محمد صالح السبتي / واضح / في الكويت ... مَنْ ظلم مَنْ؟!

1 يناير 1970 01:37 م
| محمد صالح السبتي |

نعيش في الكويت حالة نفسية سيئة جدا وقد تكون مرضية ايضا... وهذه الحالة هي الاحساس «بالمظلومية»!! الكل يحس انه مظلوم وأن غيره ظلمه وتعدى على حقوقه... اقول الكل للأسف هذا احساسه ويبني مواقفه السياسية او الاجتماعية على هذا الاحساس الخطأ او ان صح القول المريض...

تجلس الى أحد اقطاب الحكومة او الوزراء او المسؤولين فتحس ان الشعب ظالم للحكومة بإطلاق الأحكام عليها ومتجنٍ كثيرا على مواقفها!

وحين تجلس الى بعض افراد الشعب او تسمع شكواهم فيما يكتب... تحس ان هذا الشعب قد ذاق الأمرين من ويلات الحكومة!! وانه يتجرع غصص الظلم كل يوم مع اكله وشربه!!

حين تجلس الى نواب البرلمان تسمع منهم شكوى مريرة عن ظلم الناخبين لهم... وعندما تصغي الى الناخبين أنفسهم يقلبون لك الآية بشكوى أكثر مرارة عن ظلم النواب لهم!!

أبناء الطائفة الشيعية لديهم احساس انهم اقلية مظلومة في البلاد فلا يرخص لهم ببناء حسينيات جديدة ولا يقبل اولادهم - حسب رأيهم - في مجالات عده كالجيش والشرطة وبعض الاماكن الحساسة!! وأبناء الطائفة السنية لديهم نفس الاحساس... يرى بعضهم ان هناك سيطرة شيعية على كثير من مراكز القوى في الدولة!!

أبناء القبائل - ان صح التعبير - يرون انفسهم مهمشين من قبل الدولة وباقي الفئات!! الحضر بالمقابل يرون سيطرة لابناء القبائل وانتشار جاء بالمحاباة والواسطة!!

الاسلاميون يرون سيطرة لخصوم الفكر الاسلامي بجميع مشاربه على كثير من مؤسسات الدولة!! والعكس ايضا... خصوم الفكر الاسلامي الحديث يرون هيمنة لاصحاب هذا الفكر على مؤسسات الدولة وتقارب بين الحكومة والاسلاميين!!

حتى النساء يرون انفسهن مظلومات من قبل الرجال والتشريعات الخاصة بالاحوال الشخصية... ولو استمعت لمعشر الرجال لسمعت مر الشكوى من ظلم النساء لهم واجحاف القوانين الخاصة بالاسرة!!

المعارضه في الكويت ترى نفسها مظلومة وان حربا تشن تضدها... المولاة يرون انفسهم مظلومين من قبل المعارضة وعلى ذات المستوى التي ترى المعارضة نفسها فيه!!

الموظفون واصحاب العمل... الخدم وربات البيوت... الكفلاء ومن يكفلونهم... المقاولون ومالكو العقارات.... وقل ماتشاء من فئات وطوائف وسياسين واصحاب عمل وافراد وفئات اجتماعية... الكل لديه احساس انه مظلوم ممن يقابله او يتعامل معه او يشاركه الحياة الاجتماعية او السياسية او المهنية العملية!!! اذا السؤال : مَنْ ظلم مَنْ؟!

الواضح الذي لا مراء فيه ان المشكلة تكمن في عقولنا وطريقة تفكيرنا وتعاطينا للامور لا في الوضع ولا فيمن نشاركهم الحياة السياسية او الاجتماعية او العملية... عقولنا مريضة بهذه الاوهام التي زرعناها نحن فيها... افكارنا مصابة بـ «عمى ألوان» واصبحت لا تفرق بين حقائق الامور!!

نحن من يريد ان يعيش هذه «المظلومية» لخلل داخل مناهجنا الفكرية ليس إلا!! عقولنا اصبحت تستمتع بهذه الحالة النفسية السيئة التي فرضناها على انفسنا واقتنعنا بها واقنعنا بها الاخرين ايضا.. او نحاول اقناعهم بها!!

بالتأكيد... الوضع لا كما نراه او يراه اغلبنا... وقد يكون عكسه تماما... ولو صح ما يراه هؤلاء «المظلومون» فالسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه : مَنْ ظلم مَنْ؟

 

lawyermodalsbti@