عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / سفري على قياسي

1 يناير 1970 09:25 ص
بدأت الطيور المهاجرة بالاستعداد للرحيل، وهي عادة يمارسها الناس مع انتهاء الامتحانات وبداية الاجازة الصيفية، والنفوس من طبيعتها تكل وتمل، ولذلك فهي تبحث عن الراحة والاستجمام، وفي ذلك يقول الشافعي

لا يصلح النفوس إذا كانت مدبرة

إلا التنقل من حال إلى حال

إني رأيت وقوف الماء يفسده

إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة

لملها الناس من عجم ومن عرب

ومن الأفكار والتوصيات التي نهديها للمسافرين حتى يحقق السفر ثماره، الابتعاد عن التقليد الأعمى للآخرين، فالبعض يتجه نحو دول تكلفة السفر إليها عالية الثمن لا لأنه يستمتع بها وإنما لأن أحد القريبين منه سافر لها، ولا يريده أن يتفاخر عليه، فسافر لما ترتاح له أنت لا ما يحبه غيرك.

من الناس من يلجأ إلى الاستدانة وأخذ القروض الربوية من أجل تغطية تكاليف السفر، ولو تأملنا أن الإسلام رفع الحرج عن الذي لا يجد تكاليف الحج، ولا يلزمه بالاستدانة لأجل الحج، فكيف نرهق أنفسنا بالدين وهو عمات عين من أجل أمر مباح وليس بفريضة.

بعض الشباب يسافر رغماً عن والديه، ونقول لهذا إن النبي عليه الصلاة والسلام منع رجلا من الجهاد وهو ذروة سنام الإسلام من أجل ألا يغضب والديه، فكيف بمن يريد السفر للوناسة؟

من الآباء من يرسل أبناءه أو بناته مع بعض الأقارب، وأقول إن لم يكن ذلك العم أو الخال على خلق ودين فإنه ربما أفسد الابن، وأتذكر شاباً درسته وكان مصاباً ببعض الأمراض التناسلية برغم صغر سنه، فصارحني أنها بسبب ما كان يفعله من تصرفات خلال سفره مع عمه غير المستقيم، وأمثال هؤلاء ينطبق عليهم المثل القائل الأقارب عقارب.

بعض الأخوات هداهن الله تسافر من غير محرم، وهذا بلا خلاف عند أهل العلم أنه محرم خاصة إذا كان سفراً لا يدخل في باب الضرورات، ومن أقوال أهل العلم أن المرأة التي لا تجد محرما يسقط الحج عنها فتأملي ذلك رحمك الله.

عند السفر نجد بعض أولياء الأمور يترك الزوجات والبنات من دون أن يرافقهن، بحجة أن كل واحد يذهب للمكان الذي يعجبه، وفي مثل هذه الحال إنما يتخلى الرجل عن مسؤوليته، ويتسبب في تعرض أهله لمواقف لا تحمد عقباها وقديماً قيل:

تعدي الذئاب على من كلاب له

وتتقي صولة المستأسد الضاري

على الرجل أن يعتز بدينه، والمرأة أن تفتخر بحجابها الذي فرضه الله تعالى عليها، لذلك من غير المقبول أن تتنازل المرأة عن كشف وجهها مثلاً إذا كانت ترى أن حكم تغطيته الوجوب، بحجة أن قانون تلك الدولة يمنع لبس النقاب، فهل من أجل عمل مباح وهو السفر تقعين بالإثم وهو نزع الحجاب ورفع النقاب؟

من الجميل أن يختار الإنسان في سفره صحبة صالحة تدله على الخير وتعينه عليه وبالمقابل ينبغي الحذر من مصاحبة أهل الضلال والفجور والذين بين الله تعالى سوء مقاصدهم فقال «ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً» يقول علي بن أبي طالب: لا تآخ الفاجر فإنه يزين لك فعله، ويحب أن تكون مثله، ويزين لك أسوأ خصاله.

وختاماً كم أتمنى أن نجنب أهلنا وأبناءنا مواطن الشبهات، والمناظر المليئة بالشهوات والبعيدة عن الحياء حتى لا يتحول السفر الذي أردنا من خلاله ترويح القلوب، وإيناس النفوس، إلى عامل من عوامل تدمير الأخلاق وهدم القيم، فيرجع بعض الأبناء منزوع الدين، فاقد الحياء، يحمل الآثام والذنوب العظام.

أتفرح بالذنوب والمعاصي

وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي



عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com