رحلت بعد 18 عاما من العيش في إمارة الشارقة

الراحلة رباب عبّرت عن حنينها للكويت وغنّت لها فكانت «المكافأة» حرمانها من دخول البلاد حتى وفاتها

1 يناير 1970 07:50 م
| كتب ليلى أحمد وصالح الدويخ |

متعنين... متأملين... حبايبنا / يحبونا إليما الحين / متعنين... متصورين... حبايبنا/ زمن ما يغير الطيبين/ واثاري هـالزمن كذبه.../ واثاري حنا غلطانين. حبايبنا / حيلتي ضاعت وماني عارفة... حتى اعز الناس يبخل بالوفى/ كثر سلامي كان... قل المعرفه / والود... هالايام منهو يعرفه.../ يا عزة نفس... خانتنا/ ودتنا...لناسٍ ما عرفوا قيمة.... لجيتنا/ ياعزة نفس... خلتنا كما الاغراب / ننادي... ومن يسمعنا... لا صاحب... ولا احباب

المطربة الراحلة رباب «خلاص... شربت مروقها» وغادرت دنيانا بعد جلطة قوية في المخ ادت الى نزيف حاد في كامل الدماغ رقدت على أثره في الغيبوبة لم تفق منها حتى أسلمت الروح لبارئها، بعد إقامة سنوات طويلة في إمارة الشارقة بالامارات، لاقت رباب كل نكران جميل من غالبية المنتسبين للوسط الفني خصوصا المطربين المشهورين الذين يتسيدون المشهد الغنائي هذه الايام والذين كانوا على تواصل معها ابان وجودها بالكويت وحين غادرت ألغوها من مفكرتهم الانسانية هذا اذا كانوا يملكون ذرة من الانسانية ولم تكن تتواصل معها الا المطربة نوال التي كانت تهاتفها وتزورها في بيتها بالشارقة، وكانت رباب تذكر بالخير في تصريحاتها الصحافية والتلفزيونية تواصل نوال والملحن سليمان الملا والشاعر الغنائي عبداللطيف البناي.

قبل غزو صدام الغاشم في فجر الثاني من اغسطس 1990 كانت الراحلة تمثل الكويت في مهرجان قرطاج الغنائي واصيبت بجلطة في القلب في تونس فتولى الامير السعودي خالد بن فهد بن عبدالعزيز بإرسالها على نفقته للعلاج بأميركا، وحين افاقت من عملية القلب الدقيقة علمت بغزو صدام للكويت فجن جنونها فانتقلت للعيش بالامارات لتؤازر الكويتيين في محنتهم ودفعت اموالا من جيبها الخاص فأصدرت البوما غنائيا وطنيا للكويت ولقادتها على نفقتها الخاصة وبعد تحرير البلاد حاولت العودة لوطن انطلقت منه، الا ان « رجال» وزارة الداخلية الكويتية كان لهم رأي آخر فمنذ ثمانية عشر عاما وهي محرومة من دخول البلاد لانها «عراقية الجنسية» عاشت رباب في عزلة الا من القليلين الاصيليين، وقد تحدثت لـ«الراي» ابان حفل تكريم الملحن راشد الخضر وعبرت عن حزنها لعدم قدرتها القدوم للكويت لتقف على خشبة مسرح الدسمة لتغني ابدع ما قدمه لها الراحل الخضر.

منذ شهرين كان من المقرر تركيب صوتها على مقدمة مسلسل كويتي هو «اميمة في دار الايتام» للمنتج باسم عبدالامير وبطولة هدى حسين في احد استديوهات الامارات الا انها مرضت فأدخلت للمستشفى ورقدت فيه لمدة عشرة أيام فقام المنتج باسم عبدالامير باستبدالها بصوت المطربة هند البحرينية لغناء تتر مسلسل «اميمة في دار الايتام». أيامها اشتكت رباب لاحدى المطبوعات الخليجية قبل غيبوبتها الاخيرة عن سبب ابعادها... واستغربت عدم سؤال هدى حسين عنها وهي التي تربطها بها صداقة عمر طويلة.

شكوى رباب « التي مع الاسف لن تقرأها وننشرها احقاقا للحق» نقلناها لباسم عبدالامير منتج مسلسل «اميمة في دار الايتام» فقال... «رقدت الراحلة بالمستشفى لمدة عشرة ايام وهاتفت ابنها «وهو ابن شقيقتها» وسألت عنها فأحالني اليها وكانت حالتها تعبة جدا وتمنت عليّ تأجيل تركيب صوتها لحين شفائها لانها تريد لصوتها أن يصل للكويت ولجمهورها، فقالت لي انتظروني حتى أخرج من المستشفى واتعافى ولا تحدثوني عن «كم اقبض» هذا لايهمني المهم أن أغني لمسلسل كويتي ولجمهور كويتي».

وأضاف عبدالامير قلت لها رباب استحالة الانتظار لانه علينا تقديم المسلسل للمحطة التي اشترت العمل، الصحيح انها اخذت على خاطرها لكنها تفهمت بالاخر وتمنت لنا التوفيق، فلقد تعاونت مع الراحلة رباب في غناء مقدمة مسلسل «البارونات» و«اللقيطة».

