علي الرز / سذاجة الاستغراب
1 يناير 1970
10:53 م
| علي الرز |
مضحك ومثير للشفقة موقف اللبنانيين الذين استغربوا «نأي» بلدهم عن بيان مجلس الامن المتعلق بسورية، فهل كانوا يتوقعون من حكومة شكّلها بشار الاسد غير ذلك؟
بدل التساؤل والاستهجان وإعلاء المستوى الأخلاقي في التحليل حول «شرعية» ذبح شعب شقيق أعزل، لابد ان يوفر اللبنانيون على انفسهم الوقت ويلتفتوا الى امرين مترابطين:
الأول: ان لبنان في ظل القيادة المطلقة لحزب الله الحاكم وجبهته الوطنية التقدمية هو عمليا احد افرع حزب البعث الحاكم في سورية مع بعض الفوارق التجميلية. تتغير فيه بعض الوجوه والقيادات تماما كما يتغير محافظ حماة او حمص او درعا.
والثاني: ان مساري الحرية والسيادة والاستقلال في سورية ولبنان مرتبطان ببعضهما اكثر من اي وقت مضى، تماما كما هو الحال بالنسبة الى مساري الهيمنة والوصاية والقمع.
في ضوء هذه المعادلة، يبدو استغراب الموقف اللبناني في مجلس الامن ضربا من السذاجة، فالأمور سائرة في اتجاهات اخرى يشعر بها اللبنانيون لكنهم يعيشون حال انكار لها، اذ كلما تيقن النظام السوري من ان سيطرته على الارض تضعف فانه سيشعل كل الأوراق التي يعتقد أنها تعيد إليه التوازن.
وعلى مستغربي موقف لبنان في مجلس الأمن أن يتمعنوا في الكوابيس المتوقعة. سيخطف الأجنبي في لبنان ويظهر حرا في سورية. ستعلن جهات مجهولة في لبنان «المزرعة» مسؤوليتها عن الخطف لكن سورية «الدولة» يمكنها ان تفي بالتزاماتها الدولية رغم كل الجراح. ستطلق النار أكثر فأكثر على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. سيؤخذ عناصر منها رهينة. سينشغل العالم بهم أسابيع كثيرة وتبدأ المفاوضات وينتعش سوق الوسطاء. ستتكرر الحوادث الأمنية الحدودية على معبري الشريط وقد تتطور في اتجاهات تصعيدية خصوصا في ظل وجود ارادة معلنة من هذا الطرف داعمة لبقاء النظام السوري وأخرى مستترة من الطرف الآخر.
وفي حال قرر النظام في سورية الانتقال إلى مرحلة أخرى من مستويات المواجهة قائمة على تسليح فئات وتشجيع النزاع الاهلي العسكري هناك، فالمسرح هنا استكمل و«سكاكين» منطقة الحمراء التي شحذت بأجساد متظاهرين سلميين تتحول بسرعة البرق الى مدافع وصواريخ، واذا استعصى وجود طرف مواجه يسلحون طرفا من «جماعتهم»، فالأحباش جاهزون والأصوليون يمكن استئجار بنادقهم في أي وقت... العبوات الناسفة موجودة للترويع والسيارات الملغومة تتحضر في كراجات معلومة.
نظام فاقد للشرعية شكل حكومة لبنانية... لا تستغربوا. انتظروا أو قاوموا تلك الكوابيس.
Alirooz@hotmail.com