مرحلة من العمر خالية من متاعب الطمث والإنجاب
سن اليأس ومعاناة المرأة النفسية والجسدية ... الوعي الصحي يجعلها سنوات النضوج والخبرة
1 يناير 1970
10:59 م
| بقلم د. أحمد سامح | تقل خصوبة المرأة مع تقدم العمر وتضطرب هرمونات الجنس والأنوثة لديها حتى تنقطع الدورة الشهرية نهائياً ويتوقف الحيض الذي يعرف بسن اليأس.
وجاءت هذه التسمية قياساً على ما جاء في القرآن الكريم في سورة الطلاق الآية الرابعة «واللائي يئسن من المحيض من نسائكم» وكثير من العامة وبعض الأطباء ينظرون الى ظاهرة انقطاع الحيض عند المرأة على انها ظاهرة طبيعية ومن ثم يجب عدم التدخل في مجريات طبيعة الجسم وتعالج الأعراض كل حسب الشعور به.
ويوجه الفقد لهذا الرأي لأنه يتوقف عند حدوث توقف الحيض ولا يتعداه الى ما بعده من عواقب قصور وظائف المبيضين على المديين القصير والبعيد ولا يلتفت أصحاب هذا الرأي إلى أن قصور المبيض الوظيفي ليس له تأثير مرضي واحد فقط بل انه مجموعة من التأثيرات المرضية تحدث اختلال الصحة النفسية والجسدية للمرأة بل تمتد لتصيب الصحة الاسرية والاجتماعية.
بالوعي الصح والثقافة الطبية يمكن أن نجعل لهذه الفترة من العمر التي نطلق عليها «سن اليأس» مميزاتها لتكون فترة راحة من متاعب الدورة الشهرية والانجاب في سن متأخرة وتتمتع المرأة بحياتها ونضوجها وخبرتها في الحياة.
وتتناول هذه الدراسة سن انقطاع الحيض والعوامل التي تؤثر في قدومه مبكراً أو متأخراً.
كما تتناول الأعراض الكثيرة بالنقاش وهذا ليس دعوة للرعب من انقطاع الطمث ولكن ذكرها للاهتمام والانتباه والتوعية الصحية.
وتتناول هذه الدراسة الاراء المختلفة حول العلاج الهرموني لأعراض انقطاع الحيض العديدة.
وأخيراً نقول انها مرحلة من العمر خالية من متاعب الطمث والانجاب وبالوعي الصحي نجعلها سنوات التمتع بالنضوج والخبرة في الحياة.
عادة يبدأ سن اليأس قبل الخامسة والأربعين في نحو ربع النساء ويتأخر إلى ما بعد الخمسين فيما يقرب من ربعهن، بينما يحدث ما بين الخامسة والأربعين والخمسين في نصفهن تقريبا.
تبكيره أو تأخيره
تسهم عوامل عدة في تبكير سن اليأس أو تأخيره أبرزها الوراثة والسلالة وسوء التغذية والجوع الجنسي وكثيرا ما تضطرب الدورة الشهرية في النساء مع اقتراب سن اليأس الذي يصاحبه ضمور في المبيضين وفي سائر الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة.
ويتناقص افراز هرمون الأنوثة «الاستروجين» وهرمون الحمل «البروجستيرون» تدريجيا حتى ينعدمان ويتوقف الحيض وانتاج البويضات.
الأعراض التي تصاحب سن اليأس
الأعراض كثيرة وتناولها بشيء من الاسهاب ليس دعوة إلى الاحساس بالخوف من انقطاع الحيض بقدر ما هو دعوة إلى الانتباه والوعي الصحي لأن كثيرا من هذه الأعراض يعزى بطريق الخطأ لحالات مرضية أخرى قد تضلل المرأة ويدفعها إلى طلب العلاج خارج تخصص أمراض النساء بينما هي في الحقيقة مرتبطة ارتباطا وثيقا بنقص الهرمونات، وقد لا يجدي معها أي أسلوب للعلاج سوى تعويض الجسم بالكميات المناسبة من هرمونات الأنوثة.
