عبّر الشعب السوري عن بهجته وأفراحه في جميع أنحاء سورية بسقوط نظام الطاغية بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر، وقد تجمّع عشرات الألوف منهم في العاصمة دمشق في ساحة الأمويين التاريخية وفي يوم جمعة مباركة، في مهرجان مهيب أطلقوا عليه «مهرجان التحرير»، ليسجّلوا مشاعر فرحتهم أمام العالم بعودة الوطن إلى أحضانهم بعد أن اختطفته العائلة الأسدية نصف قرن من الزمان، وأحالته إلى ما يشبه الخراب.
اللافت للانتباه أنّ العَلم الذي رفعه الشعب السوري في المهرجان كان عَلم الاستقلال نفسه من المستعمر الفرنسي في 1946، ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، فقد أراد الشعب السوري أن يؤكد على أن عَلم الاستقلال المكوّن من اللون الأخضر وتحته الأبيض ذو الثلاثة نجوم حمراء، ثم الأسود إنما يعبّر عن الاستقلال الثاني للشعب السوري من احتلال فئوي عائلي مجرم دام خمسين عاماً، لا يختلف عن الاحتلال الفرنسي الأجنبي الذي دام 26 عاماً في سورية، بل تفوق على المستعمر الفرنسي بالطغيان والقتل والتشريد وتدمير المدن على مدى خمسين عاماً.
وكان لا بد من استبدال العَلم الذي استخدمه الطاغية الأسدي ذي اللون الأحمر في الأعلى والنجمتين الخضراوين في الوسط الأبيض ثم اللون الأسود، حتى لا يبقى أي أثر يرتبط بالأُسرة الأسدية الطاغية في سورية. وكما استبدل الشعب السوري العلم الأسدي، فقد قاموا بإزالة تمثال الطاغية حافظ الأسد، من المدينة الجامعية في العاصمة دمشق. كما أزالوا اسمه من جدار الجامع الأموي بدمشق، وكأنّ الطاغية العلماني الذي حارب الهوية الإسلامية للدولة السورية بلا هوادة، يتحدى مشاعر المسلمين، بوضع اسمه على جدار الجامع الأموي التاريخي متصوراً أن اسمه النكرة سوف يرفع من مكانة الجامع مع ما يتميز به من مكانة دينية في العالم الإسلامي، وقد بناه الخليفة الأموي السادس الوليد بن عبدالملك بن مروان، منذ 13 قرناً، وجعل منه آية في فن العمارة الإسلامية.
كما أزال السوريون صور الطاغية بشار، المنتشرة في أحياء دمشق والمدن السورية، التي لا معنى لها سوى التمادي في فرض وصايته على الشعب السوري. ومن المعلوم أن الابن الطاغية بشار، دمّر المئات من المساجد في سورية بالصواريخ والقصف المدفعي والبراميل المتفجرة بذريعة الحرب، ولم يستثنِ منها المساجد التاريخية، وطال قصفه مسجد خالد بن الوليد، رضي الله عنه، في حمص، ومسجد بني أمية، في حلب، والمسجد العمري، بدرعا الذي بناه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ما يدل على أن الطاغية كان يستهدف المساجد خصوصاً التاريخية، لمسح الخصوصية الإسلامية لسورية، لا يختلف في ذلك عما كان يمارسه الصرب من هدم مساجد المسلمين وبالأخص التاريخية في عدوانهم على دولة البوسنة والهرسك ذات الغالبية المسلمة.
عانت سورية سلسلة من الانقلابات العسكرية، كأن أولها انقلاب حسني الزعيم، في 1949، وآخرها انقلاب البعث في 1970 بزعامة الطاغية حافظ الأسد، الذي تولى رئاسة الدولة السورية، وأذاق الشعب السوري الويلات مع ابنه الطاغية بشار وعائلتهما على مدى نصف قرن. يقابله حزب البعث العراقي الذي احتل الكويت في عهد الطاغية صدام، وتم إخراجه بقوات دولية في ما يعرف بحرب تحرير الكويت في فبراير1991.
ويعتبر حزب البعث من أكثر الأحزاب العربية دموية واستبدادية، فلا عجب عندما يشاطر الشعب الكويتي أشقاءهم من الشعب السوري فرحتهم بالتخلص من الطاغية البعثي بشّار.