على قدم وساق تتواصل المساعي الحكومية لإيجاد معالجات شاملة للأشخاص المسحوب منهم الجنسية الكويتية، مالياً أو إجرائياً، بما يضمن حقوقهم، مع مراعاة البعد الإنساني، وخصوصاً «المادة 8»، حث تعكف اللجان الوزارية على بحث واستشراف مختلف التصورات القانونية والإجرائية ذات العلاقة بكل جهة معنية.
وعلمت «الراي» أنه في هذا الإطار، تناول اجتماع حكومي هذا الملف حيث ضم مسؤولين من وزارات «العدل» و«الصحة» و«التعليم» و«التجارة والصناعة» وصندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك من بنك الائتمان والمؤسسة العامة للرعاية السكنية والمؤسسة العامة للتأمينات، إضافة إلى ممثل من البنوك، إذ ذكرت مصادر مطلعة أن العنوان العريض للبحث كان عبارة عن سؤال جامع مفاده: وفقاً للوائح والقوانين كيف سيتم التعامل مع المسحوبة جنسيته؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا الإطار، من الناحية الإنسانية خصوصاً، وتجاه زوجات الكويتيين (مادة 8) بشكل أكثر تحديداً، في ظل التوجه المرجح لمنحن جواز سفر مطابق للجواز الكويتي (الأزرق) مع تحديد الصفة في خانة الجنسية، وفق ما كانت أفادت مصادر حكومية «الراي».
وعملياً، لم يكن السؤال في هذا الخصوص باتجاه واحد، حيث قابلته، أسئلة متقاطعة من أكثر من جهة تحت سقف، ماذا نفعل مع الأشخاص المطلوبين وغير المطلوبين قانونياً وإجرائياً ومحاسبياً؟
حلول إنسانية
وأشارت المصادر إلى أن البحث استهدف وضع أجوبة شاملة ملحة على أسئلة شاغرة، وفقاً للتدابير الممكنة أو التي تحتاج لتعديل تشريعي، تقدمها استفسار من «العدل»، كيف نتعامل مع بيت المسحوب جنسيته الذي يملكه ذاتياً من ثروته الخاصة، ومن خارج إطار الأنظمة الإسكانية للدولة المعروفة بـ«بيت وقرض»، وثبت مستقبلاً أنه غير مطلوب للجهات المحددة رسمياً لمنحه براءة الذمة المشروطة لتعديل وضع الإقامة، وفي هذه الحالة هل يمنح مهلة توفيق أوضاع لبيع بيته، باعتباره لم يعدّ كويتياً ولا يحق له التملك؟ وإذا كان ذلك ممكناً هل يمنح مهلة تقليدية أم فترة مختلفة، باعتبار أن الحدث استثنائي، وهل يتم الزامه بآلية الدفع المطبقة للتحويل المالي، والتي تقتصر على الحساب البنكي أو شيك مصدق، أم نقبل بنقل الملكية دون الالتزام بوسيلة الدفع، أخذاً بالاعتبار أن بعض الحالات قد تشهد نقل ملكيات صورية من باب تنفيذ الإجراء وليس للبيع الفعلي؟
قضايا تعثّر
وعلى الجانب نفسه، كان بنك الائتمان حاضراً، وكان السؤال حول آلية التعامل في سداد الأقساط الإسكانية، وتحديداً مع الأشخاص الذين سحبت جنسياتهم لأسباب تتعلق بالتزوير، واستفادوا من منظومة «بيت وقرض»، ما يعني إنهاء خدماتهم ومن ثم وقف رواتبهم، وما إذا كان يتعين رفع قضايا تعثّر عليهم من الآن أم يجب الانتظار، وهل يتم البدء في إجراءت سحب البيت منهم من الآن أم لاحقاً؟ وماذا سنفعل بالفائض إذا وجد في حال كان الاستحقاق على الشخص أقل من سعر بيته إذا تقرر استرداده؟
