د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / المعاق الكاذب

1 يناير 1970 01:41 م
| د. يعقوب أحمد الشراح |

عندما يستشري الفساد في المجتمع فإنه يتلون بكل الألوان والأشكال، ولا يقتصر على نوع معين من الفساد كالنفاق والسرقة والنصب والاحتيال وإساءة الأدب وغيرها. كما لا يعني أن الفساد تمارسه فئة معينة أو يظهر في عمر محدد لأن الفساد بطبيعته يستشري ويأخذ مداه واتساعه بمرور الزمن لدرجة الشعور بصعوبة القضاء عليه. لهذا وضعت القوانين لمحاربة الفساد في المجتمعات وحماية المجتمع من مخاطره.

وإذا كانت أوجه الفساد عديدة فإننا أصبحنا اليوم نواجه شكلا آخر منه لم نتوقع مشاهدته وهو يغزو حياة المعاقين الذين يحتاجون منا كل حماية وعون. فالأسوياء يدعون الإعاقة للحصول على المال والمميزات التي يقدمها القانون للمعاقين لدرجة أن المعلومات تأتي مؤكدة تضاعف أعداد المعاقين في فترة قصيرة سنة أو أكثر قليلاً.. فلقد نشرت الصحف أن أعداد المعاقين في العام 2010 كان نحو 42 ألفا بعد أن كان في العام 2000 نحو 12 ألفا فقط!!

فما السر في تضاعف أعداد المعاقين في فترة قصيرة؟ وهل حدث ذلك بسبب حرب لا سمح الله أنتجت لنا الإعاقات الجسدية والنفسية والعقلية؟ أم أن وباء حدث أو تلوثا إشعاعيا نوويا أديا إلى عاهات مستديمة؟

لا يشك أحد في أن تضاعف أعداد المعاقين يعود إلى الادعاء بالإعاقة كذباً وتحايلاً على القانون من خلال تزييف الحقائق، وتقديم شهادات «مضروبة»، وتقارير لا تعكس المصداقية وإنما تعكس حجم التلاعب من أشخاص أو لجان مسؤولة.. لذلك فإننا أمام أزمة لم تخطر على بال احد وهي الخلط بين المعاق الحقيقي والمعاق الكاذب الذي يدعي بأنه معاق.

إذاً نحن أمام آلاف المعاقين المزيفين الذين يتمتعون بمزايا قانون الإعاقة بينما هم ولله الحمد في كامل قواهم العقلية والجسدية.. والسؤال ما الحل ونحن لدينا هيئة عامة للمعاقين أعطيت لها صلاحيات ومسؤوليات يفترض أن تسهل من صعوبات الحياة على المعاقين، وتهدف إلى رعايتهم، وتنمية وجدانياتهم وتجعلهم يشعرون بأنهم بشر لهم حقوق شأنهم في ذلك شأن كل الناس؟..

إن الواجب الشرعي والقانوني يقتضى من الهيئة العامة للإعاقة أن تراجع هذا الواقع المختل من كافة الوجوه، وتعيد البحث في سجلاتها وبياناتها، وتشكل فرق عمل مختصة فنية نزيهة تعيد تقييم واقع كل المعاقين بالمقابلة والفحص وتدقيق البيانات من اجل التأكد من سلامة كل ما يتعلق بالمعاقين.

إن الذين يدعون الإعاقة وهم ليسوا معاقين وفق ما تؤكده التقارير الطبية والنفسية لابد من إحالتهم إلى المحاكم ليأخذوا جزاءهم وفق القانون.. فالتلاعب في هذه المسألة جريمة لا يسكت عنها، ولا يجب إهمالها بالادعاء أنها مستحيلة العلاج علماً بأن ترك هذه المسألة من دون علاج سيؤدي إلى تفاقمها وتزايد أعداد الكذابين والمحتالين على قانون الإعاقة، وحقوق المعاقين والتي يؤكد عليها القانون العالمي لحماية المعاق ورعايته وكذلك التشريعات والأعراف.

وإذا كان الفساد قد استشرى بشكل كبير في المجتمع، فإنه من المؤسف أن يستشري هذا الفساد من الأسوياء فيصيب قطاع المعاقين الذين يحتاجون منا كل عون ودعم. إنها جريمة ينبغي أن يحاسب المسؤولون عن قطاع الإعاقة في البلاد كل من وصف نفسه بالمعاق أو ساعده في حصوله على مميزات لا يستحقها من قانون المعاقين. فليس من الصعوبة تحديد المدعين بالإعاقة ومحاسبتهم قانونياً.. فهل نفعل ذلك؟



yaqub44@hotmail.com