رباب التي تمنت كثيراً أن تتحقق أمنيتها في زيارة الكويت طوال سنوات غربتها بالامارات من بعد تحرير الكويت حتى قبل وفاتها يوليو 2010... أي في أكثر من ثمانية عشر عاما وتمنت و«ألحت» ان تزور بلدها/ الكويت التي رعت موهبتها الفنية وأطلقتها مع خيرة الملحنين والشعراء بالكويت وحاول الملحن سليمان الملا دعوتها بكارت زيارة،الا ان وزارة الداخلية رفضت ادخالها للبلاد لانها «عراقية الجنسية» فيما يدخل البلاد في الاسبوع الواحد مئات العراقيين في زيارة لذويهم او على مستوى الدولة في زيارات رسمية، كل هؤلاء لم يخيفوا الداخلية التي تدخلهم قاعات التشريفات بالمطار «وتطق لهم سلام وتحية عسكرية» الا انهم «خافوا» من رباب المطربة التي قتلها حنينها للبلاد. وعلى الرغم من انها تمنت وصرحت انها لاتريد الاقامة في البلاد فقط تتمنى زيارتها لزيارة قبر من توفاهم الله من معارفها الا ان الداخلية اذن من طين والثانية من عجين.

لعله من المناسب تبرئة الراحلة رباب والتأكيد عليه كما كنا نفعل دائما عن دور رباب في الكويت ابان الاجتياح العراقي وهل طردت بعد تحرير البلاد.

رباب أكدت لـ«الراي» في اتصال سابق أنها قبل الغزو بشهرين كانت في تونس لتمثل الكويت في مهرجان قرطاج الغنائي، فداهمتها الأزمة القلبية هناك، فقام الامير السعودي خالد بن فهد بن عبدالعزيز بابتعاثها على نفقته الى الولايات المتحدة الاميركية لتلقي العلاج واجراء عملية جراحية عاجلة لقلبها، وبعد أن أفاقت من العملية صعقت لغزو صدام للكويت، فاتجهت الى الامارات لتقف مع الكويتيين في محنتهم، فقدمت كل ما تملك من مال لانتاج ألبوم وطني كامل لشد أزر أهل الكويت، وبعد تحرير البلاد فوجئت بمنعها من دخول البلاد ربما كانت «مكافأة» لها على الطريقة الكويتية لانها

غنت للكويت وقادتها، قالت: صعقت من رفض السلطات الكويتية دخولي الى الكويت، وأنا على يقين

لو كان الشهيد الشيخ فهد الاحمد

على قيد الحياة لما واجهت مثل هذا الموقف أبداً.

بعد التحرير أعادت الكويت العلاقات مع دول الضد التي وقفت مع المقبور صدام حسين، كما سمحت بدخول الكثير من الفنانين والشعراء والملحنين الذين تغنوا بحب الطاغية في ايام الغزو، وللاسف مازالت تلقى الرعاية والاهتمام ومن المحتمل أن تمنح الجنسية لاحقاً.

الشاعر المخضرم عبد اللطيف البناي أكد ما قالته رباب حيث بدا متأثراً برحيلها فقال: خسرنا انسانة وفنانة قلّما نجد مثلها، رباب تعرضت للظلم كثيراً وكانت تستحق أن تكون بين أهلها وعلى الارض التي ترعرعت عليها وانطلقت فنياً منها، فلا يمكن أن أنسى اتصالها بي ايام الغزو الغاشم حيث أرسلت لي ميزانية تكفي لاصدار البوم بأكمله لتغني للكويت في تلك الفترة، وهذا الامر لم تفصح عنه وارادت أن يبقى سراً بيننا كمجموعة من الملحنين والشعراء، رباب صاحبة احساس غنائي رائع،لم تجد الدعم الاعلامي ولا الفني الكافيين رحمها الله.

من جهته قال الملحن والفنان القدير سليمان الملا: رباب مميزة بصوتها والراحلة اتهمت زوراً بغنائها للمقبور صدام حسين أثناء غزو صدام الغاشم، والحقيقة أنها غنت قبل ذلك أيام الحرب العراقية - الايرانية في الثمانينات كحال أغلب الفنانين الكويتيين والخليجيين الذين وقفوا مع صدام فهل كانت تعلم انه سيغزو الكويت لاحقا ؟ وكان اتصالي بالراحلة مستمرا في الايام الماضية وكنا نتفق لعمل أغنيات في المستقبل القريب الا أن القدر لم يمهلنا لنلتقي من جديد. وعما يميزها كفنانة قال الملا: رباب حين نعمل معها كانت تطلب من الشركة المنتجة أجورنا أولاً ومن ثم تسأل عن أجرها، ولا تنسى فضل الاخرين في تجربتها الفنية ودائما تذكر الكويت ومن تعاون معها بالخير في لقاءاتها الصحافية والتلفزيونية، ولقد حاولت شخصياً كما حاول زملاء لي وشخصيات إدخالها الى البلاد لكن دون جدوى ودون اسباب مقنعة.

الملحن القدير أنور عبد الله ذكر أن رباب مطربة لا يمكن أن تستنسخ ابداً، فهي تربطها علاقة جيدة مع الكبار والصغار ولم تضمر الشر لأحد يوما وحبها للكويت وأهلها من الصعب وصفه، وللأسف لم تجد الدعم الرسمي في السماح لها بدخول البلاد لزيارة ذويها ولزيارة بلد انطلقت منه فنيا،وهي أجدر من ناس كثر دخلوا رغم مواقفهم المساندة للغزو، وتعد رباب المطربة الوحيدة التي تضيف بصوتها العذب جملا لحنية رائعة وهذا نادر بين المطربات.وكانت الراحلة بصدد عمل ألبوم من الحانه مع سليمان الملا وحمد راشد الخضر، وصار الاتفاق لولا تراجع المنتج لأسباب نجهلها حتى الان، وقد اصيبت بخيبة أمل واثر على نفسيتها كثيرا.