وليد الرجيب / أصبوحة / هل هي انتفاضة؟

1 يناير 1970 09:12 م
قالت النائبة السابقة الفاضلة د. أسيل العوضي: «ما يحدث في الكويت انتفاضة اجتماعية أكثر من كونها سياسية» (القبس عدد الخميس 6 ديسمبر)، وهذا صحيح فالصراع الاجتماعي كما نفهمه هو صراع يتعلق بالمطالب الاجتماعية والمعيشية مثل البطالة وغياب العدالة الاجتماعية والمساواة، ولا يقصد أنه صراع بين مكونات اجتماعية كما استوحيت من تصريح د.العوضي، فالمشكلة ليست في الفرز الطولي كما يراد له أن يُفهم، بل في صراع المصالح الاقتصادية أو الفرز الطبقي.

فالأمر لا يقتصر على الصراع السياسي المتمثل بالديموقراطية والحرية ولكنه صراع على النفوذ والاستفراد والاستحواذ على مقدرات الشعوب بكل الطرق، فصحيح أن للإخوان في مصر مثلاً أجندات سياسية تتمثل في السيطرة على مفاصل الحكم في مصر وفرض دستور إسلامي يقصي بقية الشعب وقواه الوطنية والديموقراطية والتقدمية، ولكن لذلك أبعاد أخرى أعمق تتعلق بالصراع الاجتماعي الطبقي، حتى وإن تطلب الأمر التحالف مع أميركا وإسرائيل أو التعامل مع صندوق النقد والبنك الدوليين سيئي الصيت من أجل قيادة مصر على طريق خدمة الرأسمالية العالمية ونهجها النيوليبرالي.

فأميركا ودول الغرب لا يهمها من يحكم في البلدان العربية ما دام يحقق مصالحها الاقتصادية، وهي تتدخل حتى عسكريا لتغيير رموز الأنظمة لضمان استمرار تدفق ثروات هذه البلدان والشعوب، فهي تدخلت مباشرة وعن طريق حلف الناتو في ليبيا وتخلَت عن بن علي ومبارك وعلي صالح، ولكنها تلكأت في الإطاحة بالأسد وانتظرت نتائج الصراع على الأرض كي تحدد موقفها، بل لا بأس من دعم رموز الأنظمة الاستبدادية إن كان لايزال بهما رمق، لكن حالما تتداعى هذه الرموز حتى تتدخل لتضع البديل الذي يحقق مصالحها باسم الديموقراطية.

لا يجب اختزال الصراع والأزمة في الكويت بمرسوم الصوت الواحد ولكن الصراع السياسي ضد نهج الانفراد بين من يريد الاستيلاء على أموال النفط دون رقيب أو حسيب وبين من يريد حقوقه في أن يكون «مصدر السلطات جميعا» كما نصت عليه مواد الدستور، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ولذا بدأنا نرى وحتى قبل انتخاب أعضاء هذا المجلس التوجه المحموم لتنفيع القطاع الخاص والرأسمالية الكبيرة بكل شرائحها العقارية والتجارية والمالية من خلال ترسية مناقصات مليونية بل مليارية أحيانا سواء من خلال تخصيص الخطوط الكويتية بعد تحويلها إلى «مؤسسة رابحة» بعد سنة - والمفترض أن لا مصلحة في بيع مؤسسات رابحة - أو إيكال بناء المدن السكنية لهذا القطاع الطفيلي أو تخصيص محفظة مليارية لدعم العقار أو عقد معاهدات أمنية مقابل مليارات مثل المعاهدة الأمنية التي وقعت أخيراً مع بريطانيا مقابل 2.4 مليار دولار، ومثل التوجيهات الحكومية لاستئجار الأبراج والبنايات الحديثة من قبل الدوائر الحكومية، بينما بإمكان الحكومة بميزانياتها المليارية السنوية بناء مقار حكومية جديدة تليق بالكويت، وكذلك بناء مستشفيات ومدارس جديدة بدل تلك المتهالكة والمخجلة، ويمكن للحكومة كذلك تطوير الخدمات والتعليم والكهرباء وإعادة تدريب العنصر الوطني وإيجاد فرص عمل للعاطلين من الشباب، وإجبار القطاع الخاص لتولي مسؤولياته الاجتماعية في توظيف الشباب والكفاءات الوطنية.

كلمة أخيرة، هل ما يحدث هو انتفاضة أو هبة أو مجرد حركة احتجاجية محدودة ومعزولة أو فئوية لن تترك أثراً؟



وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com