المصري الظواهري حسم جدل الخلافة حتى يحافظ على سمعة التنظيم قبل أن تتشتت الامور ليصبح مسيطراً على اخطر تنظيم اصولي في العالم ولكنه يبقى حاملا تركة ثقيلة ومسؤولية كبيرة وخطيرة قد يدفع حياته من ورائها والآن نلاحظ بدأت خيوط الضعف والتفكك تخيم عليها مع تحديات قلة الموارد المادية والبشرية، اضافة إلى ظهور ثورة الربيع العربي التي انتشرت بين الدول العربية المضطهدة والتي ساهمت في تضييق فكر الجهاد والتضحية في سبيل نصرة الحرية والعدالة ما ادى بالتالي إلى اضعاف دور تنظيم القاعدة بشكل كبير، لذا لم نجد القاعدة كسابق عهدها بعد مقتل الزعيم بن لادن، وهذا ما اكده معظم المقربين لهذا التنظيم وبعض مسؤولي الادارة الاميركية، فقد سبق أن اكد احد قياديي تنظيم الجماعة الاسلامية أن الزعيم ايمن الظواهري لن يضيف شيئا إلى واقع القاعدة والذي وصل حاليا إلى مرحلة كبيرة من الضعف والشلل والتفكك خصوصا بعدما طاردته القوات الاميركية وشتتت معظم رموزه الرئيسيين إلى أن اصبحت منهكة شيئا ما واصبح دوره مفقودا في الحياة بعد أن حاصرته في اماكنها المعروفة في جبال افغانستان وباكستان، وهي بالطبع اماكن بعيدة عن مراكز التأثير في العالم، ولعل ما قامت به القوات الاميركية في جبال تورا بورا كان اكبر شاهد على الاطاحة بهم شيئا ما، وقلة نشاط اعضاء القاعدة في منطقتي افغانستان وباكستان كانت واضحة تماما رغم حرية المساحة الجغرافية واتساع رقعة السيطرة في بعض المناطق، وربما يرجع السبب إلى أن المجتمعات العربية قد غيّرت من طابعها وبدأت في مسح فكر الجهاد من اجندتها بالاونة الاخيرة، كما اكد مسؤول كبير في الادارة الاميركية ان الزعيم الجديد ايمن الظواهري متعلم ويحمل شهادات عليا ولكنه يفتقر إلى مهارة القيادة والمؤهلات التي كان يتمتع بها الزعيم بن لادن، حيث لا يمتلك اي مهارات تنظيمية منذ انخراطه في حركة الجهاد الاسلامي المصرية وليس لديه خبرات قتالية، وهذا ما يؤدي في النهاية إلى توجيه انتقادات لقائد يفترض عليه أن يكون متفوقا عن غيره من الاعضاء إن لم يؤد ذلك إلى حدوث انشقاق كبير في الداخل.
alfairouzkwt_alrai@hotmail.com