مشاهد / ساعة ونص

1 يناير 1970 12:27 م
يكتسب الفيلم عنوانه، «ساعة ونص»، من الزمن الذي يستغرقه عرضه، ويبدأ من المؤشر عندما تكتمل الساعة وكتب له القصة والسيناريو والحوار: أحمد عبد الله وأخرجه وائل إحسان، والمخرج سامح عبدالعزيز كان من المفروض أن يخرج الفيلم. لكنه اعتذر في اللحظات الأخيرة عدم إخراجه فأسند إلى وائل إحسان وسبق أن اشترك وائل إحسان مع أحمد عبد الله والمنتج أحمد السبكي في فيلمي: «كباريه. والفرح».
والأفلام الثلاثة تعتمد على البطولة الجماعية، ويقدم الفيلم عددا هائلا من الأبطال أو الذين «ليسو أبطالا». إن شئنا الدقة في التعبير. الفيلم لا يعتمد على بطل يكون في العادة نجما كبيرا أو بطلة تساويه في النجومية. فهل تم اللجوء للبطولة الجماعية تهربا من النجم الأوحد الذي يحصل على نصف ميزانية الفيلم كأجر له ويلغي وجوده كل من يعملون معه؟ ساعة ونص مدير تصويره: سامح سليم. والموسيقى التصويرية الحزينة لياسر عبد الرحمن ومونتاج شريف عابدين.
ويبدأ الفيلم بمشهد حبوب الفول التي توضع ثم تهرس وتتحول إلى عجينة تستخدم في صناعة الطعمية. ومن هذا المشهد يبدأ التعرف على أبطال الفيلم ويتابعهم المشاهد وفي عقله إحساس بأن مصائرهم قد تتشابه مع مصير حبوب الفول التي هُرِسَتْ لتتحول لطعمية.
بعد مشهد الطعمية نتابع مشاهد سريعة متتابعة كل مشهد أو عدة مشاهد يقدم قصة جانبية تسلمنا للقصة التالية لها مباشرة، والأرملة: سوسن بدر وابنتها أيتن عامر والمؤلف الأرزقي عفيفي إسماعيل وزميله محمد الصاوي ورسائل الحب وموزع الكتاب الفنان إياد نصار.
تنتقل المشاهد إلى العامل البسيط فتحي عبد الوهاب وزوجته الطبيبة المحجبة يسرا اللوزي. ولأن الماضي يطارد الحاضر ويصادر على المستقبل نعرف أن فتحي عبد الوهاب باع قراريط أرضه ليشتري لها عيادة. لكن إحساسه بالدونية تجاهها يظل يلاحقه. بعد أن عينته عاملا في العيادة. ها هو محمد إمام يأخذك إلى فاروق فلوكس كنواه لعصابة من المراهقين تسرق فلنكات وقضبان القطار.
ويستعرض الفيلم سكان الرصيف: أربع أمهات ولكل أم حكاية والأم هالة فاخر التي تخلى شقيقها عنها وابنها المعاق. والأم المحجبة رجاء الجداوي والتي تنتظر ابنها العائد أحمد فاروق الفيشاوي. ومعها المحامي طارق عبد الجليل. والأم أحلام الجريتلي ومعها زوجها العليل محمود الجندي، وينتظران عودة ابنهما من ليبيا والعودة يمكن أن توفر لهما حياة كريمة مع أنه يموت في القطار والأم كريمة مختار التي تركها ابنها وكتب لها ورقة هي التي لا تعرف القراءة والكتابة يطلب ممن يقرأ الورقة أن يذهب بها إلى دار للمسنين. ولولا افتعال إياد نصار بالبكاء بدلا منها لوصل المشهد إلى ذروته.
لدينا من المخلوقات البائسة وبالرغم من بؤسها لم تتخل عن الأمل الشاعر محمود البزاوي. وصديقه الملحن محمد عبد المنعم. ينتظران أن يركبا القطار للحاق بحفل. لكن يتم إلغاء الحفل فيعودان. وسائق القطار الذي تطارده سلوكيات ابنته ناهد السباعي التي تحاول أن تعيش مراهقتها.
ثم ندخل القطار مع ركابه من المحزونين والمساكين في رحلة الأشواق والأسى، ها هو بائع الشاي في القطار وعلاقته بابنه الطفل الصغير الذي يحاول أن يعوضه عن غياب أمه. وبالرغم من أن الطفل لم يتعد الثالثة من عمره، إلا أننا نشاهده لأول مرة وهو يحاول تدخين سيجارة. العلاقة الضبابية بين الصديقين محمد رمضان وكريم عبد العزيز لم يعرفا بعضهما إلا بالقطار.. يتشاركان في كل شيء.. النوم في الطرقة. وكوب الشاي الوحيد.
خارج القطار نرى عصابة سرقة قضبان السكة الحديد. الشاب المضطرب عمرو مصطفى متولي والذي ربما احتاج مساحة أكبر لدوره. فهو الجديد وسط المجموعة التي كانت نمطية في الأداء.. يقودها محمد عادل إمام وأحمد فاروق فلوكس.
أحمد بدير. لا ندري هل هو مراقب فلنكات؟ وهي وظيفة لا وجود لها في الواقع. لأنه يكون عادة مراقب سيمافور. أو تقاطع طريق مع السكة الحديد. وزوجته التي تصغره كثيرا. وتزوج منها لكي تنجب له الولد. لكنها خانته مع الشاب محمد إمام الذي يقتل أحمد بدير لأنه ضبطهما معا في الفراش. سمية الخشاب بدت منتفخة وليست بدينة فقط، وهذا الانتفاخ أثر على أدائها في المشاهد الستة التي ظهرت فيها، وهذا الفيلم لا يضيف لها أي قيمة فنية، بل ربما ينتقص منها الكثير.
وقع كاتب السيناريو في أخطاء فنية ما كان يجب أن يقع فيها، وهو صاحب رصيد من الأفلام السابقة، فخط القضبان الذي نراه في الفيلم خط واحد، مع أن زحام الركاب يؤكد أنه خط طوالي ولا بد أن يكون مزدوجا وربما أكثر من مزدوج فضلا عن أن القطار ليس من النوع الذي يجري على الطرق الطوالي. إنه من قطارات الضواحي في المدن. ثم هل يوجد قطار دون أن نشاهد الكمساري طوال الفيلم؟ وهذا الكمساري جزء من أجواء القطارات.
من عيوب الفيلم أن الأبطال أوغاد، ومع هذا لا بد وأن تحبهم، فهم أوغاد لأنهم ضحايا وأماكن الأحداث من المفترض أنها تثير الغثيان في النفس، ومع هذا لا تملك إلا أن تحبها. وأكبر مثال على هذا غرفة أحمد بدير.
عيب الفيلم الجوهري أن استعراض الأبطال وحكاية قصصهم تستغرق كل وقت الفيلم. في حين أن الحدث الجوهري الذي هو وصول القطار للمنطقة التي سرقت القضبان منها ثم وقوع الكارثة لا تستغرق سوى دقائق معدودة في آخر الفيلم. مع أنها الجوهر الأساسي للفيلم كله. فهل الالتزام بالتسعين دقيقة كوقت للفيلم كانت السبب في هذا الخلل؟
«ساعة ونص» فيلم التوريث في تاريخ السينما المصرية، أبطال الفيلم هم: أبناء عادل إمام وفاروق الفيشاوي ومحمود عبد العزيز وفاروق فلوكس ومصطفى متولي، وهو بالمناسبة كان زوج شقيقة عادل إمام، أم أن الأمر صدفة؟