تحرُّك البنك يشكّل خطوة دفاعية أملاً في حياة مستقرة مصرفياً ببيئة تنافسية متغيرة لصالح الكبار

سيطرة «وربة» على «الخليج»... السمكة الصغيرة تصطاد الكبيرة

8 يناير 2025 10:00 م

- تمويل الصفقة إذا أقرت رقابياً مرجح عبر زيادة رأس المال والحصول على تسهيلات
- 7.5 مليار دينار موجودات «الخليج» مقابل 4.9 لـ «وربة» ما يمثل زيادة بـ 1.51 مرة
- «وربة» يخطط لإصدار صكوك بـ 500 مليون دولار لزيادة مرونة «كاش» الصفقة
- «الغانم التجارية» شركة ذات مسؤولية محدودة ومسار الصفقة يقتصر على شراء حصصها

بمجرد أن أعلن بنك وربة أمس توقيع اتفاقية شراء كامل الحصص المشكلة لرأسمال شركة الغانم التجارية، والمالكة لنسبة 32.75 في المئة من رأسمال بنك الخليج، بقيمة 498.16 مليون دينار(نحو 400 فلس للسهم)، اشتعل النقاش بين مجتمع الأعمال حول الصفقة، بطرح سؤال تلو الآخر، والتي يمكن اختصارها في استفهام مجمع، عنوانه العريض كيف ستقوم السمكة الصغيرة باصطياد السمكة الكبيرة؟

ويعتبر مراقبون أن استحواذ «وربة» على «الخليج» يشكل خطوة مستحقة من بنك يصنّف على أنه الأصغر حجماً في قطاع المصارف الكويتية، فبعد استحواذ بيت التمويل الكويتي «بيتك» على «الأهلي المتحد» وخلق كيان إسلامي عملاق بقيمة سوقية تتجاوز 12 مليار دينار، ومع سيناريو استحواذ «بوبيان» على «الخليج» وتحول الأخير إلى بنك يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، ستضيق فرص «وربة» في المنافسة، وسط تزايد أعداد البنوك الكبيرة، لدرجة يخشى معها من أن يصل إلى حدود المكافحة من أجل البقاء مستقبلاً، ولذلك يكون تحرك «وربة» لشراء حصة سيطرة في «الخليج» خطوة دفاعية أملاً منه في ضمان حياة مستقرة، ضمن بيئة مصرفية عالية التنافس، ومتغيّرة لصالح قدرات البنوك الكبرى، لكن وجود هذه المحفزات لشراء حصة الغالبية في «الخليج» لا تلغي السؤال، بل تزيد وجاهة طرحه، كيف سيفعل «وربة» ذلك؟

نقل الحصص

في هذا الخصوص، أفصح «وربة» أنه سينقل حصص شركة الغانم التجارية فور الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات الرقابية، على أن يتم تحديد الأثر المالي للصفقة، وإدراجه في الربع السنوي الذي يلي إتمام نقل الملكية للحصص المشكلة لرأسمال شركة الغانم التجارية، لكن يطرح السؤال مجدداً، من أين لبنك تبلغ موجوداته نحو 4.9 مليار دينار تمويل صفقة الاستحواذ على بنك تقارب موجوداته 7.5 مليار، ما يشكل زيادة لصالح الأخير بنحو 1.51 مرة؟

إلى ذلك، قالت مصادر مقربة لـ«الراي» إن البعض يعتقد أن الإجابة عن ذلك بدهية، وتتلخص في أن تمويل الصفقة سيكون عبر تسهيلات مباشرة تغطي الصفقة نفسها، ونظراً لأهمية الصفقة وما تمثله من فرصة تمويلية جاذبة سيتنافس أكثر من بنك على تغطيتها، أو أقله المساهمة في تمويلها إذا كانت ستطرح عبر تمويل مجمع، مبينة أن هناك رأياً آخر محاسبياً، يتعلق برأسمال «وربة» الذي يبلغ 218.36 مليون دينار، والذي قد يشكل مصداً محاسبياً لتنفيذ الاستحواذ على بنك يبلغ رأسماله 380.25 مليون، خصوصاً أن رأسمال «الخليج» أكبر من «وربة» بنحو 1.7 مرة.

حالات الاستحواذ

ولفتت المصادر إلى أنه رغم عدم وجود شرط منظم لرأس المال المطلوب في حالات الاستحواذ، ما يتيح أن تكون الأصول بأضعاف رأس المال وبسقف محدد ما لم يخالف التعليمات الرقابية، يتعين من باب تحقيق المرونة في توفير«الكاش» القفز على هذا المصد بزيادة رأسمال «وربة»، قبل أو بموازاة الحصول على تمويل الصفقة لزيادة مستويات السيولة الموجهة للاستثمار، سواء من خلال زيادة مباشرة تتم عبر طرح أسهم جديدة للمساهمين من خلال طرح اكتتاب عام أو خاص، أو عبر إصدار صكوك تدخل ضمن الشريحة الأولى لرأسماله، وما يستحق الإشارة في هذا الخصوص تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي لـ«وربة» شاهين الغانم أفاد خلالها بأن البنك يستهدف إصداراً جديداً من الصكوك مطلع 2025 بقيمة 500 مليون دولار.

