«حتى قبل أن يحصل تعاف كامل من الأزمة المالية عالمياً»

«بوز أند كو»: الخليج سيعود إلى صناعة الثروات

1 يناير 1970 10:43 م
|كتبت كارولين أسمر|

أصدرت وكالة «بوز اند كومباني» تقريراً حول صناعة الخدمات المصرفية الخاصة في مرحلة ما بعد العاصفة، أشارت فيه الى أن أوجه هذه الصناعة قد تغيرت في فترة العام والنصف الماضية، فالشركات التي كانت تصنف كرموز للصناعة منذ سنتين فقط معظمها قد اختفى أو وجدت نفسها تعاني وتصارع في سبيل البقاء ولو بجزء صغير من قوتها السابقة.

وأضاف التقرير أنه في الوقت ذاته، يتم وضع اللاعبين، الذين سبق وأنجزوا مهامهم على أكمل وجه، في موقع قيادة وحدة الصناعة التي تتخذ شكلاً جديداً حالياً. مضيفاً أنه مع بداية العام 2010، يجب على صناعة الخدمات المصرفية الخاصة أن تستعد للبحث عن توازنات جديدة. بالنظر الى جاذبية أساسيات الصناعة، فان المؤسسات التي فقدت قاعدتها، ستتأهب للبحث عن استراتيجيات، لاستعادة ثقة العملاء والموظفين والاسواق في حين ان اللاعبين الذين استلموا تدفقات أصول جديدة صافية على مدى الازمة المالية العالمية سيحاولون المحافظة على وضعياتهم المعززة.

وشرح التقرير أن صناعة الخدمات المصرفية الخاصة، في مرحلة ما بعد أزمة 2008-2009، ستبدو مألوفة في بعض أوجهها وغريبة في أخرى. والأهم أن هناك الكثير من الفرص المقبلة للمصرفيين المهيأين استراتيجياً.

وأضاف التقرير أن الخدمات المصرفية الخاصة قضت الاشهر الثمانية عشر الماضية، محاولةً التعامل مع واحدة من أصعب الفترات في التاريخ المالي الحديث. وهي «عاصفة كاملة» من انخفاض أسعار الاصول والانهيار القريب أو الحالي لبعض من شركات ادارة الثروات الذائعة الصيت، قد غيّرت سلوك العملاء، ما حدا بهم للانتقال إلى أدوات مالية أقل مخاطرة والتي هي مربحة أقل بكثير بالنسبة للبنوك.

كل ذلك دفع بمستويات العوائد بنسبة 25 الى 30 في المئة أقل مما كانت عليه قبل الازمة. وكتحدٍ اضافي، فان الحكومات عملت على اتخاذ اجراءات صارمة على مواطنيها الاثرياء الذين يملكون حسابات خارجية غير خاضعة للضرائب، ما اضطر العديد من المصارف للبحث عن فرص ومقترحات قيمة جديدة.

بالرغم من ذلك، فان ليس كل ما حدث كان سلبياً. اذ ان البنوك الخاصة استمرت بتحقيق الارباح بالرغم من التراجعات الضخمة في قاعدة عوائدها. وهو دليل على قدرتها على الادارة وسط الركود الدوري الذي يحصل. في حين بدأت العديد من المصارف بالتحرك بقوة نحو الاسواق الناشئة، حيث تتواجد فرص كبيرة للنمو، خصوصاً بأماكن كآسيا والهند حيث تتزايد بسرعة الشرائح السكانية ذات العوائد المتوسطة.

ويرى التقرير أنه على صناعة الخدمات المصرفية الخاصة، لتنجح أكثر في المستقبل، أن تصبح أكثر جديةً في ما يخص الاسواق الناشئة، وأن تدمج بقوة أكبر أعمالها الداخلية والخارجية، كما أنها ستكون بحاجة لبناء قدرات أفضل، معظم الاحيان بطريقة غير عضوية. كما أن الخدمات المصرفية الخاصة الناجحة ستكون بحاجة لتكييف نموذج خدمة العملاء لاستعادة ثقتهم في الوقت الذي تؤمّن فيه القدرة على الامتثال وتأمين الخدمات الفعالة من حيث التكلفة. الا أنه مع تزايد الضغوطات على العوائد، قد لا يكون ممكننا تجنب المزيد من تدابير خفض التكاليف.

ورأى التقرير ان صناعة «الخدمات المصرفية الخاصة» هي في تحول كبير حالياً، فقد كانت الاشهر الثمانية عشر الماضية فترة لا تنسى بالنسبة للعديد من العاملين في القطاع المتخوفين من تراجع أسعار الاصول. والاستسلام والانهيار القريب لبعض من رموز ادارة الثروات في العالم، فقد حوّل العملاء أصولهم من البنوك الكبرى الضخمة الى البنوك الخاصة الاصغر والأكثر اقليمية. وأكثر من ذلك، فان العملاء قد غيّروا مزيج أصولهم لصالح المنتجات ذات الهوامش المنخفضة. ما أدى الى تآكل هوامش الربحية. وقد حوّلت الحكومات الغربية الاضواء نحو النماذج المصرفية الخارجية، باحثةً عن طرق للوصول الى الحسابات غير المعلنة.

