محمد صالح السبتي / واضح / عاملة الفندق الغنية!
1 يناير 1970
12:08 م
| محمد صالح السبتي |
في فندق احدى العواصم العربية، وبعد ان قامت عاملة الفندق بتنظيف الغرفة الخاصة بي وترتيبها، وقد بدت علي آثار التعب والمرض من طول اجتماعات العمل، مددت يدي بملغ من المال كـ «بخشيش» لها أردت به الرأفة بحالها، فما كان منها إلا ان امتنعت عن أخذه وبإصرار، وتراجعت خطوات اصرارا على عدم قبول المبلغ!! وأخذت تدعو لي بالصحة والعافية وتصف لي وصفات شعبية لعلاج المرض والتعب وتلهج بالدعاء لي بالسلامة!! وقتها.. كم احسست نفسي فقيرا أمام غنى هذه المرأة وكم انا صغير امام كبريائها، احسستها كالجبل وانا ذرة تراب بجوارها!!!
هذه المرأه غنية رغم فقرها وحاجتها ونحن فقراء رغم يسرنا!! تعاني المجتمعات اليوم فقر الروح والنفس رغم وفرة المال!! نعاني فقر الحكمة رغم كثرة اقوال الحكم وعباراته!! نعاني الملل رغم كثرة الملهيات!! نعاني جوع الثقافة رغم كثرة الكتب ووسائل التعلم!! نعاني قلة الدين رغم كثرة ممارستنا للواجبات الدينية!!
من اقولنا القديمة «الغنى غنى النفس» وعندما تكون النفس فقيرة... يسرق الغني!! ويكذب الكبير!! ويغش المصلي!! ويتعس من يملك كل شيء تقريبا!! ويهتم الناس بلباسهم وجمالهم وسياراتهم واثاث منزلهم وينسون أرواحهم وعقولهم وألسنتهم ومنطقهم!!! وهذا هو الفقر ورب الكعبة لأفقر المال!!
المشكلة لا تكمن في فقر الافراد الروحي فقط.. بل تكمن في ان اغلب احزابنا وتجمعاتنا السياسية فقيرة ايضا!! واغلب جماعاتنا الدينية كذلك!! والحال نفسه في اغلب تلك التجمعات الثقافية والادبية!! كلها تعاني الفقر الروحي المدقع احيانا!! هذه الفئات والتجمعات تظهر بمظهر القائد والقدوة!! والمفروض انها هي من تقود المجتمعات فإن عانت الفقر الروحي والفكري فماذا نرجو من افراد المجتمع!!!
الغنى النفسي والروحي اكثر ما تحتاجه المجتمعات اليوم، وهو اهم بكثير من تلك الشكليات حتى ولو كانت دينية ومهمة الا ان الغنى الروحي اهم بكثير... وللاسف مع اهميته الا اننا مقصرون فيه لدرجة الاهمال واظن هذا الاهمال هو سبب تعاستنا وتأخرنا.
@lawyermodalsbti