سعد الرميحي... صوت الصحافة الخالد

29 ديسمبر 2024 09:29 م

وأنا أتابع البرامج الرياضية على تلفزيون الكويت المصاحبة لبطولة «خليجي زين 26»، لفت نظري برنامج «رواد الخليج» الذي يقدمه الإعلامي القدير محمد المسند، وحلقة تسلّط الضوء على الصحافة الرياضية الورقية في السابق وما وصلت إليه الآن إلكترونياً، وكان حديث القامة الإعلامية القطرية سعد الرميحي، يثلج صدر من عاش وترعرع على رائحة المطابع وملمس الورق. ففي زمنٍ يتهافت فيه العالم نحو الرقمية والسطحية، يبرز القدير سعد الرميحي، كواحدٍ من الرموز القليلة التي حافظت على جوهر الصحافة الورقية وقيمتها الأصيلة، عاشقٌ مهووس بكل حرفٍ يُكتب وبكل فكرةٍ تنبثق من خيالٍ حر، مؤمنٌ بأن الكلمة المطبوعة ليست مجرد وسيلة، بل هي إرثٌ خالد، يشبه أبناءه الذين تربى على حبهم ورعايتهم.

الرميحي الذي أفنى عمره في محراب الصحافة الورقية، كان صوتاً نقياً يعكس نبض المجتمع، ويُضفي عمقاً فكرياً على كل قضية يتناولها، مسيرته الطويلة كانت أشبه برحلةٍ شاقة عبر دروبٍ وعرة، حيث كانت الكلمات سلاحه، والورق ميدانه، والصدق شرفه الذي لم يفرّط فيه.

«بومحمد» في مجمل كلامه الذي لا يمل، لم يكن يرى الصحافة الورقية كمجرد مهنة، بل كان يراها امتداداً لروحه، كأنها جزءٌ من كيانه الذي لا يمكن التخلي عنه، عندما يتحدث عنها تتأجج في عينيه شرارة الحنين، يقول عنها إنها كأبنائه، يعانق صفحاتها كما يعانق ابنته، ترعرع معها، كبر برفقتها، وتعلّم من انكساراتها كما تعلّم من نجاحاتها.

لطالما آمن الرميحي، بأن للصحافة الورقية خصوصية لا يمكن أن تُمحى. في عصر التدوين السريع والأخبار الفورية، يرى أن الورق يحمل نوعاً من القدسية، لأنه يمنح القارئ فرصة للتأمل والتعمق، بعيداً عن الضجيج الذي تفرضه التقنيات الحديثة.

«بومحمد» الذي أعشق ظهوره الإعلامي ولم يأذن لي الحظ باللقاء به، ليس مجرد اسم في تاريخ الصحافة، بل هو رمزٌ للوفاء لعصرٍ ذهبيٍ من الحرف والكلمة، في عالمٍ يتغير بسرعة الضوء، يظل الرميحي مثالًا للثبات على المبادئ والإيمان بجوهر الصحافة، لتبقى سيرته شهادةً على أن الكلمة المطبوعة، وإن خفت بريقها في أعين البعض، ستظل دائماً تحمل نوراً لا ينطفئ في قلوب العاشقين للحقيقة.

نهاية المطاف: شكراً لكل الجهود المبذولة لانجاح بطولة «خليجي زين 26».