أسامة عيسى الماجد الشاهين / جوزيف في برلمان الكويت!

1 يناير 1970 06:04 ص
| أسامة عيسى الماجد الشاهين |

في ظل «الحرب الباردة» بين أميركا والعالم الغربي بطرف، والاتحاد السوفياتي السابق والدول الشيوعية بطرف آخر، كان الأميركيون يشعرون بالخوف والقلق، من الخطر «الأحمر» الذي يمثله الشيوعيون عليهم، ولقيم حرية الأشخاص وليبرالية النظام ورأسمالية الاقتصاد.

استغل «القاضي» جوزيف مكارثي تلك المخاوف الوطنية والاضطراب، وانتزع تحت شعار محاربة «الشيوعية» مقعده في الكونغرس الأمريكي منذ 1947 حتى 1957، حيث كان يوزع الاتهامات يمنة ويسرة على كل من يخالفه من مثقفين وسياسيين وفنانين وإعلاميين، وأصبح رضاه عن الشخص بمثابة «صك وطنية» يهديه من يشاء! والإقالة من العمل والحرمان من فرص الحياة والشكوك والملاحقات الأمنية تلاحق من «يظن» به السوء.

نجحت الدولة والشعب الأميركي بتجاوز الحقبة «المكارثية» بسلام، بعد سنوات من الاضطراب وسقوط عشرات وربما مئات الضحايا، ولكنهم تعافوا من الأزمة العصيبة وأصبح «مكارثي» ومنهجه التخويني منبوذين هناك، وعادت قيم الحريات العامة واحترام الحياة الشخصية والتعددية السياسية والثقافية لوضعها المميز والسليم.

من المؤسف أننا في الكويت بعد 50 سنة على استقلالها ونشأة الدولة الحديثة، نعود للانحطاط والتخلف، عبر تهديدات وممارسات «مكارثية» تمارس ضد كل من يختلف مع السلطة التنفيذية، ويعارض تجاوزاتها الجسيمة للدستور والقيم المنفتحة التي قام عليها وطننا العزيز، وكفلت استقراره على مدى مئات السنين.

تقدم «النائبة» صفاء الهاشم أسئلة برلمانية تتعلق بالأكاديمي المرموق «شفيق الغبرا»، فقط لأنه مارس دوره العلمي وواجبه الوطني، في توعية المجتمع وقراءة الساحة السياسية وتحذير السلطة من مغبة تصرفاتها الخارجة عن الدستور، ومثلها عبد الله معيوف عن المعارضين د. الحربش ود. الطبطبائي ود. المطر وغيرهم، حيث طالب وزير التعليم العالي بتزويده بجداولهم التدريسية في جامعة الكويت!

بينما تجاوزت نائبة أخرى المدى بمطالبة وزارة التعليم العالي بحرمان الطلبة المغتربين من بعثاتهم الدراسية إن كانوا «برتقاليين»، وقامت إحدى الصحف «النفطية» بكل وقاحة بمطالبة الشركات البترولية بفصل الموظفين المعارضين لسياسات الحكومة الخاطئة، وقس على هذه المظاهر «المكارثية» الكارثية.

ختامًا: تخلصت أميركا من «جوزيف مكارثي» بفضل وعي (الشعب) ورفضه سياسات تخوين المعارضين، والاتهام بلا دليل وفق ظنون وشكوك، فهل تنجح الكويت بالتخلص من منهجه؟ أراهن على الوعي الشعبي في هذا الميدان، لأن ضعف وعجز (الحكومة) لا يخفى على أحد، و(البرلمان) صوري خصص جلسات كاملة لمناقشة الخطر «الإخواني» الافتراضي بدل «الإيراني» المثبت بأحكام القضاء! حفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه.

 

osama@nashiri.net