كمال علي الخرس / كلمة صدق / رسائل مهمة في عالم مضطرب
1 يناير 1970
03:14 م
| كمال علي الخرس |
«بودي القول اننا كنا ندرك كل الادراك وبجلاء، ان الاعوام القريبة المقبلة ستكون حاسمة وربما حتى سنوات انعطاف ليس بالنسبة لنا فقط، بل وعمليا بالنسبة الى العالم بأسره والذي يلج عصر التغيرات الجذرية، وربما حتى عصر الهزات». الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لعل الأسبوع الفائت قد تميز بإطلاق خطابات وتصريحات عدة من بعض المسؤولين والزعماء لم ينتبه لها كثيرون رغم ان وزنها وتوقيتها ومعناها لا تخطئها عين المراقب، وكان من اهم هذه الخطابات رسالة بوتين للجمعية العمومية الروسية في الثاني عشر من الشهر الجاري.
رسالة بوتين لا يمكن مناقشتها بكل ما احتوتها لتعدد وتشعب النقاط فيها، لكن اهم ما في هذه الرسالة هو ربط عناصر تخص الداخل الروسي مع عناصر خارجية بطريقة تجعلها متكاملة وفاعلة لتؤثر بقوة حسب الرغبة التي ابداها الرئيس الروسي بالأحداث في روسيا وفي محيطها لا بل في العالم اجمع.
في ظل الصراعات القائمة يبقى مهما ما ينطق به رجل الكرملين القوي وما يعكسه الخطاب من اندفاع بلاده من جديد في الفضاء العالمي وهو يقول انه «يجب ان تحافظ روسيا على اهميتها الجيوسياسية، ويجب ان تضاعفها». ويبدو في هذه الكلمات افعال وليست ردود افعال لما تراه روسيا تحديات عالمية قد تهدد مكانتها الداخلية والخارجية ومصالحها القريبة والبعيدة.
طبعا عند الحديث عن المجال الجيوسياسي لروسيا والرغبة في مضاعفته يختلف ذلك مع الحديث عن المجال الجيوسياسي لبلد صغير، على ذلك فإن انعكاس اثر مثل هذا الطموح الذي اطلقه بوتين في الرغبة والتوجه لمضاعفة المكانة الجيوسياسية لروسيا سينعكس على مجريات الاحداث في عالم مضطرب.
الرئيس الروسي يؤكد ان خيار روسيا هو الديموقراطية، لكنه يؤكد في الوقت نفسه ان الديموقراطية في روسيا يجب ان ترتكز على تقاليدها وليس على «معايير مفروضة من الخارج،» مؤكدا على ذلك بالقول ان «روسيا يجب ان تكون بلادا ذات سيادة ومتنفذة في عالم القرن الواحد والعشرين في مجال التوزيع الجديد للقوة الاقتصادية والحضارية والعسكرية، وان نحافظ على هويتنا القومية والروحية».
ومن اهم ما جاء في خطاب بوتين اشارته الى «بروز ظروف لحدوث نزاعات جديدة ذات طابع اقتصادي وجيوسياسي واثني ومنافسة شديدة للحصول على الموارد في العالم».
من هذا المنطلق وببروز تحديات جيوسياسية عالمية واثنيه واقتصادية يوضح بوتين الحاجة الى تعزيز القوة العسكرية الروسية، وقد اشار في حديث سابق الى عزم روسيا انفاق ما يعادل 590 يورو في العقد المقبل لتطوير قدراتها العسكرية، وإعداد جيش حديث وتطوير التكنولوجيا العسكرية الفضائية، وإحياء القوة البحرية في الشمال والشمال الاقصى والقطب الشمالي، وفي القطب تتضح ملامح المنافسة المقبلة على الموارد مع الدول الكبرى هناك خصوصا كندا.
خطاب بوتين الاخير وما اكده فيه من كلام سابق عن خطط تسليح جديدة مع ما ذكره من ان روسيا لم «تعد تكتفي بالطرق الديبلوماسية والاقتصادية لتسوية النزاعات» بل انها ستطور قدراتها العسكرية في مواجهة الدول الغربية خصوصا في موضوع الدرع الصاروخية في أوروبا يؤكد ان العالم مقبل على مواجهات بين قوى متنفذة وقوى صاعدة وأخرى عائدة بقوة.
الدرع الصاروخية في اوروبا وأخيرا صواريخ الباتريوت التي ينوي «الناتو» نصبها في تركيا لم تعد فقط موضع احتجاج روسي، لكن في تناغم بالمواقف يقول رئيس اركان القوات المسلحة الايرانية فيروز ابادي في تصريح مهم صدر هذا الاسبوع «نحن اصدقاء تركيا ونريد الامن لها، لكننا لا نريد ان يتم الهجوم على سورية عبر تركيا... وان كل صاروخ باتريوت من هذه الصواريخ هو علامة سوداء على خريطة العالم، وقد يكون سببا في حرب عالمية». ويتهم القائد العسكري الايراني من جهة اخرى القوى الغربية بأنها تتبع استراتيجية جديدة تقوم على تربية الارهابيين ودفع المسلمين الى قتل بعضهم البعض، بدلا من ارسال قواتهم ودخولهم في حروب ضخمة.
هل ممكن أن جزءا مما يحدث في المنطقة هو تخطيط غربي لحروب بالوكالة تقودها الشعوب دون قصد ضد بعضها؟
ان تاريخ السياسة الغربية في العالم الاسلامي «يعج بالأمثلة التي تحركنا فهي ليس بناء على الواقع الملموس وإنما على ما نأمل ان يكون هو الواقع». هكذا يقول بادي آشداون زعيم الحزب الديموقراطي البريطاني ممثل البوسنة السامي سابقا، ويضيف «نحن نتمنى السلام لسورية لكن حتى في حال سقوط الاسد قريبا، ثمة سبب قوي يقنعنا بأن السلام الشامل ليس واردا».
نعم قد لا يكون السلام واردا لأن المنطقة قد تكون متجهة وكما الامثلة التي ادرجها السياسي البريطاني في بعض دول المنطقة نحو التطرف ونحو مزيد من المواجهات الطائفية التي سببها التدخل الغربي حتى وان كان دون قصد حسب ما يعتقد اشداون، وسورية كما يراها ليست هي بيت القصيد ولكنها مجرد واجهة لصراع مذهبي كبير متعاظم وطويل الأمد سيحدد مستقبل الصراع في المنطقة.
alzoor3@yahoo.com< p>