وهذه الأعراض تقسم إلى مجموعتين إحداهما مجموعة الأعراض المبكرة والثانية الأعراض المتأخرة والتي تحدث على المدى الطويل.
الأعراض المبكرة
> اضطراب الدورة الشهرية.
> نوبات متكررة من الشعور بهبو حار في الوجه وصهد مع تورده واحمراره وتصبب العرق دون بذل مجهود.
> يتأثر جلد المرأة بنقص هرمونات المبيض وتبدأ التجاعيد في الوجه والرقبة وترهل القوام.
> غثيان وقئ ودوار وإغماء أحياناً وصداع مستمر ينغص على المرأة حياتها.
> تنميل ووخز في بقاع مختلفة من الجلد وضعف بالإحساس من لمس الأشياء ويعزي ذلك إلى ما يصيب الجلد وما به من نهايات الأعصاب الطرفية من ضمور نتيجة لاعتماده في حيويته على هرمون الاستروجين «هرمون الأنوثة».
> ضمور الثديين وجفاف المهبل ورقة جلده وانكماشه والتعرض للالتهابات المتكررة.
> متاعب العلاقة الزوجية بسبب حدوث ألم في الجماع وفقدان الرغبة الجنسية نتيجة ما يحدث في الجهاز التناسلي.
الأعراض المتأخرة
هذه الأعراض وان كانت ظواهرها تبدأ مع توقف الحيض أو قبله إلا انها تتطلب سنوات طويلة حتى تظهر آثارها التي قد تمتد إلى عشر سنوات بل وعشرين سنة وهذا هو سر الانزعاج الحقيقي في المجتمعات الغربية.
واهتمت تخصصات اخرى غير تخصص أمراض النساء بالاعراض المتأخرة لسن اليأس لتشمل تخصصات النظام وأمراض القلب والشرايين والامراض الباطنية والمسالك البولية وطب العيون.
وتساهم وسائل الاعلام المختلفة في نشر الوعي والاهتمام بهذه الاعراض المتأخرة لسن اليأس وهي:
< هشاشة العظام وتآكلها وهذه من اهم مشاكل توقف عمل المبايض على المدى الطويل التي تجعلها معرضة للكسور وتقلص في طول القامة وتحدب بالظهر.
< تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم حيث يساعد هرمون الاستروجين على خفض نسبة الكوليسترول في الدم الذي يؤدي الى تصلب جدران الشرايين وضيقها وانسدادها وحدوث الجلطات والشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب اكثر الشرايين تعرضا للانسداد يليها شرايين المخ وتكون المرأة بعد سن انقطاع الحيض عرضة لأزمات القلب.
التغيرات العاطفية والنفسية
كثيرا ما يصاحب سن اليأس مجموعة متنوعة من الاعراض العاطفية فغالبا ما تلاحظ السيدات انهن قد فقدن النشاط والحيوية وأصبحن غير قادرات على التركيز واذا كن يعملن فإنهن يجدن أنفسهن لا يؤدين اعمالهن على الوجه الأكمل.
وغالبا ما تشعر النساء بالارتباك نتيجة للفورات الساخنة والعرق المتصبب وهن في مكان عام وقد يتضايقن من تلقاء أنفسهن ويعتقدن انهن غير قادرات على مسايرة العمل على الرغم من عدم صحة هذا الاعتقاد.
وقد تشعر المرأة التي تبلغ سن انقطاع الحيض بتوتر وحدة في الطباع وقد يكون لديها الرغبة في النيل من زوجها وأولادها لأتفه الاسباب مهما كان عمق المودة في الاسرة.
والشكاوى من الارهاق العصبي شكاوى عامة بين النساء خصوصا في سن انقطاع الحيض «سن اليأس».
