علي الرز / «خنجر الجاهلية» الليبي

1 يناير 1970 10:46 م
| علي الرز |

بعد صمت طويل على المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الليبي استفاقت الادارة الأميركية أخيراً على موقف «مخبري» إذ أعلن مسؤول أميركي ان بلاده «تحلل» الكلمة التي ألقاها سيف الاسلام نجل العقيد معمر القذافي.

وقبل الدخول الى مختبرات التحليل الاميركية لكلمة سيف الاسلام استعيد هنا بعضا مما قاله لي «الحكيم» الليبي منصور الكيخيا الذي خطف من مصر الى بلاده في صندوق سيارة منذ اكثر من 16 عاما ولا يعرف مصيره سوى رب العالمين. قال «ان الشعب الليبي هو الشعب الوحيد في العالم الذي تحولت ثروته الى نقمة عليه بدل ان تكون نعمة. فبسبب هذه الثروة التي احتكرها القذافي نشأت مجموعة مصالح اقليمية ودولية انحازت دائما الى جانب النظام لا الى جانب الشعب وآماله في التغيير. دول الجوار تسلم اللاجئين السياسيين الى ليبيا بعدما كانت تعطيهم الامان ودول العالم تتجاهل اي مطلب تحرري لليبيين حرصا على الصفقات او خوفا من لجان النظام الثورية التي يمكن ان تمارس الارهاب والتدمير»... وربما كان منصور نفسه ضحية هذا «التحليل».

عودة الى «المحلل» له، نجل القذافي. الذي يستحق بجدارة ان يسمى «خنجر الجاهلية»

بدل سيف الاسلام لما تضمنته كلمته من اهانات للشعب وتهديدات بحرب اهلية.

فبعد 42 عاما من حكم والده يقول ان الشعب الليبي لم يرتق الى مستوى التوحد المدني لانه عبارة عن مجموعة من القبائل والعشائر والتحالفات. ومع التحفظ الشديد على الربط المقصود في كلامه بين القبلية واللامدنية إلا انه يمكن التأكيد بأن الهدف الدائم في ليبيا من غياب الدولة والدستور والقوانين والمؤسسات هو تكوين نظام خاص لا علاقة له بأي مدنية او تحضر يتحالف فيه «القائد» مع هذه القبيلة او تلك حسب متطلبات المرحلة على قواعد التقسيم الجغرافي (الكوميونات) والاجتماعي (العشائر) وبهدف خلق انقسام واضح لا يمكن ضمانه إلا بالارتباط المباشر برأس النظام.

«خنجر الجاهلية» هنا نسي كل التاريخ المتحضر المقاوم للقبائل الليبية التي كانت الركن الاساسي في تأسيس دولة واحدة موحدة مستقرة آمنة عندما كان مقررا لليبيا ان تتقدم الى الامم المتحدة كثلاث دول قبل نحو ستين عاما، وتذكر فقط ان النظام وزع السلاح على الجميع كي تحصل حرب اهلية ملمحا الى ان هذا النظام الغريب العجيب الذي ارساه والده متقدم على الشعب.

وصف «خنجر الجاهلية» الشباب الليبي المنتفض بأنهم مجموعة من البلطجية ومدمني المخدرات والعصابات، لكنه في الوقت نفسه تعهد لهؤلاء «البلطجية» بدستور جديد وكأنه منة منه رغم انه من أبسط بدهيات الدول. وبزيادة المرتبات والعلاوات واعادة الحكم المحلي للمحافظات... واقرار علم جديد ونشيد جديد والانتقال الى ما أسماه «الجماهيرية الثانية».

حللوا يا أميركيين ويا أوروبيين ومارسوا الاستغباء على شعوبكم قبل الشعب الليبي. هذا «الخنجر» الذي اتصلتم به طالبين الحوار والاصلاح ينذر بأنهار من الدماء ويخير الشبان بين حرب أهلية وبين القبول بـ «جماهيريته الثانية». حللوا يا من استنفرتم كل اللحظات والطاقات والجهود وأبقيتم اجتماعاتكم مفتوحة خلال ثورة الشباب في مصر وطالبتم بإصلاح دستوري وظهرتم في وسائل الإعلام كل خمس دقائق محذرين من اي تعرض للمتظاهرين وفي ليبيا يخرج ابن الحاكم ليقول انه مستعد للتفكير في دستور... ام ان الكلمة التي تتردد في الخفاء صحيحة: «مصر تأخذ منا وليبيا نأخذ منها».

خطاب دموي من رحم نظام دموي. وبدل «التحليل» الأميركي للخطاب مطلوب دعوات «تحريم» فورية لقتل الليبيين... وهم قادرون على التغيير.





alirooz@hotmail.com