على خلفية التوتر السياسي والعسكري الناشب بين بغداد وكردستان

تسريبات تتحدث عن انضمام طالباني إلى خندق معارضي المالكي

1 يناير 1970 03:03 م
| بغداد - من حيدر الحاج |
بعدما أُعيب عليه وقوفه أو «انحيازه» كما يسميه البعض إلى جانب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما أراد معارضو الأخير الإطاحة به من على سدة الحكم، تفيد أنباء مسربة بأن رئيس الجمهورية جلال طالباني بات قريبا جدا من تبني مشروع سحب الثقة الذي ما فتئ أنصاره التلويح به في ظل تحشيد متجدد لخصوم رئيس الحكومة على مواصلة مشوارهم الذي لم يكتب له النجاح قبل أشهر عدة.
إذ تكشف تسريبات أوردها لـ «الراي» نائب كردي مطلع على الاجتماعات المكثفة التي عقدتها زعامات وفصائل البيت الكردي في الآونة الأخيرة، بهدف مناقشة واتخاذ مواقف موحدة من التوتر السياسي والعسكري الناشب اخيرا بين الحكومة المركزية في بغداد والإدارة الإقليمية في منطقة كردستان شمال البلاد، وكذلك من مجمل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ الانسحاب الأميركي في ديسمبر الماضي.
وفي معرض ما كشفه النائب، الذي فضل عدم كشف اسمه، لحساسية الموضوع، فإن رئيس الجمهورية باعتباره أحد قطبي الإقليم الكردي «بات مقتنعا بضرورة الإطاحة بالمالكي واستبداله بشخصية أخرى من كتلة التحالف الوطني، إذا ما ظل الأخير متمسكا بمواقفه المتصلبة (...)».
طالباني الذي لطالما عارض توجهات دُعاة عزل المالكي عن منصبه، يؤكد مقربون منه إن «تصدع» حصل في العلاقة ما بينه وبين رئيس السلطة التنفيذية بعد رفض الأخير دعوات وجهها إليه رئيس الجمهورية طالبهُ فيها بالتراجع عن تشكيل قيادة «عمليات دجلة» العسكرية في مناطق متنازع على سيادتها بين بغداد وكردستان أو على أقل تقدير سحبها من تلك المناطق لكن حاكم بغداد لم يستجب لدعوات رئيس الجمهورية، وهو أحد أسباب التوتر بين الطرفين.
وفي مطلع صيف العام الحالي وقف طالباني حائلا دون سحب الثقة عن المالكي، وهو مشروع كان يتبناه القطب الآخر في البيت الكردي زعيم إقليم كردستان مسعود بارزاني وآخرين غيره من زعامات الكتل السياسية المعارضة لسياسات وتوجهات رئيس الحكومة المركزية مثل زعيم قائمة «العراقية» إياد علاوي، ورجل الدين الشاب مقتدى الصدر الزعيم الروحي للتيار الصدري.
وما يعزز تلك التسريبات، هي التصريحات التي أدلى بها طالباني في لقاء متلفز، قال فيه: «ليس من صلاحيات رئيس الوزراء بصفته قائداً عاما للقوات المسلحة، أن يزج بالجيش في أمور هي من صميم اختصاص الشرطة»، وفي كلام طالباني إشارة ضمنية إلى قيادة «عمليات دجلة» التي منحها المالكي مسؤولية الأمن في مناطق التماس الفاصلة بين كردستان وبقية أجزاء البلاد.
وأضاف، ان «قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان، أصدر قراراً يطلب فيه وضع قوات الشرطة وكل القوات المحلية في مناطق النزاع مع الجيش تحت قيادة عمليات دجلة، وهذا بحد ذاته إعلان للطوارئ»، وهو ما رأى فيه طالباني «تجاوز على صلاحياته لأن حالة الطوارئ تعلن بموافقة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء معا».
وفي ابرز دليل على وجود شرخ في العلاقة بين طالباني والمالكي، أشار رئيس الجمهورية إلى أن «رئيس الوزراء لا يريد أن يعلن الحرب بل لا يقدر على إعلانها، ولكن هذه الخطوة الارتجالية - تأسيس عمليات دجلة - وغير المدروسة يمكن أن تؤدي إلى رد فعل من الجانب الكردي، وقد يؤدي أي حادث بسيط إلى صدام نحن في غنى عنه».
وعما إذا كان لا يزال يعارض سحب الثقة عن رئيس الوزراء، أجاب ان «ترشيح رئيس الوزراء ليس من صلاحية رئيس الجمهورية، بل الكتلة البرلمانية الأكثر عددا، وبالتالي فإن طلبي من البرلمان نزع الثقة عن رئيس الوزراء تجاوز على صلاحية كتلة التحالف الوطني التي كانت قد رشحت المالكي لرئاسة الوزراء وأرى أن يطلب التحالف الوطني من رئيس الوزراء إن يغير من سلوكه الحالي أو يستبدله بآخر».
هذه اللهجة الحادة في كلام طالباني تجاه المالكي، اعتبرت «هجمة» غير مسبوقة بين حليفي الأمس واليوم، لاسيما وأن رئيس الجمهورية رفض في شكل قاطع مجرد التفكير في الدخول ضمن معسكر «سحب الثقة» عن رئيس الوزراء بعدما عرض عليه مثل هكذا مقترح. حتى انه رد على سؤال بخصوص من هو بديل المالكي المحتمل في حال عزل الأخير عن منصبه، فقال بلهجة قاطعة إن «بديل المالكي هو المالكي نفسه»، وهو ما عزاه البعض إلى وجود «مصالح حزبية» وراء موقف طالباني السابق وتصريحاته الداعمة ضمنا للمالكي.