د. سامي ناصر خليفة / عذب الكلام ... من رجال الكلام

1 يناير 1970 11:52 ص
آية الله السيد علي السيستاني من أبرز الشخصيات المتربعة على زعامة المرجعية الإسلامية في العالم، وبالأمس تصدى ليفتي بتحريم أي انقسام في صف المسلمين بما يخدم أعداء الإسلام والمسلمين، وبصورة لم تدع مجالاً للشك بحرص سماحته على الوحدة بين السنّة والشيعة، إلى درجة أثبتت معها الكثير من مواقفه في الساحة العراقية أنه يمثل حجر العثرة أمام أي تصعيد سلبي أو رد فعل شيعية تجاه أي سلوك من الجانب الآخر. واليوم يشن آية الله السيد علي الخامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، ومن أبرز الشخصيات المتربعة على زعامة المرجعية الإسلامية في العالم، هجوماً عنيفاً على «بعض الشيعة الذين يوجهون الاتهامات ويسيئون إلى اخوانهم السنة»، داعياً «الشيعة والسنة إلى اليقظة والوعي حيال المخططات التي يحيكها أعداء الإسلام لضرب وحدتهم من خلال إشعال نيران الفتنة الطائفية البغيضة».

أقول ان تلك اللغة العبقة في الحديث بين كبار العلماء والقاعدة الجماهيرية، هي عذب الكلام الذي خرج من رأس هرم العلماء اليوم، وهي حجة على كل شيعة العالم والمعتقدين بهم بالتأكيد، كون الحديث لم يأت إلا ضمن سياق شرعي يتحمل مسؤوليته عند الله تعالى كل من يخالفه من الأتباع والأنصار والمقلدين. وهي تحية تقدير لقيادات تخاف الله تعالى ومدركة لخطورة الانجرار وراء العصبية الطائفية التي يغذيها الأجنبي الجاثم على صدر العالمين العربي والإسلامي، وبالتالي لابد من رد التحية بمثلها، أو أحسن، وبصورة سريعة ومباشرة وواضحة، من قبل كبار قادة وزعماء وعلماء ومرجعات العالم السني اليوم. فلا مجال اليوم لإهمال تلك الكلمات العبقة التي خرجت من رجال الكلام في وقت نستشعر جميعاً حجم الضرر الذي يسببه ترك هذا الملف يلوثه التأزيميون والغلاة من الطرفين السني والشيعي.

إن العالم اليوم ينظر إلى الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية على أنها مبادئ عامة يجب أن تحكم العالم بأسره، ولا يعقل أن يرى المسلمون، ودينهم جاء على تعزيز الفطرة الإنسانية سلوكاً حاكماً للمجتمعات والأمم، أن يجدوا أنفسهم خارج هذا الركب العالمي، منشغلين بأنفسهم لا حول ولا قوة لهم سوى ضرب بعضهم البعض ليتكرس التقسيم السلبي ثقافة بينهم، ولتستشري أمراضاً خطيرة كالحقد والضغينة والكراهية ودعاتها.

إنها رسالة بالغة الأهمية وبليغة الأثر، علينا أن نتدبرها بحكمة وأن نتعامل معها بمسؤولية، امتثالاً لقوله تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»، واستناداً إلى قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ».

إن شهر رمضان الكريم على الأبواب، وهو خير فترة يمكن أن يتم استغلالها في تقريب الأنفس والابتعاد عن كل ما يضر نهج الباري تعالى، فليكن لنا موقف عملياً منسجم مع الغاية من نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والحكمة من توجه المسلمين نحو رب واحد، وفي اتجاه بيت واحد، والتزاماً بالصراط المستقيم نهجاً لا بديل عنه. إنها رسالة بليغة الأثر نشكر من بادر بها، ونتمنى أن يتصدى البقية لإكمالها، حينها لا يسمى من يخالف تلك الحجة إلاً شقياً شاذاً على الجميع نبذه وتعريته.





د. سامي ناصر خليفة

أكاديمي كويتي

qalam_2009@yahoo.com