أزمة عالمية ومن بعدها ثورات «الربيع العربي»
سنوات صعبة لـ«الملكيات الخاصة»: طريق التخارج طويل طويل
1 يناير 1970
12:31 ص
| إعداد علاء الفروخ |
مع اندلاع ثورات «الربيع العربي» في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وجدت صناعة صناديق الملكيات الخاصة الوليدة في المنطقة نفسها أمام سنوات صعبة.
وتقول صحيفة «فايننشال تايمز» إن تقييمات الاستثمارات المدارة من قبل عدد كبير من الشركات الجديدة في الشرق الأوسط، والتي أنشئت في منتصف الألفية الجديدة، قد انخفضت في أعقاب أزمة الائتمان والانهيارات التي أصابت البنوك الغربية، أعقبتها الثورات الشعبية التي اجتاحت المنطقة من تونس إلى البحرين.
وفي ظل واقع جديد لمستقبل سياسي لا يمكن التنبؤ به وأسواق رأسمال أكثر هدوءا، تحتاج مجموعات صناديق الملكيات الخاصة إلى بذل جهد أكبر لزيادة قيمة استثماراتها حتى يتسنى لها توليد العوائد.
ويقول عبدالله الإبياري، العضو المنتدب في شركة «القلعة كابيتال»، وهي مجموعة صندوق ملكيات خاصة مصري: «نحن نفكر في دورة الأعمال التجارية، كان من الواضح جدا أن الأمر سيستغرق وقتا أطول بالنسبة لنا للتخارج من عملياتنا».
ويضيف: «نحن بحاجة للتمسك بأعمالنا (الاستثمارات) لفترة أطول للتأكد من أننا سنبيع في الجزء الصحيح من الدورة».
مع أخذ ذلك في الاعتبار، تحاول الشركات في المنطقة التأكد من أنها موجهة بشكل أكبر نحو مزيد من إدارة المحافظ الاستثمارية، نظرا لأنها قد تضطر إلى الاحتفاظ بأصولها لفترات أطول.
وتلفت «فايننشال تايمز» إلى أن «إضافة قيمة حقيقية للأعمال، التي تديرها تلك الشركات، أصبحت أمرا مركزيا لناحية قدرتها على التخارج، في وقت عانى فيه المستثمرون الدوليون من عدم الاستقرار بسبب الاضطرابات السياسية».
كما يعني ذلك، وفق الصحيفة، أن الشركات الإقليمية تحاول التقاط أفكار استثمارية يمكن أن تكون قابلة للتطبيق على مدى فترة أطول، بدلا من عمليات شراء يمكن أن تتحول وتحقق عودة سريعة.
وفي حين لعبت الانتفاضات العربية دورا، يقول مديرو صناديق إن فترات الاحتفاظ الأطول هي المعيار المتبع حول العالم الآن.
ويقول مصطفى عبد الودود، الرئيس التنفيذي لشركة «أبراج كابيتال»، بيت الملكيات الخاصة في الأسواق الناشئة بدبي: «بالنسبة لصناديق الملكية الخاصة بشكل عام، أصبحت فترات الاحتفاظ أطول فأطول- الأمر يعود إلى الأساسيات».
ويضيف «البيئة، في ما يتعلق بالربيع العربي ووضوح الرؤية على المدى القصير، لا تصلح للتخارج وليس هناك ضغط للخروج في الوقت غير المناسب».
ويقول عبد الودود «عندما تكون الأسواق ليّنة، فإن هذا هو الوقت المناسب للبحث عن فرص شراء بدلا من السعي إلى بيع أصول».
ووسط الاضطرابات الأخيرة من مصر إلى البحرين، لفتت قطاعات محددة ودول انتباه مجموعات صناديق الملكية الخاصة الإقليمية.
ويقول كريم سويد، الشريك الإداري في مجموعة «غروث غيت» في البحرين إن «الربيع العربي قد أعاد التركيز على أسواق الملاذ الآمن».
وتسعى المجموعة إلى الاستثمار في فرص بالمغرب والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وتركيا. وينظر إلى المجموعة على أنها مستقرة نسبيا مقارنة مع بعض نظيراتها المجاورة.