وبالنسبة لـ«الرعاية السكنية» كان النقاش مفتوحاً حول ما إذا كان يتعين استرداد بيت المسحوب جنسيته فوراً، وكيفية التصرف في حال كان سكنه الوحيد ويعيش فيه كويتيون؟
وعلى الصعيد نفسه، أثير النقاش بخصوص كيفية التعامل مع الدعم الإنشائي المقدم من وزارة التجارة والصناعة، وكيفية المطالبة، وهل يقتصر دور الوزارة في حصر المشمولين بقرارات سحب الجنسية، أم سيكون عليها المطالبة وتحصيل ما منحت؟
فضلاً عن ذلك، تنامى السؤال حول كيفية تعامل مسؤول «التجارة» مع الشكاوى المقدمة لهم، وتتعلق بطلبات من مساهمين كانوا مسجلين في دفاتر شركات متنوعة على أنهم ملاك كويتيون، والآن يرغبون في تنفيذ إجراء تعديل في سجلات هذه الشركات يقضي بخروجهم من مساهماتهم، ودخول آخرين يتملّكون حصصهم، بعد أن سحبت جنسياتهم دون أن يقابل ذلك أي دفع مالي، وأن ذلك يشمل نساء منحت جنسياتهن وفقاً للمادة «8» ويرغبن في التخارج من ملكياتهن لصالح أبنائهن؟
ومن الملفات العالقة مع «التجارة»، تلك التي ترتبط بالمبادرين المسحوب جنسياتهم، والحاصلين على قروض من الصندوق الكويتي لتنمية ورعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والأمر نفسه ينسحب على المتعاملين مع البنك الصناعي، وكيفية التعامل قانونياً مع هذه الشريحة، وما إذا كان دعمهم المقرر سيستمر أم سيتوقف، وكذلك بخصوص التعامل قانونياً مع مشاريعهم القائمة وتحديداً التشغيلية، والموقف مع أقساطهم إذا كانوا متعثرين؟
وإلى ذلك، فتح النقاش تعليمياً وصحياً، ففي الحالة الأولى فرض السؤال حول أبناء الأشخاص المسحوبة جنسياتهم في حال كانوا مبتعثين في توقيت سحب الجنسية، وما إذا كان يتعين إلزامهم بالعودة الفورية من البعثة ووقف ابتعاثهم، والصرف المالي لهم، لاسيما إذا كانوا على أبواب التخرج أو في بداية الدراسة وهل يتم توثيق شهاداتهم قبل تعديل وضعهم؟ فيما امتد السؤال إلى إجراءات قبولهم دراسياً في جميع المراحل، وما إذا كانوا سيحسبون ضمن المواطنين أم المقيمين؟
وصحياً، طرح السؤال حول الخدمات التي يمكن أن تقدّمها «الصحة» في منافذها المختلفة للأشخاص المسحوب جنسياتهم، وما إذا كانوا سيعاملون محاسبياً بآلية معاملة غير محددي الجنسية، أم سيستمرون على الآلية نفسها التي يعامل بها الكويتي مالياً، أم ستكون لهم معاملة مختلفة، سواء في إجراء العمليات أو المعالجات الدائمة، وكذلك بالنسبة للأدوية المستمرة أو الموقتة غالية السعر؟
رواتب تقاعدية
وعلى صعيد «التأمينات»، كان التأكيد على أنه لا يمكن صرف أي معاشات تقاعدية لغير الكويتيين، باستثناء شريحة محددة من الخليجيين، وأنه أمام الواقع الجديد، لا تملك المؤسسة إلا وقف الاستقطاعات من الأشخاص المسحوبة جنسياتهم، وعدم منحهم أي رواتب تقاعدية مستقبلاً أو حالياً، بالنسبة للشريحة التي يصرف لها، علماً أنه جرى التأكيد على عدم أحقية هذه الشريحة قانونياً، استرداد أقساطها التأمينية، على أساس أنها منحت من غير صفة حقيقية، مقابل رواتب صرفت أيضاً من غير صفة حقيقية.
