(الحلقة الثالثة والأخيرة) / «نخنوخ»... أسطورة البلطجية ومورد العاهرات!

1 يناير 1970 04:46 ص
«نخنوخ»... الاسم الأشهر تداولا في صفحات الجريمة بالجرائد المصرية منذ القبض عليه قبل أسبوع واتهامه بأنه «أخطر بلطجي في مصر».

صورت أحاديث الصحف المصرية صبري نخنوخ أحيانا على أنه المجرم الذي يقتني أسودا ونمورا في فيلته الخاصة لإرهاب خصومه أو استخدامها في أعمال بلطجة، لم توجه له تهمة من قبل، وأحيانا كمورد للعاهرات، وقد تم القبض على عدد من الفتيات داخل مسكنه أثناء القبض عليه، وهو أيضا - حسب الصحافة - تاجر سلاح ومورد بلطجة.

الأخطر من كل هذا هو اتهامه بأنه «الطرف الثالث» الذي يقف وراء كل ما حدث من أحداث واضطرابات في مصر عقب الثورة وحتى الآن... وبالتالي فهو المسؤول عن أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود وغيرها... بل والفتنة الطائفية في «صول» بمحافظة الجيزة.

في هذا الملف تفتح «الراي» تفاصيل من حياة نخنوخ «الطرف الثالث» في رأي البعض، الجدع الشهم ابن البلد برأي من تعاملوا معه من راقصات وعمال وبودي غاردات ملاهي الهرم، وحتى أصدقائه من الفنانين الذين قالوا إنه شخص لا غبار عليه.

وفضلا عن حوار خاص أجرته «الراي» مع نخنوخ خلال انتظاره للتحقيق في الاتهامات الموجهة إليه... يتطرق إلى آراء الخبراء الأمنيين في ظاهرة «نخنوخ»... وهل هي تعبير كاشف عن قضية الانفلات الأمني في مصر وما سبل مواجهتها؟





خبراء أمنيون لـ «الراي»: القبض على بلطجي شهير... أعاد فتح الملف الصعب



«نخنوخ»... كشف «القوانين الضعيفة»



القاهرة - من أغاريد مصطفى

اعتبر خبراء أمنيون في مصر أن القبض على البلطجي الشهير صبري نخنوخ فجّر الأزمة الحقيقية للانفلات للأمني في البلاد ووجه الأنظار الى ضرورة التركيز على هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء عليها.

وقالوا لـ «الراي»، انه قبل التحدث عن هذا البلطجي، تجب الاشارة الى خطأ وقع فيه الرئيس محمد مرسي وهو الافراج عن عدد من المجرمين بعفو رئاسي.

وتحدثوا عن هذه الظاهرة، وطالبوا بثورة قانونية تساعد على مواجهة البلطجة.

وأكد الخبير الأمني حسام لاشين، أن البلطجي وجد مناخا رحبا ليقوم بعمله، في ظل انتشار الفوضى التي تعيشها البلاد، أما المواطنون فشعورهم بعدم وجود قانون كان السبب لقيامهم بالتصرف مع البلطجي، والذي يصل الى حد القتل والتمثيل بجثته كما حدث في قرى عدة في هذه الأيام.

وقال ان القرار الرئاسي بالعفو عن بعض المجرمين كان قرارا خاطئا، خاصة وأنه تم الافراج عن متهمين محكوم عليهم بالاعدام أو المؤبد،ما يؤدي الى انتشار البلطجة، ويساعد على انتشار الفوضى.

مضيفا ان هناك قطاعا له مصلحة في عدم استقرار الدولة وانتشار الفوضى مؤكدا أن الحل في سيادة القانون، والذي سيؤدي الى عودة الثقة لدى المواطنين.

وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني اللواء فؤاد علام ان هناك حلولا جذرية لمواجهة ظاهرة البلطجة في مصر تؤدي الى وقاية المجتمع من مخاطر المجرمين ومعتادي الاجرام والبلطجة الذين ينتشرون في جميع محافظات مصر، مشيرا الى أن اعادة هيكلة جهاز الشرطة ليس علاجا كافيا للقضاء على ظاهرة البلطجة، والجرائم التي ترتكب جهارا نهارا في جميع المناطق، فالجريمة في مصر تطورت بعد الثورة ولم تصبح جرائم تقليدية تلقائية بل أصبحت تشكل بادرة خطيرة لتسلل الجريمة المنظمة والكاملة الى المجتمع المصري.

