جمال الثورة ونجاحها هو التحول إلى فكر الدولة... القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام أحمد الشرع، فاجأ حتى أكثر المتشائمين والشامتين بسمو طرحه لحد الآن... قائد وضع مصلحة بلاده وشعبه نصب عينيه... لم تعد للشعارات الثورية مكان اليوم في بلد محطم اقتصادياً واجتماعياً ومالياً ونفسياً... لا مواجهة مع أي قوة خارجية في ظل ظروف بائسة فرضها نظام ديكتاتوري طبق على أنفاس الشعب أكثر من خمسين عاماً... اقتات على شعارات جوفاء أفقرت الشعب وضخّمت أرصدته.
أحمد الشرع، بطرحه وأفكاره يمثل الفارق بين العقل المستنير والعقل المتخلف لم يجنح إلى الثآرات بل إلى القانون... لم يدعُ إلى الإقصاء بل إلى مشاركة الجميع في بناء سورية الجديدة... سورية دولة محورية في العالم العربي واستقرارها ينعكس إيجاباً على الدول المجاورة بشكل خاص، وعلى الأمن القومي العربي بشكل عام...
من المبهج أن نرى قطار الوفود الرسمية العربية متوجهاً إلى سورية وعلى الجميع اللحاق بهذا القطار؛ لأنّ الانفتاح العربي على سورية يعزّز التوازن الإقليمي ويقلل من النفوذ الأجنبي... الانفتاح على سورية الجديدة يساهم في تقليل الفجوة الأمنية التي تستغلها الجماعات المتطرقة والقوى الإقليمية الساعية لتوسيع نفوذها... سورية اليوم تحتاج إلى دعم اقتصادي هائل لإعادة الإعمار ما يفتح الباب للدول العربية للاستفادة من هذه الفرصة عبر الاستثمار في البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية المختلفة، ما يعزّز العلاقات طويلة الأمد...
الانفتاح العربي لا يعني دعم النظام الجديد فحسب بل يشمل أيضاً كسب ود الشعب السوري الشقيق الذي عانى من الدمار والحروب ما يساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وخلق شراكة حقيقية بين الشعوب...
الانفتاح العربي على سورية الجديدة يساعد في بناء الثقة مع النظام الجديد ويدفعه إلى تبني سياسات أكثر اعتدالاً وانفتاحاً بعيداً عن الأجندات الأجنبية، لنا في الماضي القريب تجربة لا بد من الاستفادة منها وهي إدراك مخاطر التخلي عن الدول العربية لصالح قوى إقليمية أخرى.
دعم سورية اليوم يعكس فهماً إستراتيجياً لأهمية الحفاظ على المصالح العربية المشتركة ويمثل خطوة أساسية لتعزيز الاستقرار الإقليمي وبناء مستقبل أفضل للمنطقة.