وبالنسبة لمن سحبت جنسياتهن (من زوجات الكويتيين والمطلقات والأرامل المقيمات في الكويت)، بناء على المادة الثامنة من قانون الجنسية، واللاتي سيبقين في وظائفهن وسيتقاضين رواتبهن ذاتها، والمتقاعدات من زوجات الكويتيين والمطلقات والأرامل المقيمات في الكويت المسحوب جنسياتهن، وفق المادة ذاتها التي تقرر لهن صرف رواتبهن التقاعدية، أفاد مسؤولو «التأمينات» بأنه وفقاً لقانون المؤسسة الحالي لا يمكن الصرف لهن أي معاشات كن يحصلن عليها قبل سحب جنسياتهن، وأنه لإعادة الصرف لهن ثمة حاجة لتعديل تشريعي بما يجيز الصرف التأميني لغير الكويتيين.
ولفتت المصادر إلى أن المعنيين ردوا على هذا الواقع بأنه جار العمل على معالجته قانونياً في أقرب وقت ممكن، وذلك من خلال إصدار تشريع قانوني يجيز ذلك.
المسار المصرفي
ومصرفياً، كان النقاش مفتوحاً مع البنوك حول ماذا يمكن أن تفعله مع الأشخاص المعنيين، تحديداً الموقوف رواتبهم أو الذين لديهم ثروات مودعة، حيث جرى التأكيد من حيث المبدأ على أن البنوك ملتزمة بقرار حظر حسابات المسحوب جنسياتهم وفقاً لقرار مجلس الوزراء، وأنه لا يسمح مصرفياً بالسحب منها إلا في حالات السداد لأقساط البنك الحاضن للرصيد ولدفع مستحقات الجهات الحكومية، فيما تمت الإشارة إلى هناك إشكاليات طرأت الفترة الأخيرة أمام البنوك في هذا الخصوص، أبرزها كيفية التعامل مع الشخص المخول بالتوقيع إذا سحبت جنسيته؟ أخذاً بالاعتبار أن المفوض بالتوقيع شخص يدير حساب شركة، وليس لديه حساب شخصي في البنك، ما يصعب ربط بياناته آلياً بمجرد سحب جنسيته، كما أن هناك مخاوف من أن يترتب على تجميد توقيعه التأثير على مراكز الشركة مالياً وقانونياً.
إضافة إلى ذلك طرح السؤال مصرفياً حول التعامل القانوني والمحاسبي مع العملاء المتعثرين من المسحوب جنسياتهم، بحكم توقف رواتبهم، وما إذا كان يتعيّن معاملتهم معاملة العميل العادي الذي يحال قضائياً، وفقاً للتقليد المصرفي الدارج، بعد توقفه عن سداد أقساطه 3 أشهر متتالية، أم يمنح معالجة محاسبية مختلفة تستوجب تعديلاً من الناظم الرقابي، على أن يشمل ذلك وضع أسس تحدد كيفية معالجة المخصصات التي يتعين بناؤها في دفاتر البنوك أمام العملاء المقترضين من هذا النطاق؟
ولفتت المصادر إلى أنه جرى خلال الاجتماع الاتفاق على أن تعدّ كل جهة تقريراً تفصيلياً ترفعه إلى الحكومية، على أن تفيد من خلاله بمرئياتها بما يمكن أن تفعله مع المسحوب جنسيته، وما تحتاجه لتنفيذ التوجيهات الحكومية إذا حملت استثناء يخالف المطبق حالياً، دون أن تصطدم بالمصدات الملزمة لها قانونياً وإجرائياً، مع التأكيد على ضرورة إيجاد معالجات إنسانية للحالات المستحقة وخصوصاً زوجات الكويتيين (المادة 8).
إجراءات خاصة... لحالات التزوير
شددت المصادر على أن التسهيلات الإنسانية التي يجري العمل على بحث إجراءاتها تخص الحالات المستحقة فقط، مؤكدة أن حالات سحب الجنسية بسبب التزوير والغش يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنها وفق ما ينص عليه القانون والقرارات، ومن ضمنها الإحالة على النيابة وغيرها من إجراءات قانونية متبعة.