وبينما تقود الجغرافيا القرارات في «غروث غيت»، تبقى السلع الاستهلاكية وعمليات البيع بالتجزئة على رادار «أبراج كابيتال»، في وقت ينخفض فيه الإنفاق الحكومي الخليجي على الطلب على السلع الاستهلاكية.
على النقيض من ذلك، تركز شركات مثل «القلعة» المصرية أكثر على مطالب البنية التحتية والطاقة في المناطق المجاورة لها.
ووفق الصحيفة، فإن النمو الاقتصادي قد يتذبذب في بعض مناطق الشرق الأوسط، ولكن معدلات النمو لا تزال جذابة من منظور عالمي، بحسب مستثمرين. ومن المتوقع أن يسجل النمو في مجلس التعاون الخليجي، المكون من ستة أعضاء، تباطؤا إلى 3.7 في المئة في العام 2013 من 5.6 في المئة العام الحالي، وفقا لصندوق النقد الدولي.
فيما من المنتظر أن يسجل النمو في منطقة مستوردي النفط، بما في ذلك أفغانستان وباكستان، ارتفاعا إلى 3.3 في المئة في العام المقبل من 2.1 في المئة في العام 2012، وفقا لصندوق النقد.
ويؤكد مستثمرون أنه لا يزال بوسع نموذج الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط الاستفادة من هذا النمو، والذي يختلف عن صناعة صناديق الملكيات الخاصة الغربية، التي هيمنت عن طريق الاستحواذ على الدين لاستغلال الفرص على المدى القصير.
وتشير الصحيفة إلى عدد كبير من صفقات الملكيات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط خلال العام الماضي.
فقد أنهت «القلعة» صفقة مشروع مصفاة البترول الخاصة بها بـ3.7 مليار دولار في شهر يونيو، إلى جانب شركة قطر للبترول الدولية والبنوك الأوروبية وبنوك التنمية الآسيوية. وتعتزم قطر استثمار مع «القلعة» مرة أخرى، إذ اتفقا الشهر الماضي على العمل في مشروع للغاز الطبيعي المسال من شأنه أن يساعد مصر على تلبية احتياجاتها من الطاقة.
كما نشطت مجموعة «إنفست كورب» في البحرين، التي تدير 11 مليار دولار، العام الحالي، إذ أعلنت عن أول تخارج لها من صندوقها للفرص الخليجية في فبراير الماضي، وهو عملية بيع شركة «ريدينغتون الدولية القابضة»، وهي موزع لمنتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا، محققة صافي معدل عائد داخلي 17 في المئة.
وفي سبتمبر، أعلنت «إنفست كورب» أنها استحوذت على 35 في المئة من أسهم شركة «أوتو ماك» الكويتية المستقلة لتأجير السيارات، من خلال ضخ سيولة في رأسمال الشركة.
ولكن في حين أن بعض الأعمال استمرت كالمعتاد، كافحت شركات استثمار خليجية أخرى، بعد تسجيل مستويات ضخمة من الديون من أجل صفقاتها.
وفي هذا السياق، سعى بنك «آركابيتا» في البحرين إلى الحصول على الحماية من الإفلاس في الولايات المتحدة، في حين اضطرت بيت الاستثمار العالمي (جلوبال) في الكويت وشركة دار الاستثمار إلى إعادة هيكلة ديونها.
ويقول الشريك الإداري في مجموعة «غروث غيت» في البحرين كريم سويد: «أرى قليلا من الانتقاء الطبيعي، حيث ستحظى تلك الشركات، التي استطاعت البقاء، بفرصة أفضل للتعافي».
ويضيف سويد: «جاء العديد من الشركات بخبرة أقل وطموح أكبر من آفاق النجاح والآن تنحت جميعها جانبا». وبالنسبة للشركات التي استطاعت النجاة، يبدو أن مجموعات صناديق الملكيات الخاصة في الشرق الأوسط ستحجم عن بيع بعض أصولها الضخمة حتى ترى مجالا أفضل لتحقيق العوائد.