د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / ما الفائدة من ديوان المحاسبة؟
1 يناير 1970
07:01 م
لا أحد ينكر اهمية ديوان المحاسبة كجهاز رقابي استشاري يشخص المشكلات المالية في الاجهزة الحكومية ويقيم الاجراءات المالية وفق الاصول المحاسبية والرقابية، ولا يتصيد الاخطاء وانما يبحث في الاخطاء بهدف تجنب تكرار الوقوع فيها في اطار النظم والتعليمات الموجهة الى الاجهزة الحكومية. فالهدف هو الوقاية والتوجيه وحل المشكلات المالية والتأكد من سلامة الاجراءات المحاسبية التي ينبغي ان تتفق مع القواعد والمبادئ المحاسبية في الدولة... لذلك يعتبر ديوان المحاسبة جهازا مختصا بالرقابة والاستشارة، يتمتع بكوادر متخصصة ونظام يطبقه بشفافية، واستكمالا لعمله يضع تقريره السنوي الذي يرفعه الى رئاسة المجلس النيابي وإلى أمير البلاد.
هذا التقرير المحاسبي عن الحالة المالية للاجهزة لا ينبغي ان يوضع على الرف للنسيان، وانما تبلغ الجهات بمخالفاتها ان وجدت لكي تتخذ الاجراءات المناسبة. لكن الواقع يعكس شيئا من الاختلال في هذه الاجراءات حيث لا يحال المتسببون في المخالفات الى النيابة للمحاسبة، ويتردد بعض الوزراء في اتخاذ القرارات التي تعاقب من تسبب في اهدار المال العام، ما يعني ان جهود ديوان المحاسبة غير كاملة ما دامت الاجهزة الحكومية ترتكب الكثير من المخالفات المالية كل سنة دون محاسبة حقيقية او احالة الى النيابة العامة.
ان سلطة ديوان المحاسبة لن تكون محققة لأهداف الرقابة على المال العام اذا اقتصرت فقط على الاستشارة والتوجيه في الشؤون المالية، فهذا ليس بكاف امام الجهد والانجاز الذي يقوم به الديوان، خصوصا في بسطه للحقائق المالية التي تعكس الايجابيات والسلبيات في تعاملات الاجهزة من مسؤولين وأفراد يعملون في جهاز الدولة.
لذلك لابد من اعادة النظر في اختصاصات ديوان المحاسبة على نحو يهدف تفعيل دوره في تصويب الاخطاء ومحاسبة المتسببين في اهدار المال العام وليس بمحاسبتهم من الجهات المسؤولة عنهم والتي تتردد احيانا في المحاسبة لدوافع مختلفة. الكثير من المشاريع في الاجهزة الحكومية تكلف الدولة أموالا باهظة، وبعض هذه المشاريع في اجراءاتها تشوبها الشبهات وغياب المعايير وحدوث الاخطاء المخالفة للنظم، ورغم احالة بعض هذه الشبهات او مرتكبي عدم الامانة في العمل الى النيابة العامة الا ان الظاهرة مازالت قائمة، لذلك من الاهمية ان يقوم الديوان بتبني نظام فرض الجزاءات وصلاحية الاحالة الى النيابة في حال اثبات الهدر في المال العام، وعدم ترك هذا الامر للجهة التنفيذية التي هي المسببة للهدر المالي. ان الاكتفاء بإعداد التقرير العام عن الحالة المالية لمصروفات الاجهزة الحكومية من دون الانتقال الى صلاحيات أوسع تتمثل في تطبيق قانون العقوبات يؤدي الى نقص كبير في استكمال جهود ديوان المحاسبة بل وأهداف الدولة في الرقابة المالية السليمة، خصوصا ان التعديات على المال العام في الاعوام الاخيرة ازدادت نتيجة التهاون وعدم المحاسبة القضائية، ولا أشك ان مجموع المبالغ المالية المهدرة من الاجهزة الحكومية في الاعوام الاخيرة يصل الى مئات الملايين من الدنانير.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
yaqub44@hotmail.com