عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / العدوان الثلاثي على مرسي

1 يناير 1970 05:14 ص
| عبدالعزيز صباح الفضلي |

تعرضت مصر عام 1956 إلى عدوان ثلاثي شنّته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بسبب تأميم مصر لقناة السويس ودعمها لثوار الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي، والتعاون العسكري بينها وبين الاتحاد السوفييتي، إلا أن نتائج هذا العدوان باءت بالفشل وخرجت مصر أقوى مما كانت.

هذه الأيام يتكرر السيناريو بعدوان لكنه ثلاثيني لا ثلاثي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، من داخل وخارج مصر بسبب مواقفه وقراراته التي اتخذها على جميع المستويات المحلية أو العربية أو العالمية.

ففي الداخل هناك هجوم يشنه الثلاثي الذي فشل في انتخابات الرئاسة البرادعي وموسى وصباحي، يتبادلون فيه الأدوار ولك أن تتساءل ما الذي جمع هؤلاء وهم الذين كانوا من قبل يطعن بعضهم في بعض، وسبحان من جمع الناصري صباحي بالفلول موسى.

هؤلاء الذين يدّعون الحرص على مصر ويزعمون محاربتهم للاستبداد هم اليوم من يقوم بإشعال الفتنة فيها وزيادة الاحتقان بين أبنائها بحجة رفضهم للإعلان الدستوري، وعلى الرغم من أن الرئيس مرسي ألغى الإعلان الدستوري السابق وأتى بآخر ليس فيه تحصين لقراراته، إلا أن هؤلاء ما يزالون في غيّهم يعمهون، فأي نهضة لمصر يزعمون وهم أول من يضع العصا في الدولاب.

وممن يُحارب الرئيس مرسي في الداخل بعض بؤر الفساد ممن توعّدهم بفتح ملفاتهم، سواء كانوا في الجسم القضائي أو العسكري أو الإعلامي، ولخوفهم من افتضاح أمرهم وفقد مراكزهم، فإنهم سيبذلون كل وسيلة مشروعة أو حتى غير مشروعة من أجل الإبقاء على أوضاعهم.

وأما الهجوم الخارجي فهناك دول عربية تدعم الثورة ضد حكم مرسي، ماديا وإعلاميا ولعل من أسباب هذا الدعم هو الوهم والخوف من نفوذ الإخوان، وامتداده إلى ديارهم، والرعب من أن نجاح الثورة المصرية قد يكون ملهما لشعوبهم. ومن المشاركين في الهجوم على الرئيس مرسي، إسرائيل وهي من أكبر الدول المتضررة من الحكم الجديد في مصر والذي اتضحت معالمه في الدعم الواضح لأهل غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير عليها، ويكفي عبارات مرسي والتي اتسمت بالحزم والحسم ومنها قوله للصهاينة «أوقفوا إراقة الدماء وإلا فإن غضبتنا لن تستطيعوا أن تقفوا أمامها لأنها غضبة شعب وقيادة» ومما زاد في غيظهم قوله «إن نفوسنا تتوق إلى بيت المقدس، فكيف لا يتآمرون عليه؟».

هناك دول غربية لا يرضيها سيطرة الإسلاميين على الحكم وإن جاؤوا عبر صناديق الاقتراع ليقينهم بأن هذه الحكومات قد تقف في وجه مصالحهم الاقتصادية والتوسعية، وخصوصا إذا اتصفت بالنزاهة ونظافة اليد، ولعل ما أقلقهم هو دعوة الرئيس مرسي لشعبه بالسعي بقوة نحو أهم ثلاثة مجالات في الإنتاج وهي الغذاء والدواء والسلاح. هناك دولة لها أطماع في التوسع الطائفي وهي إيران، ولذلك نجدها تدعم وتساند صباحي، لعله يجعل لها قدما في أرض مصر، خاصة بعد القرارات التي اتخذتها حكومة مرسي في الحد من انتشار المد الشيعي في مصر، ناهيك عن موقف مصر ضد حكومة بشار في سورية والتي تعتبر أقوى حليف لإيران في المنطقة.

من المهم أن نشير هنا إلى أن البعض يريد إفشال حكم مرسي ليس لذاته ولا لجماعته، وإنما لإحباط أي مشروع إسلامي للحكم، وإفشال أي حكم يحافظ على ثوابت الأمة وقيمها، وهذا ما تنبهت له معظم الجماعات الإسلامية في مصر فوقفت مؤيدة ومناصرة لحكم الرئيس مرسي، ودل على ذلك موقفها الشجاع من الاستجابة لدعوة الرئيس والاخوان للتصدي لمن حاولوا اقتحام القصر الرئاسي بعد أن سمح الحرس الجمهوري للمتظاهرين بالاقتراب منه والإحاطة بأسواره، بعد ظهور بوادر لعملية انقلاب وشيكة يقودها ثلاثي الإنقاذ المزعوم وبدعم خارجي.

أقول بأنه كما فشل مخطط العدوان الثلاثي على مصر عام 56 سيفشل بإذن الله مخطط العدوان على حكم مرسي، لأن هناك غالبية إسلامية ومحافظة ووطنية تؤيد الرئيس وتناصره، وأعتقد بأن على خصوم حكم الرئيس مرسي في الداخل والخارج أن يقبلوا به مادام قد جاء عبر صناديق الاقتراع لأن محاولة إسقاطه سيكون بديلها حكم إسلامي ولكن بطريقة أخرى وهذا ما ألمحت له بعض الجماعات الإسلامية، وهو ما يحذره الكثيرون.

***

شنار البخيت المطيري

غّيب الموت يوم الأحد الماضي أحد رواد مسجد طيبة الرويح بمنطقة عبدالله المبارك وهو العم شنار المطيري أبو محمد رحمه الله، وأرى من واجبي كإمام للمسجد أن أذكر بعض مآثره تغمده الله بواسع رحمته فلقد كان برغم كبر سنه حمامة للمسجد لا يكاد يتخلف عن صلاة في الجماعة، ومما لا يعرفه البعض عنه أنه كان كثير التبرع للمشاريع الخيرية ويرفض أن يكتب اسمه عليها، ومما اشتهر به رحمه الله ابتسامته التي لا تكاد تفارقه، وسماحة نفسه وحسن مؤانسته لجلسائه، ويكفي أهله وأبناؤه ثناء الناس عليه ومدحهم لخصاله، وقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الناس هم شهود الله في أرضه.

فأسأل الله تعالى أن يغفر للعم أبي محمد وأن يسكنه فسيح جناته وأن يُلهم أهله الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.



Twitter :@ abdulaziz 2002