مضيفا، انه عقب الثورة حدث في مصر ما يسمى بـ«افلاس العدالة العقابية»، بمعنى أن العلة في التشريعات العقابية وهي الردع العام والخاص، وقد فشلت في علاج ظاهرة البلطجة والحد من جرائم الترويع والسطو المسلح وسرقات البنوك والسيارات والمواطنين، فاذا كان الهدف من تلك التشريعات والقانون الجنائي المصري أن تكون نافعة للمجتمع ومؤلمة للمجرمين، فانها أصبحت غير نافعة وغير مؤلمة، وهو ما يحتاج لاعادة نظر من الجهات المسؤولة.

وأشار الخبير الأمني الى أن المجرمين اخترقوا القانون سواء كانوا مجرمين بالوراثة أو مجرمين من معتادي الاجرام أو حتى مجرمين بالصدفة، ومن المعلوم أن علاقة رجال الشرطة بالمجرمين تنتهي فور ضبط المتهم وعلاقة النيابة تنتهي باحالته للمحاكمة، كما تنتهي به علاقة القاضي بمجرد النطق بالحكم، فالجميع لم يفحص الأسباب ولم يشغل أحدهم باله بالبحث عن العلاج.

وقال: «انه يجب أن تحدث ثورة علمية على القانون الجنائي المصري بشقيه «الجنائي» و«العقوبات» لأن المجرم أصبح لا يخاف من القانون ولا يخشى عقوبة السجن ولا يعمل أي حساب للمجتمع الذي يعيش فيه، وأصبح القانون كأن لم يكن».

وعن علاج تلك الظاهرة، قال انه كما حدث في كثير من الدول الأوروبية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية عقب كثير من الثورات كان العلاج السريع لظاهرة البلطجة هو معالجة أسبابها سواء الذاتية التي تخص المجرم نفسه، وهي الأسباب النفسية والعضوية، والأسباب العامة للجرائم بشكل موسع في الدولة وهي الظروف المحيطة بالبلطجي أو المجرم،

ووصف البلطجية بـ«المرضى النفسيين» الذين يجب علاجهم وايجاد حلول للجريمة ودوافعهم لارتكابها، كما يجب تفعيل القانون الجنائي الانساني أو الاجتماعي، وليس القانون التقليدي، فيجب أن تمتد سلطة القاضي الجنائي الى ما بعد صدور الحكم ومتابعة المجرم داخل السجون وخارجها وهو ما يجب أيضا على مؤسسات المجتمع المدني اعمالا بما يعرف بـ «قانون الدفاع الاجتماعي» فالعبرة في معالجة الأسباب وليست بقوانين غير مفعّلة.

وقال رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية اللواء الدكتور سامح سيف اليزل ان البلطجية هم السبب الرئيس في سقوط غالبية القتلى (ألف قتيل) في مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى شهر مارس من العام نفسه.

وقال ان هناك 430 قتيلا في مصر يوميا، سواء في حوادث مرور أو حالات بلطجة أو حوادث فتنة طائفية أو كوارث، مثل: وقوع المنازل، أو حالات غرق، أو غير ذلك.

وأضاف:«انه بالتأكيد فان هذا الرقم مخيف جدا، وكبير اذا قورن بمثيله في الفترة نفسها من العام الماضي»، مرجعا انتشار البلطجة الى حالة الانفلات الأمني التي تعيشها مصر منذ اختفاء جهاز الشرطة يوم 28 يناير، وتبعه هروب السجناء من السجون ومراكز وأقسام الشرطة.

وطالب سيف اليزل باصدار قانون لحماية الجبهة الداخلية، مقترحا تشكيل لجنة عليا لادارة الأزمات تتبع رئيس الوزراء، متسائلا عن سبب ترك عناصر الثورة المضادة طليقة، خصوصا وسط انتشار السرقات بالاكراه والأسلحة البيضاء والأسلحة النارية وجرائم الاعتداء على الكنائس الناجمة عن الاحتقان الطائفي، والاعتداء المتكرر على المحاكم وأقسام الشرطة خلال الفترة الماضية.

وحذر من تحول أعمال البلطجة الى فتنة طائفية، معتبرا أن الانفلات الأمني تحول الى ظاهرة تجب مواجهتها بحزم سعيا لتحقيق معادلة «الأمن والاستقرار والاقتصاد» في مصر، مشيرا الى عدد من العوامل التي ساعدت على «الانفلات الأمني»، وتضم نقصان الثقة بين الشعب والشرطة وانعدام سيطرة الدولة على العشوائيات، وشيوع الفوضى المرورية في الشوارع وعلى الأرصفة.

وعرض سيف اليزل مقترحات عدة لتطوير عمل الشرطة وسياستها، مثل: تقسيم الشوارع والأحياء، ونشر الدوريات بها، حيث يكون تمويل مشروع تطوير الشرطة من خلال رجال الأعمال باعتبارهم أكثر المتضررين.