فغالبا ما يحكين عن القلق المفاجئ ونوبات من الذعر ويمكن ان تجعلهن يتوقفن عن العمل.
وتعاني بعض السيدات من تقلب المزاج فقد يجدن أنفسهن يذرفن الدمع بغير سبب ظاهر وقد يشعرن بالاكتئاب ثم تبدو عليهن أعراض النعاس.
وتعاني بعض السيدات من فقد الاهتمام والنشاط والارق وحدة الطبع وصعوبة التركيز والنسيان.
علاج سن اليأس
تدور ثلاثة آراء حول علاج سن اليأس وطبقا لأحد الآراء انه حدث طبيعي ولا تحتاج اعراضه الى اي علاج لأنها تشفى بذاتها والامر يحتاج فقط للمرأة الصبور والزوج العطوف وأسرة متسامحة ويسلم الرأي الاقل سلبية ان سن اليأس قد يكون مشكلة وقد تحتاج الى شيء من المعالجة وغالبا ما يصف الاطباء الذين يرون هذا المهدئات والادوية المضادة للاكتئاب.
ونظرا لأن متاعب سن اليأس تجعل بعض السيدات مجهدات ويعانين من اللامبالاة والارق والتوتر العصبي فإن تعاطيهن لهذه الادوية القوية يزيد من العبء الذي يقع عليهن.
أما الرأي الثالث الاكثر قبولا عند الكثير من الاطباء فهو العلاج الهرموني بالاستروجين لتأثيره الكبير في علاج اعراض سن اليأس «انقطاع الحيض».
ويستخدم الاطباء اقل الجرعات لتخفيف الاعراض كلما امكن ذلك ويضعون في اعتبارهم ان العلاج الطويل المدى يجب ان يتضمن هرمون البروجستيرون ايضا الذي يمنع التنبيه الزائد للرحم وبالتالي يمنع حدوث اي مشاكل خطيرة في المستقبل.
وفي كل الاحوال وفي مختلف الآراء يطلب الاطباء من السيدات التوقف عن التدخين فهو مرتبط ارتباطا وثيقا بأمراض تصلب الشيرايين.
كما يطلب الاطباء الاحتفاظ بالوزن المثالي مع ممارسة الرياضة بانتظام.
سن اليأس وآلام المفاصل والعضلات وتقوّس العمود الفقري
بعد أن يبدأ المبيضان في التوقف عن أداء مهمتهما تصبح الأربطة حول المفاصل أكثر استرخاء وتقل قوة العضلات وتظهر أنواع من الأوجاع في صورة أوجاع الظهر وآلام الكتفين والمرفقين ومفاصل الأيدي وينخفض الكالسيوم في الدم ويفقد نتيجة لهبوط مستوى الاستروجين وترق العظام وتصبح هشة وتكون أكثر عرضة للكسر عند الوقوع وتحول جرعات قليلة من الاستروجين دون فقد الكالسيوم وتشفي كثيرا من أوجاع المفاصل والعضلات.
ويرجع سبب تقوس العمود الفقري «نوع من الحدب يطلق عليه تحدب العجوز المهيبة» إلى نقص الكالسيوم من عظام العمود الفقري بين الرقبة ولوح الكتف ويزداد التقوس نتيجة هشاشة العظام المفاجئ في العمود الفقري وهو لا يشخص في أغلب الأحيان لأن تتابع الآلام التي تعاني منها المتقدمات في السن غالبا ما يمر دون أن يفحصها الطبيب ويظهر الدليل على هشاشة العظام واضحاً في قصر القامة الذي يريد تقوس العمود الفقري.
ومن الضروري أن تحاول المرأة المحافظة على نشاطها بقدر الامكان وتمارس التمرينات الرياضية لتبقي على ليونة المفاصل وقوة العضلات وتحتفظ بالوزن المثالي.< p>