كمال علي الخرس / العيد في أرض العطور
1 يناير 1970
12:11 م
كيف حال العيد في الصومال؟! هذه الأرض التي كان يسميها المصريون القدماء أرض العطور، لما هو معروف عنها بوجود النباتات العطرية والطيبة؟
يمر عيد رمضان المبارك على المسلمين هذا العام، وهناك كارثة انسانية تحدث فيه، هناك من صام فيه اياما حتى الموت، ففي بضعة شهور مات عشرات الآلاف في القرن الأفريقي جوعاً واثنى عشر مليون إنسان جياع في الصومال وحولها، وكثير منهم مهددون بالموت.
«ان المجاعة في الصومال والقرن الأفريقي مشكلة الإنسانية جمعاء وامتحان للحضارة الغربية»، ذلك ما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، الذي زار الصومال برفقة بعض أفراد أسرته وبعض الوزراء ورجال الأعمال.
نعم أنه امتحان للبشرية وللحضارة الغربية فالتبرعات مازالت محدودة وهي ليست بحجم الحدث، فالغرب باعتباره قوة مهيمنة على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية، يجب عليه فعل الكثير وبذل إعانات أكبر لتدارك هذه الكارثة، فما تم صرفه لهذه القضية والامتحان الإنساني يعتبر مبلغا زهيدا جدا مقابل ما يتم صرفه على التسلح وعلى أمور أخرى كثيرة.
فقط الغرب ملام، لا بالتأكيد قد لا يكون هناك ما يحمل الغرب على ود الصومال وتاريخها العنيد، فالصومال كانت أرضا عصية على الاستعمار والاحتلال، منها انطلقت اعنف المقاومات والمواجهات الأفريقية المسلحة ضد البرتغال والفرنجة والطليان والانكليز، ولم يتم إخضاع هذه الأرض لجبروت الاستعمار إلا بعد ان احتوتها أكثر من قوة مستعمرة حتى تم إخضاعها واستنزافها وتدمير مواردها وخصوصا الزراعية والحيوانية، فأصبحت منذ ذلك التاريخ دولة تمزقها الحروب والصراعات بعدما أصبحت ضحية لسياسة فرق تسد.
لكن آيا كان التاريخ فالقضية إنسانية بالدرجة الأولى، ولذلك يقع على كاهل العالم مسؤولية مد اليد للصومال وما يجاورها وإنقاذ الملايين من الجوع ورفع البأس والعوز الشديدين عنهم.
محيط الصومال العربي والمسلم مسؤول بشكل أكبر في ما يحدث في هذه البلدة التي هي جزء أصيل منه، فالأموال التي تم التبرع بها لحد الساعة ليست بحجم المأساة ما دعا منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة للقول ان العالم عليه ان يخجل أمام ما يحصل في القرن الأفريقي.
نعم عليه أن يخجل خصوصا الدول المسلمة فالصومال ليس في أقصى الأرض، لكنه في وسط العالم الإسلامي وهو يجوع في الوقت الذي تكدس فيه ثروات هائلة في البنوك الأجنبية وأموال كثيرة تذهب للبذخ والترف، وان كانت الشعوب المسلمة والجمعيات الخيرية صاحبة يد كريمة بالعطاء إلا أن الموضوع يحتاج الى جهود وإمكانات دول وليس فقط أفراد او جمعيات نفعية.
الرحمة بالصومال فهو عزيز قوم ذل... فقد كانت أرض خير بما تملكه من ثروة حيوانية وسمكية هائلة وموقع استراتيجي وممر حيوي للنقل التجاري، فلتمد يد العون الإنسانية للقرن الأفريقي وتنتشله من مستنقع الموت جوعا.
كمال علي الخرس
كاتب كويتي