عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / ازدواجية المعايير ... وشيوخ الدين السلاطين
1 يناير 1970
05:34 ص
| عبدالعزيز صباح الفضلي |
من أعظم أسباب تفكك المجتمعات، وزوال الدويلات هو انعدام العدالة في التعامل مع أفرادها وازدواجية تطبيق المعايير والقوانين على أبنائها، لذلك ازداد غضب النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابي أسامة بن زيد حين جاءه شافعا للمرأة المخزومية التي سرقت فقام عليه الصلاة والسلام خطيبا في الناس فقال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
يؤسفنا أن نرى الازدواجية تمارس أمام أعيننا، فمسيرات يسمح لها وتتم حمايتها، بينما مسيرات أخرى تمنع ويتم ضرب المشاركون فيها بحجة مخالفتها للقانون وتعطيلها للمصالح مع أنها سارت في الطريق نفسه الذي تم إغلاقه، أناس تنظم لهم مسيرات وتجمعات تُطلق لهم فيها ألعاب نارية بأربعة ملايين، ومسيرات يُروّع المشاركين فيها وتطلق عليهم القنابل الغازية والصوتية والمسيلة للدموع.
نرى ازدواجية في التعامل مع من يسيئون للدول الأخرى ورموزها، فإن كان معارضا طبق عليه القانون وتم استدعاؤه والتحقيق معه، ومن كان مواليا للحكومة برغم سوء عباراته وقبحها ضد بعض الدول الشقيقة إلا أن الدولة تطبق معه سياسة : لا أسمع ولا أرى. تُحاكم الدولة بعض من يسيء إلى طائفة معينة أو فئة، بينما من يشتمون الناس في بعض القنوات لا يتم اتخاذ أي إجراءات نحوهم.
يتم اصدار مرسوم لنبذ الكراهية بينما بعض المرشحين يطعن في القبائل، ويحرض على جماعات وتيارات معينة ويطلق عليها أقبح الألفاظ ولا تتم محاسبته.
تُحاسب وتُحاكم من اقتحموا مجلس الأمة بينما هناك من اقتحم مواقع أخرى معروفة تم السكوت عنه.
هذه وغيرها من الأمثلة في ازدواجية تطبيق القوانين هي التي تزيد من حالة التذمر عند الناس، وتدفع إلى مزيد من الاحتقان، وتؤثر في التباعد بين السلطة والشعب.
لذلك إن أردنا الاستقرار والأمان فليس هناك أفضل من التعامل مع الناس كأسنان المشط، فالكل سواسية تحت مظلة القانون، لا فرق بين بدوي ولا حضري، أو سني أو شيعي، أو موالٍ للحكومة أو معارض لها.
شيوخ السلاطين
أخطر ما في الازدواجية عندما تمارس من قبل شيوخ الدين وبعض المنتسبين للعلم، وأكبر مثال على ذلك أن بعضهم ملأ وسائل الإعلام بفتاوى تحريم المسيرات عندما نظّمها الحراك الشعبي بحجة تعطيل المصالح واختلاط الرجال بالنساء والخوف من وجود مندسّين بين الجموع، إلا أنهم صمتوا صمت أهل القبور في احتفالية الدستور وما صاحبها من مسيرات واختلاط!!
وبعض المشايخ هداه الله لا يفتر من مهاجمة من ينكر على السلطة علانية، لكنه بنفسه لا يتورع عن مهاجمة الدعاة والنواب وبعض الجماعات الاسلامية علانية ويذكرهم بأسمائهم، ويقع في ما ينهى الناس عنه!!!
وبعضهم ينشر ويردد ما يطلقه غيره تجاه بعض الحركات الإسلامية من شُبه وافتراءات، بينما هو نفسه الذي ينصح الناس ويذكرهم بحديث الرسول : ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع )!!!
البعض منهم يسمع ويطيع لولي الأمر في ما يوافق هواه، فإن تعارض مع مصلحته الشخصية، فلا سمع ولا طاعة، فأين هذا من قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ).
قهر الرجال
الصرخة التي أطلقها النائب السابق عبدالرحمن العنجري في تجمع الإرادة الأحد الماضي بقوله وبأعلى صوته ( نحن مقهورون ) هي بالفعل لم تكن صرخة عبر بها عما يجول في نفسه وخاطره وإنما أنا أعتبرها معبرة عن مئات الآلاف من أبناء هذا البلد المقهورين والذين عندما وصل مجلس أمة يحقق طموحاتهم تم إبطاله بدعوى الخطأ الإجرائي، ثم يراد أن يحل مكانه مجلس سيكون شبيها للمجلس الوطني سيئ الذكر، والأخطر من ذلك أن يتم من خلال المجلس الجديد تشريع قوانين تقيد الحريات وتقف ضد الصالح العام. لذلك نعلنها من هنا إننا للانتخابات القادمة (مقاطعون).
Twitter : @abdulaziz2002