وذكرت أنه من غير المحدد حتى الآن حجم الحاجة الحقيقية لزيادة رأسمال «وربة» والتمويلات التي يحتاجها لمقابلة قيمة الصفقة، لكن من المؤكد محاسبياً ضرورة الاعتماد على جناحي زيادة رأسمال البنك، والحصول على تسهيلات في الوقت نفسه، مشيرة إلى هيكل كبار ملاك «وربة» الذي يتضمن الهيئة العامة للاستثمار بـ15.9 في المئة والمؤسسة العامة للتأمينات بـ8 في المئة ومجموعة الساير القابضة بنحو 10.24 في المئة وعبدالله الشلفان بـ10 في المئة.

تغيير مرتقب

أما السؤال الثاني الذي يزداد بريقاً، فيتعلق بآلية تنفيذ السيطرة المرتقبة أو الاستحواذ على الحصة الرئيسية، والتي لا تبدو مؤكدة حتى الآن، باعتبار أن ما تم إعلانه أشار إلى توقيع اتفاقية شراء كامل حصص «الغانم التجارية» من رأسمال «الخليج»، ما يعني نظرياً أن التغير المرتقب في حال الحصول على الموافقات الرقابية، سيكون فقط في هيكل ملاك «الخليج».

وتوضيحاً لذلك، لفتت المصادر إلى أكثر من سيناريو، أبرزها أن تملك هذه النسبة يضمن لـ «وربة» دخول مجلس إدارة «الخليج» عبر ممثليه، في حال تمت الصفقة ونجح في تحويل الأخير إلى بنك يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، ما قد يعفي «وربة» من مسار الاندماج مع «الخليج» عن طريق الضم على غرار «بيتك» و«الأهلي المتحد» أو حتى حسب النموذج الذي كان مرتقباً مع «بوبيان»، ما يرجح فرضية الاكتفاء باستدخال حصة «الغانم التجارية» في دفاتره كشركة تابعة.

لكن هل يعفي هذا السيناريو «وربة» من تقديم عرض استحواذ ليشمل حصصاً أخرى أم سيكون مضطراً لذلك؟

وفقاً لقانون هيئة أسواق المال إذا استحوذ طرف على حصة تبدأ من 30 في المئة من رأسمال شركة أخرى عليه أن يقدم عرض استحواذ إلزامياً لبقية المساهمين بالقيمة نفسها، ما يعني نظرياً أنه سيكون على «وربة» تقديم عرض إلزامي لبقية مساهمي «الخليج» والذين يملكون نحو ثلثي رأسمال البنك، لكن هذا الرأي يحتاج إلى بحث أوسع، فعلى الطرف الآخر من هذا الرأي هناك من يدفع بعدم استحقاق تقديم «وربة» لعرض شراء إلزامي لبقية مساهمي «الخليج» على أساس أن «الغانم التجارية» شركة ذات مسؤولية محدودة، ومسار الصفقة يقتصر على شراء حصصها في «الخليج»، ما يعني نقل الملكية من دفاتر الشركة إلى «وربة»، وبالتالي سيكون التغير فقط اسمياً في هيكل كبار ملاك «الخليج».

وأشارت المصادر إلى أن تملك «الغانم التجارية» 32.75 في المئة في «الخليج» حتى الآن دون أن تطالبها الجهات الرقابية بتقديم عرض إلزامي لشراء بقية حصص مساهمي البنك، يعزز هذا الرأي ويرجح بقاء الوضع على ما هو عليه، لا سيما أن آخر تحديث لملكية «الغانم التجارية» في «الخليج» كان بتاريخ 21 أبريل 2020.

مجتمع الأعمال يتساءل؟

1 - هل «وربة» مُضّطر لتقديم عرض استحواذ إلزامي؟

2 - من أين ستموّل الصفقة وما حجم التسهيلات المطلوبة؟

3 - هل هناك حاجة لزيادة رأس المال مباشرة أو عبر طرح صكوك؟

4 - كيف سينقل البنك ملكية السيطرة من «الغانم» إلى دفاتره؟

5 - كيف سيدخل «وربة» مجلس إدارة «الخليج» وهو بنك إسلامي؟

«هيئة الأسواق»: تداولات «وربة»

خضعت للفحص... ولا شبهة مخالفات

أكدت هيئة أسواق المال على استفسارات في شأن التداول غير الاعتيادي على أسهم «وربة» خلال جلسة أمس بأن تداولات البنك كافة خضعت للفحص والمراجعة ولم يتبين وجود أي شبهة مخالفات متعلقة بتلك التداولات، علماً بأن المعلومات التي قام البنك المذكور بالإفصاح عنها تخضع أيضاً للمراجعة لتقييم مدى استيفائها للمعايير المحددة في هذا الخصوص.

كما أكدت الهيئة أن جميع التعاملات والإفصاحات في بورصة الكويت بشكل عام تخضع للرقابة والإجراءات المعتمدة لدى الهيئة أولاً بأول، وفي حال وجود أي شبه مخالفات لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها بشكل فوري.