وأشار التقرير الى وجود عوامل جوهرية ثلاثة تقود صناعة الخدمات المصرفية الخاصة، لم تمسها الازمة المالية الاخيرة، أولها ان

هذه الصناعة موجهة بالاساس نحو النمو الذي تقوده العوامل الاجتماعية والديموغرافية وروح المبادرة والزيادة المركزة للثروات. ثانياً ان مصادر الايرادات في الخدمات المصرفية الخاصة دورية بطبيعتها، ومرتبطة بقوة بأسواق الاسهم الاساسية في جميع الاسواق. ثالثاً، ان الخدمات المصرفية الخاصة أثبتت مرة أخرى قدرتها على المقاومة، وعلى تحقيق الأرباح حتى في الاوقات الصعبة.

وأضاف أن التحولات التكتونية في توزيع الثروات العالمية باتجاه الشرق سيتسارع قدماً. وبالنظر الى الضغوطات التنظيمية المتزايدة، فان بقاء الثروات في الاسواق الداخلية سيتزايد. كما ان الاثرياء عبر العالم سيتصرفون بطريقة براغماتية، بعد أن أصبحوا اكثر دهاءً في فهم المنتجات المالية. وانعدام الثقة على نطاق واسع من الدولة والمؤسسات المالية سيضاعف دور مدير علاقات العملاء كمستشار موثوق. مع استمرار الضغوطات على الهوامش. وأخيراً، فان نموذج الخدمات المصرفية الخاصة الجديد سيتبلور بعد أن بات يطرح تحديات أكبر امام الصناعة.



التكيف مع الضرورات الجديدة

وأشار التقرير الى أن آفاق صناعة الخدمات المصرفية الخاصة للمدى الطويل ايجابية، الا أنه استجابة لهذه التغيرات المستقبلية، فان الصناعة بحاجة للقيام بعدد من الخيارات الاستراتيجية للتكيف مع نماذج الاعمال وللواقع الجديد. أولها، فان صناعة الخدمات المصرفية الخاصة مع طموحات النمو الكبرى بحاجة للالتزام

جدياً بالاسواق الناشئة. في حين أن الحصول على مقترحات قيمة سيكون امراً أساسياً للنجاح.

وأضاف التقرير، أنه لا يعلم حتى الآن ما اذا كانت تلك العاصفة وصلت الى نهايتها أم، أو هناك المزيد بعد. الا أنه ما يبدو واضحاً اليوم هو أن صناعة الخدمات المصرفية الخاصة تقدم العديد من الفرص لأولئك المهيئين استراتيجياً.

وشرح التقرير كيف ان الصناعة موجهة بشكل أساسي لتحقيق النمو، اذ انه فيما تتزايد الثروات العالمية بمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي، الا أن عدد الافراد الاثرياء، والذي يُحدد بالاشخاص الذين يملكون أكثر من مليون دولار من الاصول الاستثمارية. هو في نمو متسارع، في كل مكان من 1.5 الى 3 مرات بمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي. استناداً الى الاسواق.

كما أن الازمة المالية عام 2008 أثرت على الاثرياء بعد أن ضرب الانخفاض الضخم كل شرائح الاصول وجغرافيتها، من دون أن تعفي أحداً. الا أنه

مع نهوض الاقتصادات عبر العالم، فان مجموع الاثرياء سيعود الى مسار النمو الطويل الامد،

مولدةً تدفقا مستمرا من الاثرياء الجدد لقطاع الخدمات المصرفية الخاصة. ولا شك أن عوائد الخدمات المصرفية الخاصة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأداء أسواق الاسهم. كما أن هذه العوائد تستند بشكل أساسي على أحجام الصفقات ورسوم الاصول.

وتحدث التقرير عن التحولات التكتونية في توزيعات الثروات العالمية، ففيما معظم الدول الصناعية تستعد للنهوض والتعافي من الازمة المالية، فان معظم الاسواق الناشئة عادت الى معدلات النمو في مرحلة ما قبل الازمة. وأشار التقرير

الى أن هذه المعدلات المتفاوتة ستدوم للسنوات القليلة المقبلة، محولةً تركز الثروات العالمية الى الشرق.

ورجح التقرير أن تعود الدول الغنية بالثروات النفطية الطبيعية، كدول مجلس التعاون الخليجي الى خلق الثروات المتسارعة حتى قبل أن يحصل تعاف كامل من الازمة المالية عالمياً. اذ أن مشاريع البنى التحتية التي تقودها الحكومات ستعزز مجموع السكان الاثرياء في تلك المناطق، وقسم كبير منهم أصحاب النفوذ سيزدهرون مباشرةً، من خلال أعمال العائلات والشركات الصغيرة والمتوسطة، أو بطريقة غير مباشرة عبر الوراثة من الاجيال الاكبر سناً.





المقاولون يصنعون الثروات



أشارت «بوز أند كومباني» إلى أن الزيادة في عدد الاثرياء هو في الاساس نتيجة عاملين، الاول هو توليد الثروة من خلال روح المبادرة والابتكار والتفاؤل، ما يعني المزيد من الاستخدام الفعال للمدخلات الاقتصادية لخلق ناتج اقتصادي. وتخلق هذه الديناميكيات ثروات كبيرة، خصوصاً في الاسواق الناشئة، حيث يتحول المقاولون للمرة الاولى الى أثرياء بزيادة ضخمة جداً وبسرعة كبيرة. كما أن العامل الثاني الذي يقود عدد الاثرياء هو تركيز الثروات، التي تحددها هيكلية توزيعات الثروات التقليدية والمداخيل وغياب الضرائب المتوارثة في كل من هذه الاسواق.